IMLebanon

حملة قواتية على الرابطة المارونية: دعم المقاومة ممنوع!

كتبت ليا قزّي في صحيفة “الأخبار”:

لم تهدأ بعد الضجة التي أثارها بيان الرابطة المارونية، الذي ثمّن خطاب الأمين العام لحزب الله. حملات تنصل من الرابطة شُنّت على مواقع التواصل الاجتماعي، وممثل القوات اللبنانية فيها علّق عضويته، فيما مصادرها تؤكد أن لا تراجع عن موقفها.

تمكنت المقاومة في جرود عرسال من استقطاب تعاطف شعبي ورسمي معها غير مسبوق منذ فترة. الترحيب بعمل المقاومة لم يعد محصوراً بالمؤيدين لها. البيئة الحاضنة لها اتسعت رقعتها، ولا سيما بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حين أهدى الانتصار الميداني في جرود عرسال إلى كلّ اللبنانيين. الرابطة المارونية، كانت بين الداعمين للمقاومة، والمُرحبين بكلام نصرالله.

فصدر بيان عن مجلسها التنفيذي «يُثمّن الخطاب الوطني الجامع الذي خرج به السيد حسن نصرالله بمعرض توصيفه للإنجازات التي حقّقها مقاتلو الحزب في جرود عرسال، والتي يقتضي تثميرها في بناء الدولة القادرة والحامية والحاضنة لكافة أبنائها».

صدر هذا البيان عن جهة لا تتبنى في العادة «لغة المقاومة». وهو أمرٌ، إضافة إلى اسم «الرابطة المارونية»، كافٍ حتى ينال أهمية خاصة، علماً بأن رئيس الرابطة، النقيب أنطوان إقليموس، كان أميناً عاماً لحزب الكتلة الوطنية وهو ليس قريباً من محور 8 آذار. أما الأمر اللافت، فهو أنّ الرابطة، التي عادةً ما تُعرف بذراع البطريركية المارونية المدنية، أصدرت موقفها في وقتٍ بدت فيه بكركي، «الصرح الوطني»، كأنها غير معنية بما يحصل في الجرود. ولكن، شوهد الكاردينال بشارة الراعي يُصّفق لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وهو «يدبك» في افتتاح مهرجانات الأرز.

كلام الرابطة المارونية تسبّب بزوبعة لم تهدأ مفاعليها بعد. على وسائل التواصل الاجتماعي، دعوات لحلّ مجلسها التنفيذي، وانتقادات لاذعة من ناشطين يدورون في فلك القوات اللبنانية وحزب الكتائب والوزير السابق أشرف ريفي وتيار المستقبل، يدعون إلى التبرؤ منها. عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل راشد الفايد ذهب بعيداً، أمس، في حديثه إلى الـ«Mtv»، عبر قوله: «أصبحت الرابطة مثل التجمعات التي كانت تُشكلها الاستخبارات السورية لإصدار بيانات مؤيدة للجيش السوري في لبنان». أما مُمثل القوات اللبنانية في الرابطة، المحامي جوزف نعمة، فسارع إلى «تعليق» عضويته.

استدعى ذلك، حملة مضادة من أعضاء سابقين وحاليين في الرابطة المارونية. الوزير السابق جان لوي قرداحي كان أحد هؤلاء، فضم صوته «إلى صوت الرابطة في بلورة موقف وطني جامع دفاعاً عن لبنان… عندما يتعلق الأمر بتحرير الأرض، من المعيب فتح باب السجالات الرخيصة. لا بل يجب أن يُشكر كلّ من يُساهم في حماية لبنان». أما عضو المجلس التنفيذي السابق في الرابطة جهاد طربيه، فاعتبر أنّ «الموقف الصادر عن الرابطة في تثمينها لتضحيات لبنانيين أصيلين ينتمون إلى حزب الله، موقف وطني بامتياز».

تقول مصادر إقليموس لـ«الأخبار» إنّ البيان صدر «بعدما وردت اقتراحات عدّة من عدد من الأعضاء لإصدار موقف بعد كلام نصرالله. عُرض الأمر على المجلس التنفيذي، فكان هناك شبه إجماع». كان بإمكان الرابطة المارونية تجنب «الإحراج» والتزام الصمت في ملفّ خلافي. ولم يكن أحد سيعتب عليها. للمصادر الرسمية رأيٌ آخر، «لا شيء اسمه حياد في معركة تحرير لبنان. هناك شخص (نصرالله) أهدى الانتصار لكل اللبنانيين، وقال إنه سيُسلّم الأراضي للجيش اللبناني، وامتنع عن إحراج الوفد الحكومي إلى واشنطن. ألا نُلاقيه؟».

بالنسبة إلى عضو المجلس التنفيذي في الرابطة أنطوان قسطنطين، «كلّ كلام يُحاول تسخيف تحرير جزء من أرضنا هو الذي يُعد موقفاً غير طبيعي». يؤكد الرجل أنّ الموقف اتُّفق عليه في المجلس التنفيذي، رافضاً «إخضاعنا، وواجباتنا أن نكون موجودين في لحظة وطنية معينة. نحن مؤتمنون على استقلاليتنا».

داخل الرابطة المارونية، كلامٌ عن أنّ «تعليق عضوية» مُمثل القوات اللبنانية هو لسببين. أولاً، «التغطية على موقف سمير جعجع الإيجابي تجاه عمل حزب الله في الجرود». أما الثاني، فهو أنّ الاختلاف في وجهات النظر بين إقليموس وجوزف نعمة قديم، «وهو اتخذ من البيان حجة حتى يُعلّق عضويته». فقبل أيام من البيان، علّق نعمة عضويته بسبب خلاف حول الصلاحيات بينه كرئيس للجنة القانونية لتعديل النظام الداخلي للرابطة، وبين إقليموس. قبل أن يُسوّى الوضع لمصلحة نعمة. ينفي الأخير في اتصال مع «الأخبار» أي رابط بين الحدثين. وهو يؤكد أنّ المجلس التنفيذي لم يجتمع قبل إصدار البيان، «الذي أعتبره مُخالفاً لمبادئ الرابطة الأساسية، ولتاريخ الموارنة، ولا سيما أنّ لبنان بخطر يُمثله فريق يحمل السلاح خارج إطار الدولة». لكنه في الوقت عينه يرفض ما ورد على لسان راشد فايد، «الكلام لا يستدعي لفتة وهو غير دقيق. رغم أنّ البيان يفتح باب التفسيرات الاعتباطية».

الاعتراضات على بيان الرابطة بقيت محصورة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يصدر بيان استنكاري عن أي جهة سياسية، حتى عن القوات اللبنانية. بالنسبة إلى نعمة، «موقف مُمثل القوات في الرابطة هو نفسه موقف الحزب».