IMLebanon

الوضع الحكومي سيتعزز بعد انتهاء معركة عرسال… و”الميدان هو الذي يتحكم بالديوان”

طرحت بعض المواقف المنتقدِة لخوض «حزب الله» معركة تحرير جرود السلسلة الشرقية اللبنانية من سطوة المسلحين، اسئلة عن الانعكاسات الداخلية السياسية والامنية التي يمكن ان تحصل، لا سيما على الحكومة، سواء انتهت المعركة بتحرير الجرود أو طال أمدها قليلاً، علماً ان الانقسام السياسي حاصل اساساً منذ سنوات بعد دخول «حزب الله» الحرب السورية، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة التدخل العسكري، والان لم يمنعه اعتراض بعض القوى السياسية من مواصلة تنفيذ قراره بتحرير الجرود وتسليم الجانب اللبناني منها الى الجيش اللبناني، خاصة ان هناك شبه تسليم سياسي داخلي عملياً «بالامر الواقع» وبعدم قدرة اي طرف سياسي داخلي او خارجي على اقناع الحزب بعكس ما يقرره.

وقد اثبتت تجارب السنوات الماضية ان الانقسام السياسي حول تدخل «حزب الله» في سوريا، والان في جرود السلسلة الشرقية وجبال القلمون الغربي والشرقي، لم يترك تأثيرات سلبية على وضع الحكومات المتعاقبة منذ بدء الازمة السورية، بل اتت التأثيرات السلبية نتيجة الخلافات بين مكونات كل حكومة حول امور إجرائية وادارية واقتصادية وسوى ذلك، خاصة ان «حزب الله» لم يكن في الحكومات الثلاث الاخيرة معطّلاً أوعاملَ خلاف حول هذه الامور الاجرائية، بل هو ارتضى بأقل الحقائب وتنازل عن امور كثيرة من اجل صيانة وحدة الحكومات.

ويبدو من النتائج الاولية لمعركة تحرير الجرود انها انعكست ايجابا على وضع بلدة عرسال وعلى وضع النازحين في مخيماتها، اولاً لجهة تحرير البلدة والمخيمات من سطوة المسلحين وارهابهم وكف اذاهم عن الاهالي وضررهم على قطاعات الانتاج ومواسم الزراعة ومقالع الصخور التي تعطلت وتضررت، فمن شأن الاستقرار الامني في عرسال ان ينعكس على اهلها عودة للحياة الطبيعية، وعلى النازحين السوريين دفعاً باتجاه تحفيز العودة الى قراهم.

وهذا ما يؤكده مصدر وزاري قريب من العهد، بقوله لـ«اللواء»: ان الوضع الحكومي سيبقى متماسكاً برغم بعض الاصوات الوزارية من هنا وهناك، فلا يمكن ان يتصور احد حصول انشقاق او انقسام بنيوي للحكومة وان لا يكون مجلس الوزراء مُجمِعاً على ان ما يجري في جرود عرسال، سواء عبر اجراءات الجيش لحماية الحياض الوطني، او عبر عمليات المقاومة لتحرير الهضاب، لا يصب في النتيجة لمصلحة لبنان، هذا الامر محسوم ولا يوجد شك ولو للحظة حول إجماع الحكومة على التخلص من خطر الارهاب، سواء من «جبهة النصرة او داعش»، والذي يمكن ان يتأتى عنه اعمال ارهابية داخل البقاع او ابعد منه.

واضاف المصدر: قد تكون هناك اصوات في مجلس الوزراء تعتبر ان ما يجري من تنسيق خارج حدودنا بين الجيش السوري وبين المقاومة يطرح علامات استفهام عن الجدوى؟ فالجواب «ان الميدان هو الذي يتحكم بالديوان» في هذه الحالة، حتى لو لم تكن بعض الاطراف ممتنة لهذا التنسيق العسكري خارج الحدود او عند تخوم حدود لبنان، لكن الجميع يعلم ان الميدان يتحكم بالوضع، خاصة ان الجميع يسلّم ومنهم فريق رئيس الحكومة ان الحدود غير مرسومة بين لبنان وسوريا في هذه المنطقة ولا احد يعلم اين حدودنا واين حدود سوريا في بعض المناطق المتداخلة، ولا احد يعلم ماذا يجري خارج الحدود ولا عند التخوم.

واكدت المصادر ان الوضع الحكومي سوف يتعزز بعد انتهاء هذه المعركة، وانحسار الخطر الارهابي شبه نهائياً عن لبنان سيريح الوضع اكثر، وان بقيت بعض «الذئاب المنفردة» التي يمكن ان تقوم بعمل ما هنا وهناك، علماً ان الامن الاستباقي ينقض عليهم قبل تنفيذ اي عملية.

وترى المصادر الوزارية ان المردود السياسي الاقتصادي والاجتماعي سيتعزز ايضاً، فعودة النازحين لن يحول دونها ارهابي من هنا او ارهابي من هناك يقطع عليهم طريق العودة، بل ان تحرير الجرود يجعل العودة متاحة اكثر، لا سيما الى قرى القلمون السورية، التي لا يوجد فيها دمار كامل شامل كما في مناطق اخرى في سوريا.
وتضيف المصادر: في الجانب السياسي المردود جيد، حتى الكلام الذي سمعناه عن التزامن بين معركة تحرير الجرود وبين الزيارة النوعية للرئيس سعد الحريري الى واشنطن لا معنى ولا تأثير له، بالعكس قد تعزز هذه المعركة موقف رئيس الحكومة التفاوضي حول امور كثيرة لا سيما دعم الجيش بأسلحة ومعدات نوعية وحديثة للقضاء على الارهاب، وفي دعم عودة النازحين، وحماية الاقتصاد الوطني من خلال معالجة ما يُثار حول العقوبات الاميركية التي تطال القطاع المصرفي وتنعكس سلباً عليها وعلى الاقتصاد.

وترى المصادر «انه اصبحت لدى الرئيس الحريري أوراق تفاوضية كبيرة في المجالات الامنية والاقتصادية وحماية الوضع المالي، عدا انه يذهب الى واشنطن محصناً بإجماع سياسي وشعبي على مكافحة الارهاب ودعم الجيش وحماية الاقتصاد، وبقرار حكومي بإعطاء الضوء الاخضر للجيش للتصرف بما يراه مناسباً في جرود عرسال لحماية البلدة واهلها وحماية النازحين».