IMLebanon

دفنّا روي… من التالي؟ (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

الأسبوع الماضي ودّعنا روي حاموش. بكيناه. خفنا على مستقبلنا ومستقبل أولادنا. البعض تحرّك بشكل خجول، والأكثرية اكتفت باعتراضات فايسبوكية وتويترية ليس أكثر!

هكذا دفنّا روي كما دفنّا قبله سارة وإليان ومارسيلينو وصبحي ونديمة والعشرات غيرهم. وها نحن نكمل حياتنا بانتظار ضحية جديدة وجثة جديدة.

قد يكون أسوأ ما جرى أن البعض حاول تطييف الجريمة. ثمة من وضعها بشكل غبي في إطار “شيعي قتل مسيحياً”، مع العلم أن في اليوم التالي سُنّة قتلوا سنيّين في عكار في خلاف على أفضلية مرور، وقبلها في طرابلس قُتل سنّي على خلفية خوّة، وقبلها في بعلشميه قُتل شيخ درزي على يد درزي، إيف نوفل المسيحي قتله مسيحي في فاريا، كما أن سارة سليمان لم تكن مسيحية وقتلها شيعي، مع أنها كانت الأكثر مسيحية في العمق يوم وهبت الحياة لـ5 أشخاص بوهبها أعضائها!

بربّكم كفّوا عن تطييف هذه الجرائم. الزعران لا طائفة لهم، وهم موجودون في كل المناطق وهم من كل الطوائف. الإشكالية الأساس تكمن في انحلال الدولة وفقدان هيبتها. كما أن الإشكال هو في وجود زعماء وسياسيين من كل الطوائف يغطون الزعران حولهم ويؤمنون لهم الحماية.

ولن ننسى أن جوهر المشكلة ينطلق من وجود دويلة داخل الدولة، وأن الدولة تسمح مرغمة بوجود سلاح خارج مؤسساتها، ما يقوّض هيبتها ويمنعها من فرض القانون بحزم ومساواة على الجميع وفي كل المناطق اللبنانية من دون استثناء.

يكفي للدلالة على ما نقول أن القوى الأمنية، وبحسب التسريبات الرسمية، انتظرت قاتل روي حاموش، المدعو محمد الأحمر، ليخرج من الضاحية باتجاه برج حمود لتقبض عليه، لأن أي عملية أمنية في الضاحية للقبض عليه تكاد تكون شبه مستحيلة. ولن ننسى كيف أن قاتل سارة سليمان هرب إلى بريتال حيث اعتقاله مستحيل، رغم أن بريتال تقع نظرياً ضمن الـ10452 كيلومترا، كما أننا لن ننسى كيف أن خاطفي سعد ريشا موجودون في بريتال ولم يعتقلهم أحد حتى اليوم.

الخلاصة هي أن لا حلّ إلا بالأمن الاستباقي، أو ما يُعرف بـ”الأمن الوقائي”. فمن غير المقبول أن تجري مطاردة وجريمة على الأوتوستراد الساحلي بين المتن وبيروت، في غياب كامل للقوى الأمنية، بل يجب أن تتواجد نقاط مراقبة ودوريات دائمة على طول الأوتوستراد، تماما كما يجب إبقاء الدوريات طوال الليل قرب أماكن السهر في المدن الكبرى والأماكن السياحية، تماما كما في جونية والكسليك وجبيل والبترون وطرابلس وزحلة وغيرها. فمن غير المقبول أن تشهد منطقة الكسليك عمليات إطلاق نار متكررة أمام أماكن السهر من دون أن تتولى القوى الأمنية تسيير دوريا دائمة هناك!

بطبيعة الحال لسنا في معرض “التشاطر” على القوى الأمنية والمسؤولين الذين يُفترض أن يعرفوا واجباتهم، لكن بات جلياً أن التقاعس هو سيّد الموقف، في حين يسقط الضحايا تباعاً من دون أي رادع. ومع كامل احترامنا لبعض الإنجازات باعتقال بعض المجرمين كما في حال قتلة روي حاموش، فإن المطلوب أولاً وقبل كل شيء هو استباق أي جريمة ومنعها عبر الإجراءات المشددة.

إذا كان القرار السياسي والأمني غير متوفر حاليا لحصر السلاح بيد الدولة لأكثر من سبب، فعلى الأقل لتتحمّل الأجهزة الأمنية والمشرفون عنها أمنيا وسياسيا مسؤولية اتخاذ الإجراءات الوقائية الرادعة لكل الزعران أيا يكن انتماؤهم، رأفة بشبابنا وبقلوب أمهاتنا، وحرصاً على الحد الأدنى من الأمن والأمان في بلد بات فيه معدل سقوط الضحايا يوميا بسبب “الزعرنات” يفوق عدد الضحايا الذين كانوا يسقطون في أيام الحرب الأهلية. فهل من يسمع ويبادر قبل أن تسقط الضحية التالية؟