IMLebanon

الحريري رداً على نصرالله: كلامه لا يعبّر عن موقف الدولة اللبنانية!

ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري على كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخير، من دون أن يسميه، مؤكداً أنّه “كلام لا يعبّر عن موقف الدولة اللبنانية، وأنّ الشعب اللبناني قادر على أن يحمي أرضه بنفسه من أيّ عدوان إسرائيلي، ولا يحتاج لأيّ قوى خارجية ولأيّ ميليشيات مهما كانت جنسيتها”.

الحريري، وخلال حفل تخريج طلاب الجامعة الأنطونية في بعبدا، قال: “الانتخابات قادمة، واللبنانيون واللبنانيات سيقولون بوضوح ما إذا كانوا يريدون أن يستوردوا معرفة ومهارات، ويصدّروا حلولاً وخدمات ومنتجات، أو كما يهدّد البعض في هذه الأيام، أن يستورد حرساً ثورياً وميليشيات”!

ولفت الى أنّ التوافق مستمر ويفتح الطريق لخطوات متسارعة لتفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب وكل مؤسسات الدولة.

وقال الحريري: تحية لأبطال الجيش الذين قاموا بعملية ناجحة بمحيط عرسال، مضيفاً: مهمتي الأولى في رئاسة الحكومة هي إيجاد فرص العمل للشباب اللبناني وذلك يتحقق بالنمو الاقتصادي وشرطه الاول الاستقرار.

وتابع: نأخذ كل يوم قرارات تحمي الاستقرار كان أولها انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون وآخرها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات.

وتوجه الحريري الى الطلاب قائلاً: أنتم رأسمالنا البشري ونفطنا الحقيقي. ولكن لنستخرجه يجب أن نطابقه مع حاجات السوق. بلدنا سينتج حلولاً للمنطقة والعالم وسيستورد معرفة ومهارات وسيصدر خدمات ومنتجات.

نصّ الكلمة كاملاً

بدايةً، أود أن أوجه باسمي وباسمكم جميعاً تحيّة لأبطال الجيش اللبناني الذين قاموا بعملية ناجحة في محيط بلدة عرسال. وندعو الله أن يشفي جرحانا ويحمي أهلنا في عرسال وكل لبنان.

أحبائي الخرّيجين والخرّيجات،

فرحتنا كبيرة اليوم، أمام هذا المشهد الرائع، مشهدكم الذي يشبه الأفق الواعد، مجموعة من شباب وشابات لبنان المنطلقون نحو ميدان الحياة، حاملين معهم الأخلاق والعلم والاختصاص، من جامعة تنتمي لرهبانية عريقة أعطتكم بلا حساب، لتفتح أمامكم أبواب المعرفة والتواصل والانفتاح والفرص التي لا حدود لها.

فرح هذا النهار هو فرحكم وفرح أهلكم وفرح أساتذتكم، وبصراحة هو أيضا فرحي بأحلامكم، التي تذكرني بأحلامي أنا، يوم كنت مثلكم أتخرّج من الجامعة. طبعاً، القدر كانت لديه مشاريع أخرى، واختلطت المأساة الشخصية بالمصير الوطني وصرت في موقع مسؤولية، لا علاقة له بأحلامي يوم التخرّج.

ولكن اليوم، كما قبل أسبوعين حين حضرت تخرّج ابني حسام من المدرسة، أشعر نفسي مجددا بفضلكم جالسا بينكم أحلم. لأن الأوطان لا يصنعها المسؤولون. على كل حال، لا يصنعونها وحدهم. الأوطان تصنعها المجتمعات، قبل كل شيء. تصنعونها أنتم المواطنون، بالمبادرات الفردية والجماعية، وهذا ما يحدث الفرق، كل الفرق، بين الأنظمة الحرّة وغيرها، بين الانتماء للعصر والانتماء للماضي.

نحن اللبنانيين، منذ أجيال وأجيال، نشأنا مع الحرية. ولبنان لا يستطيع إلا أن يكون حرّا. هذا من الأمور التي جميعنا، من دون استثناء، متفقون عليها. لكن الشاب اللبناني والشابة اللبنانية لا يكونان حرَين إذا كان أوّل ما يفكّران به يوم التخرّج، هو كيف سنخرج من بلدنا لنحقق أحلامنا ولنضمن مستقبلنا.

أهلكم لا يكونون أحرارا، إذا كان بعد كل التعب والسهر والتضحيات، ليوصلوكم إلى هذا اليوم، ليست لديهم إلا كلمة واحدة على لسانهم: “شو بدّو يبقى يعمل هون، خلّيه يسافر!”. أليس هذا ما نسمعه كل يوم؟ لذلك، ولكي نكون فعلاً أحرارا في بلد حرّ فعلاً، أعتبر أن مهمّتي الأولى في رئاسة الحكومة هي إيجاد فرص العمل للشباب اللبناني، وذلك لن يتحقّق إلا بالنموّ الاقتصادي، وشرطه الأوّل: الاستقرار.

صحيح أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يقول أن لبنان ليس فندقا خمس نجوم، إن لم تعجبنا الخدمة فيه نوضب حقائبنا ونهاجر، ولكن مسؤوليتنا جميعاً هي أن نحافظ على الاستقرار. وقد كان واضحا أن الاستقرار في خطر حين كنا نعيش في فراغ رئاسي، وكان أوّل قرار اتخذته: انتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون، لإنقاذ البلد من هذا الخطر. ومنذ ذلك الحين والحمد الله، نأخذ كل يوم قرارات تحمي الاستقرار، وكان آخرها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات. وأنا أؤكد لكم أن هذا التوافق مستمرّ ويفتح الطريق لخطوات متسارعة سترونها قريباً لتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وكل مؤسسات الدولة لتدعيم الاستقرار وتحريك عجلة النموّ. هذه مسؤوليتنا ونحن سائرون فيها بإذن الله.

ولكن بما أنكم تتخرجون اليوم، أي أنكم تدخلون إلى مرحلة الحياة الراشدة والمنتجة، وتصبحون أسياد قراركم بالكامل، دعوني أحدثكم قليلا عن مسؤوليتكم أنتم. نحن في عالم يتغيّر بسرعة رهيبة. قبل شهر، سمعت خطاب مؤسس فايسبوك في حفل تخرّج، مثل حفل اليوم، في جامعة هارفارد. وملخّصه أن التكنولوجيا ستلغي ملايين الوظائف بالمكننة في هذا الجيل، ولكنها تفتح المجال لملايين الوظائف الجديدة، شرط أن يطوّر هذا الجيل، أي جيلكم، الأفكار التي لا تهبط بالباراشوت، إنّما تخرج بالعمل والجهد والابتكار والمثابرة.

وكذلك، يتفق كل الأخصّائيين أن الاقتصاد الجديد، اقتصاد المعرفة، سيكون باب النجاح فيه للأفراد والمجتمعات هو القدرة على التأقلم والابتكار والمثابرة. أليست هذه الأمور، التأقلم والابتكار والمثابرة، أوّل ما يتبادر إلى الذهن حين نقول: لبنان؟ أو لبناني أو لبنانية؟ أي أن كل الشروط متوفّرة لكم كخريجين ولنا كمجتمع وكبلد لنحقق النجاح بهذا الاقتصاد الجديد.

نحن لدينا 47 جامعة ومعهد جامعي، تضم حالياً حوالي 200 ألف طالب وطالبة، يتخرّج منهم 30 ألف سنويّاً. أنتم رأسمالنا البشري، أنتم نفطنا الحقيقي! ولكن لنستخرجه ونستفيد منه، يجب أن نطابقه مع حاجات السوق، حاجات الاقتصاد الجديد.

قبل مدّة، زارني وزير التعليم العالي السويسري، وقال لي أن لديه سبعة أولاد، خمسة منهم اختاروا التخصّص التقني، واثنان فقط اختاروا التخصّص الجامعي التقليدي. وقال لي بكل فخر أن هذا هو المعدّل في سويسرا: 30 بالمئة فقط يتوجهون إلى التعليم الجامعي، والباقي تقني!

هذه سويسرا، أي أعلى دخل فردي في العالم! وهذا النموذج أيضا هو نفسه في ألمانيا، التي يصل فيها خريجو التعليم التقني إلى قيادة أكبر الشركات وأعلى مراكز المسؤولية. مسؤوليتنا أن نؤمن الاستقرار ونحرك الاقتصاد، ومسؤوليتكم أن تتأقلموا مع الاقتصاد الجديد وتحوّلوا كل ما اكتسبتموه حتى اليوم إلى أفكار وجهد وابتكار وإبداع.

وأنا ليس لدي شكّ في أنكم ستكونون جيل النجاح، وأن بلدنا سينتج حلولا للمنطقة والعالم، وسيستورد معرفة ومهارات، وسيصدر خدمات ومنتجات، وليس عقولا، وليس خرّيجين وخرّيجات!

وعلى كل حال، الانتخابات قادمة، واللبنانيون واللبنانيات سيقولون بوضوح إذا كان هذا ما يريدونه، أن يستوردوا معرفة ومهارات، ويصدّروا حلولا وخدمات ومنتجات، أو كما يهدد البعض في هذه الأيام، أن يستورد حرسا ثوريا وميليشيات!

في كل الأحوال، هذا كلام لا يعبّر عن موقف الدولة اللبنانية، والشعب اللبناني قادر على أن يحمي أرضه بنفسه من أي عدوان إسرائيلي، ولا يحتاج لأيّ قوى خارجية ولأي ميليشيات مهما كانت جنسيتها.

عشتم، عاشت الجامعة الأنطونية، وعاش لبنان.