IMLebanon

ضجّة في غير مكانها: موتورات وانترنت… ناس بسمنة وناس بزيت

تقرير وكالة “اخبار اليوم”

قامت الدنيا ولم تقعد على خلفية إعطاء إذن تنفيذ لشركة “غلوبال داتا سرفيسز” من أجل تنفيذ الترابط والمرور باستخدام الشبكة المحلية العائدة لوزارة الإتصالات. إنما في الواقع ما دخلت السياسة قضية إلا وأفسدتها، حيث أن شدّ الحبال الإنتخابية، ويضاف الى ذلك، وضع مدير عام أوجيرو السابق عبد المنعم يوسف خارج لعبة الاتصالات في لبنان.

 وهذا التجاذب السياسي وجد مَن يغذيه عبر وسائل الإعلام من خلال استغلال ملف، لم يبصر النور بعد، وفي الوقت عينه يستند الى تنفيذ مراسيم صادرة عن الحكومات المتعاقبة منذ العام 1996، والتي لم يتم إلغاؤها أو تعديلها، علماً ان وزراء من اتجاهات مختلفة تعاقبوا على حقيبة الاتصالات وكلهم على إطلاع تام على ما تضمّنته هذه المراسيم.

العمل على إصدار قرار إذن التنفيذ ليس ابن ساعته، بل هو ثمرة حركة قامت بها شركة GDS مع وزير الاتصالات جمال الجراح، وفريق عمله استمرت لأكثر من شهرين، حيث تركّز النقاش على ماهية الأعمال التي تقوم بها الشركة والمبالغ المتوجّبة عليها والشروط.

 وبحسب مصادر مطلعة، فإن الوزير الجراح كان ينوي الإعلان عن الأمر، ولكن ليس الآن، حين يتم الإقتراب من مرحلة وصل أول مشترك الى شبكة “الألياف الضوئية”، فيعقد لهذه الغاية مؤتمراً صحافياً بعنوان “فعلنا” وليس سنفعل.

 لكن البعض أراد “إفتعال فضيحة”، مستنداً على واقع غير موجود، ولغايات معروفة.

 وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر أن قرار إذن التنفيذ المعطى لـ “GDS” ليس بدعة لبنانية او اختراعاً محليا، بل هو Standard agreement في عالم الاتصالات ومعمول به في دول العالم.

وقبل الغوص في تفاصيل “إذن التنفيذ”، لا بدّ من المقارنة ما بين واقع مولدات الكهرباء التي يعمد أصحابها على مدّ كابلات على الأعمدة التابعة للدولة دون دفع أي رسوم، وكذلك يحصل مع إمدادات الدش. أما في المقابل، فإن حق المرور والترابط سيتم وفق سعر محدّد على كل كيلومتر.

وتفيد المصادر أنه وفقاً للقانون والمراسيم تحدّد وزارة الاتصالات إطار وشروط تنفيذ المراسيم لناحية تخصيص حيز الترددات “Frequencies” أو من ناحية شروط استخدام شبكة الوزارة لتقديم الخدمات عبر تقنية الـ DSL، وحق المرور والترابط على شبكة الوزارة. وبالتالي فإن التراخيص المعطاة للشركة لم يمنحها أي إمتياز او إحتكار كون مجلس الوزراء قد أصدر في حينه مراسيم مماثلة لشركات عدة تُعرف باسم شركات الـ DSL (أو شركات نقل المعلومات) وهي إضافة الى شركة GDS الشركات التالية: Pesco Telecom وCedarcom وCableOne وWaves وTrisat وفي ما يختص بخدمة الـ DSL شركة Sodetel. وتقدّم هذه الشركات خدمات نقل المعلومات وهي خدمات أساسية للإقتصاد اللبناني وتتم تحت الإشراف الكامل لوزارة الاتصالات.

وهنا أوضحت المصادر أنه بالنسبة لحق المرور والترابط، كانت شركة GDS الوحيدة من بين الشركات المذكورة أعلاه التي تقدمت بطلب سنة 2000 للحصول على الترخيص بهذا الشأن وقد منح لها من قبل مجلس الوزراء في 25/10/2000 بالمرسوم رقم 4328. وإن المرسوم المذكور لا يمنحها بالطبع أي إمتياز أو أي إحتكار وإن سياسة الوزارة كانت ولا تزال تحفيذ التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص لتحسين خدمات الاتصالات، والمعلوم أن الوزارة تنظر بايجابية الى إعطاء باقي شركات الـ DSP ترخيص مماثل إن هي طلبت ذلك.

         وأكدت المصادر ان قرار الوزير الجراح رقم 365/1 الصادر أخيراً أتى حسب الصلاحية المعطاة له بالقانون وبالمرسوم 4328 الصادر عن مجلس الوزراء، وهو حدّد الإطار والشروط العملية لتنفيذ حق المرور والترابط تحت الإشراف التام والدائم لوزارة الاتصالات، وعلى نفقة الشركة الكاملة، إذ ورد بوضوح في أول القرار ما حرفيته: “دون تحميل الوزارة أية كلفة”.

         وأوضحت أن قرار الوزير الجراح يعني ان الدولة لا تتحمل أية كلفة على الإطلاق بل تتقاضى مبلغا سنوياً محدداً بموجب المراسيم النافذة عن كل متر من حق المرور، كما تتقاضى 20% من فواتير المشتركين الذين سيزيد استعمالهم للخدمة تبعاً لتحسن سرعة الإنترنت بفضل تمديد شركة GDS الألياف البصرية، وبالتالي تزداد مداخيل الدولة، وتتحسّن الخدمة التي لطالما طالب بها المواطنون فيتبين من ما ورد أعلان ان لا كلفة على الدولة، وبالتالي لا معنى لأي مناقصة، ولا إمتياز لشركة GDS ولا إحتكار لها بمفردها، فلا يكون مجال لأية مزايدة، بل تمديد ألياف بصرية يمكن ان تقوم بها أي شركة على نفقتها لقاء تقاضي الدولة حقوقها عن حق المرور والترابط وعن حصّتها من فاتورة المشتركين.

         وشدّدت المصادر على أن هذه الخطوة تندرج ضمن سياسة الحكومة للنهوض بقطاع الاتصالات بالتعاون التام والكامل بين القطاعين الخاص والعام للتوصّل أخيراً بعد طول انتظار الى إعطاء المواطنين خدمة إنترنت بالسرعة والجودة التي ترقى بالمجتمعات المتطورة وبأسعار مدروسة جداً.

على صعيد آخر، لا بدّ من الإشارة الى أن شركة GDS التي تعمل في قطاع الاتصالات منذ ما قبل ولادة الانترنت في لبنان (حيث انطلق عملها في العام 1986) وهي لطالما إلتزمت القانون وطبّقت حذافيره.

 وللتذكير، فإن شركة “غلوبالكوم داتا سرفيسز GDS” (وكان اسمها داتاسات سابقاً Datasat) حائزة منذ عام 1997 على مراسيم من مجلس الوزراء حسب الأصول والقوانين المرعية الإجراء ترخّص لها تقديم خدمات نقل المعلومات على الأراضي اللبنانية عبر إقامة وإدارة شبكة لاسلكية خاصة بها وعبر حق المرور والترابط عبر الشبكة المحلية التابعة للوزارة وعبر استعمال شبكة الوزارة لتقديم خدمة عبر تقنية الـ DSL، وبالتالي فإن الشركة تقدّم خدمات حيوية للإقتصاد اللبناني ولا سيما للمصارف والمؤسسات المالية والتربوية والتجارية والمؤسسات العامة والخاصة الكبرى، كما وتقدّم خدمات أساسية للمشتركين الأفراد عبر شركات الإنترنت المرخّصة.

  مع العلم أنها تدفع للوزارة 20% من فواتير المشتركين إضافة الى الرسوم المتوجبة على استخدامها الشبكة المحلية العائدة للوزارة وذلك وفقاً لمراسيم التعرفة ذات الصلة.

 على اي حال، فإن الحكم يكون على الأفعال، وشركة GDS، بعد تنفيذ مدّ الألياف الضوئية ستخلق نقلة نوعية وعبارة “الإنترنت بطيء” ستصبح من الماضي، مع بداية العام المقبل.

كما أن الوزير الجراح أراد العمل لمصلحة المواطن وليس لأي مصالح أخرى.

 وباختصار القرار يشبه تأجير “مسالك الدولة وفق شروطها”.