IMLebanon

عرسال وجرودها إلى المعركة… في أقل من أسبوع

كتب وسام أبو حرفوش في صحيفة “الراي” الكويتية:

تحبس بيروت أنفاسها مع العدّ التنازلي لمعركة عرسال وجرودها، على الحدود الشرقية المتاخمة لسورية، وسط معلومات خاصة لـ «الراي» عن أن «الساعة الصفر» للهجوم الذي أعدّ له «حزب الله» والجيش السوري، وبـ «مواكبةِ» الجيش اللبناني لقفْل آخر «دفرسوار» على الحدود الشرقية والشمالية بين لبنان وسورية، ستكون في أقل من أسبوع.

وبدا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في كلامه أوّل من امس عن عرسال وجرودها كمَن يطلق «الرصاصة الأولى» لعمليةٍ عسكرية، يُتوقّع أن تأخذ شكل «الكمّاشة» للإجهازِ على جيوبٍ محاصَرة لمجموعاتٍ من «داعش» و«النصرة» في الجرود الوعرة، وهي العملية التي كانت انفردت «الراي» في 20 ايار الماضي، في الكشف عن أنها ستنطلق بعد عيد الفطر.

وسادت أمس أجواء من القلق في بلدة عرسال التي تؤوي نحو مئة ألف نازح سوري، يتوزعون على 110 مخيمات، إضافة الى 40 ألفا من سكانها، نتيجة الخشية من مضاعفاتٍ عسكرية وانسانية واجتماعية للمعركة المرتقَبة في غضون الساعات المقبلة.

وعكَسَ «شهود عيان» لـ «الراي» أجواء التوتر الذي تعيشه عرسال، رغم إبلاغنا انه جرى تشكيل لجنة طوارئ من البلدية ومفوضية اللاجئين لتَدارُك أيّ ارتداداتٍ للمعركة العسكرية على عرسال وساكنيها من لبنانيين ونازحين سوريين، خصوصاً اذا استغرقت المعركة وقتاً طويلاً.

وعبّرت أوساطٌ معنية من داخل عرسال لـ «الراي» عن مصدريْن للقلق الذي يساور البلدة وفاعاليتها، هما:

التوجّس من تَمدُّد المواجهة العسكرية إلى داخل عرسال عيْنها عبر انكفاء المسلّحين تحت وطأة الهجوم عليهم ونجاحهم في خرق دفاعات الجيش اللبناني، وخصوصاً في ظل الاعتقاد أن منطقة قلعة الحصن تشكل خاصرة رخوة، يُخشى معها تكرار سيناريو المواجهة مع الجيش اللبناني في 2014.

وفي تقدير هؤلاء أن انتقال المواجهة الى عرسال من شأنه جعل مخيمات النازحين خارج السيطرة، وهو الأمر الذي يصعب التكهن بنتائجه، خصوصاً ان غالبية النازحين في تلك المخيمات هم من أبناء القرى السورية التي هجّرها «حزب الله».

المخاوف من نشوب أزمة إنسانية تطول في شكل أساسي الغذاء والدواء. ففي حال تجاوزت المعركة ثلاثة أيام، فإن عرسال ومخيماتها ستكون أسيرة أزمة فعلية. فرغم أن الجميع يدركون أن المنطقة تتجه نحو مواجهة عسكرية، إلا أنه لم يتمّ التحوّط لها، وتالياً فإن نحو 140 الفاً من القاطنين سيكونون أمام أوضاع مأسوية وبائسة في حال طالت المعركة.

وفي تقدير دوائر خبيرة لـ «الراي» ان المعركة التي ستنطلق من طرفيْ الحدود، الجيش السوري و«حزب الله» من المقلب السوري والجيش اللبناني من نقاط تمرْكزه، لن تكون سهلة أو سريعة لسببيْن، أوّلهما ان مسلّحي «داعش» و«النصرة» يخوضون معركة «يا قاتل يا مقتول» انطلاقاً من محاصرتهم بين «فكّيْ كماشة» ما يحول دون قدرتهم على الانسحاب من المواجهة، وثانيهما هو الطبيعة الوعرة والمترامية للجرود التي تمتدّ على مسافة 55 كيلومتراً على الحدود اللبنانية – السورية.

أما السؤال الذي يتردد صداه في بيروت فهو: هل ستمرّ معركة عرسال وجرودها على خيرٍ أم أن وهْجها سيتسبّب بأثمان سياسية وشعبية؟

ومردّ هذا السؤال الى «رمزية» عرسال، البلدة ذات الغالبية السنية في محيطٍ شيعي موالٍ لـ «حزب الله» والتي شكّلت منذ العام 2011 عاصمة لـ «الثورة السورية» في لبنان و«مخيماً كبيراً» للنازحين، وتالياً فإن من الصعب التكهن بارتدادات انفجار هذا «اللغم» رغم التحوّلات العميقة التي طرأتْ على طبيعة الصراع المعقّد في تلك المنطقة الحدودية مع أفول نجم «الثورة» وصعود التيارات الإرهابية كـ «داعش» و«النصرة».

ففي الطريق إلى معركة عرسال وجرودها كان لبنان أمام اختبارٍ بالغ الدلالة حرص رئيس الحكومة سعد الحريري على تطويقه من خلال احتوائه ملامح «نقمةٍ» على سلوك الجيش اللبناني حيال النازحين السوريين بسبب «الموت الملتبس» لأربعة سوريين كانوا أوقفوا خلال عملية عسكرية نفّذها في مخيماتٍ للنازحين في عرسال.

ويوحي الموقف الحاسم للحريري بدعم الجيش وتوفير الغطاء السياسي لحركته بقرارٍ ضمني بتشكيل موقف لبناني موحّد خلف الجيش في تصدّيه لأي محاولةٍ من المجموعات المسلّحة للارتداد إلى عرسال أو الداخل اللبناني رغم حساسية أي تَماهٍ بين الجيش و«حزب الله» والجيش السوري في المواجهة المرتقبة.

وعلى وقع «طبول» معركة الجرود، سُجّل أمس عودة الدفعة الثانية من النازحين السوريين قوامها 300 شخص من مخيم النور في عرسال الى عسال الورد السورية في القلمون الغربي بمواكبة أمنية مشددة، وهي الخطوة التي جاءت استكمالاً لمسارٍ كان بدأ قبل أشهر عبر خطّ تفاوضي مع «سرايا أهل الشام» لإنهاء وجود المجموعات المسلّحة في الجرود (السرايا و«النصرة») وانتقالها مع عائلاتها الى الداخل السوري، وهي المفاوضات التي تعثّرت بعد رفْض «النصرة» شروط «حزب الله» والنظام السوري، وسط انطباعٍ بأن مغادرة 300 نازح امس عوض نحو 1200 كما كان مفترَضاً تؤشّر على هذا التعثّر.