IMLebanon

أجندة “حزب الله” تُسابِق زيارة الحريري إلى واشنطن

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

بدا من الصعب في بيروت فصْل اندفاعة «حزب الله» على جبهتيْ عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وإنهاء ملف جرود عرسال عسكرياً، عن استعدادات رئيس الحكومة سعد الحريري لزيارة واشنطن في 22 الجاري حيث سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ورغم أن إصدار «حزب الله» أمْر عملياته في قضيتيْ النازحين وجرود عرسال، وما بينهما من إصراره على إحياء التنسيق بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري، يرتبط بـ «سلّة أهداف» ذات صلة بـ «سورية الجديدة» التي يجري تَسابُق بين القوى الاقليمية والدولية على حجْز «مناطق نفوذ» فيها والتي يُفترض أن تكون «خطوط الأمان» و«خطوط التماس» فيها تَحدّدتْ بعناوينها العريضة خلال «اللقاء الرائع» بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن أوساطاً سياسية مطّلعة في بيروت ترى أن خطوة «حزب الله» لا يمكن عزْل ارتداداتها عن الزيارة البالغة الأهمية التي سيقوم بها الحريري لواشنطن.

وتعتبر هذه الأوساط عبر «الراي» أن من الصعوبة بمكان عدم استحضار «التجربة السيئة» للحريري ومسيرته السياسية في 12 كانون الثاني 2011 حين عمد «حزب الله»، ما إن همّ رئيس الحكومة بدخول البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما آنذاك، إلى تنفيذ «انقلاب» سياسي بإسقاط حكومته عبر استقالة وزراء «8 آذار»، في سياق تكريس «دفْن» مبادرة «السين – سين» آنذاك (السعودية – سورية) حيال الوضع اللبناني استباقاً لصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ورغم ان الإطاحة بحكومة الحريري في 2017 غير واردة ولا مطروحة في ظلّ تسليم كل أفرقاء الداخل بالتزام مقتضيات التسوية السياسية التي أنهت اواخر تشرين الاول 2016 الفراغ الرئاسي وأعادتْ زعيم «تيار المستقبل» الى رئاسة الحكومة، إلا أن الأوساط المطّلعة ترى أن الحريري سيدخل بعد أسبوعين البيت الأبيض مثقلاً بوقائع مُرْبكة للسلطة السياسية وحكومته، أبرزها:

* أن «حزب الله» وبعدما أوصل مرشّحه للرئاسة (العماد ميشال عون) ثم أوصل الجميع الى «اللعب في ملعب النسبية الكاملة» في قانون الانتخاب، وجّه من خلال الدفْع بملف النازحين وجرود عرسال رسالة مباشرة للداخل والخارج بأنه هو الذي يحدّد الأولويات الاستراتيجية للأجندة الداخلية، ويترك للآخرين «اللحاق» بها من باب النقاش بكيفية بلوغها.

وفي رأي هذه الأوساط انه بعد تهديد «حزب الله» باستقدام مئات آلاف المقاتلين من الميليشيات الشيعية التي تحارب ضمن «محور المقاومة» في المنطقة بحال أي عدوان إسرائيلي على لبنان وما عناه ذلك من أن «حلقة الوصل» مع البحر المتوسط في «هلال النفوذ» المترامي عبر العراق وسورية باتت «مضمونة» لإيران، نجح بملف النازحين وبصرف النظر عن مراميه، في جعل كل أطراف الداخل يجارونه، ولو كلّ من زاوية مختلفة، في تحويل هذا الملف أولوية مع خلافٍ حول آلية تحقيق هذا «الهدف»، أي عبر التنسيق مع النظام السوري أو بقرار سيادي لبناني يتعاون فيه مع الأمم المتحدة.

وتشير الأوساط نفسها الى أنه بملف جرود عرسال نجح «حزب الله» أيضاً في جعل معركة جرودها «حتميةً» سلّم بها الجميع في الداخل بعد ربْط مخيمات النازحين في البلدة بالإرهاب، ووسط مجاهرة الحزب إعلامياً عبر صحف قريبة منه بأنه حدّد ساعة الصفر لـ «عملية الجرود» التي سيقودها، ليلاقيه الجيش السوري بغارات أمس على المجموعات المسلّحة فيها، وسط التعاطي مع حضور الجيش اللبناني على أنه «خطّ دفاع» لمنْع تسلل المقاتلين الى داخل عرسال.

وإذا كانت هذه الإشارات «النافرة» سترافق الحريري إلى البيت الأبيض حيث سيحضر ملف العقوبات الأميركية الجديدة على «حزب الله» وحلفاء له والتي تستعدّ لتشقّ طريقها عبر الكونغرس، الى جانب ملفّ النازحين، فإن جانباً آخر سيُثقل محادثات رئيس الحكومة ويتّصل بمسألتيْن «اهتزّت» معهما صورة الجيش اللبناني (سيرافق قائده العماد جوزف عون الرئيس الحريري): الاولى الجولة التي قام بها 150 تلميذ ضابط من الكلية الحربية في «معلم مليتا للسياحة الجهادية» الذي أنشأه «حزب الله» في الجنوب.

والثاني التفاعلات المستمرّة لمقتل 4 سوريين من بين نحو 350 أوقفهم الجيش اللبناني خلال عملية الدهم الأخيرة في مخيمات عرسال قبل 9 ايام، وسط استمرار قوى سياسية وناشطين حقوقيين وعلى مواقع التواصل في رسْم علامات استفهام حول ظروف وفاتهم، من خارج الرواية الرسمية للجيش عن أمراض مزمنة تفاعلت «بسبب الظروف المناخية».

وفيما قفز الى الواجهة إعلان محامية عن ذوي السوريين الاربعة ان القضاء العسكري اعترض وصول عيناتٍ من جثث المتوفّين كان سمح بأخذها قاضي العجلة في زحلة الى مستشفى اوتيل ديو حيث تسلّمتْها هناك مخابرات الجيش، (أكدت مصادر عسكرية ان أخذ العينات كان مخالفاً لقرار النيابة العامة العسكرية)، تحوّلت المطالبة بتحقيق في ملابسات مقتل الاربعة «كرة ثلج». فبعد الحريري وحزب النائب وليد جنبلاط، برز موقف للنائب عقاب صقر (من كتلة الحريري) أعرب فيه عن اعتقاده أن هناك خطأ حصل من الجيش اللبناني في عرسال «يتحمل مسؤوليته من قام به أفراد أو ضباطاً، وليس الجيش»، داعياً إلى ان يكون هناك تحقيق شفاف مستقل للوصول إلى الحقيقة، ومعلناً إن «تغطية الحقيقة عار على الجيش اللبناني»، ومعتبراً أن «الحديث عن التقديس والمقدسات لا يسير بلبنان، وثقافة عبَدَة (الرينجر) شبعنا منها أيام الوجود السوري ولا نقبل أن تكون في لبنان».