IMLebanon

لهذه الأسباب سقط لبنان أمام إيران في بطولة آسيا

 

تقرير خالد مجاعص

لم يكن ليل الأربعاء 16 آب كما اشتهاه محبّو كرة السلّة الذين فاق عددهم الـ9 آلاف مشجّع في ملعب نهاد نوفل، وكما تمنّاه اللبنانيّون الذين تركوا أعمالهم ونشاطاتهم وهمومهم، ليتابعوا من منازلهم منتخب الأرز في مواجهته الصعبة في الدور الربع النهائيّ أمام المنتخب الإيرانيّ.

وكان الجميع مدركاً تماماً أنّ المهمّة لن تكون بالسهلة أبداً، خصوصاً وأنّ المنتخب الإيرانيّ هو منتخب منظّم جدّاً، يلعب بطريقة جماعيّة شاملة محورها عملاق الدوريّ الأميركيّ للمحترفين حامد حدادي (متران و18 سنتمتراً) . ولكنّ ما لم يتوقّعه أحد هو رؤية منتخب الأرز كفريق غير جاهز على الأقلّ معنويّاً وتقنيّاً لهذه المطحنة، وخصوصاً للتعامل مع دفاعات المنتخب الإيرانيّ. فباستثناء السلّة الثلاثيّة لفادي الخطيب مع بداية اللقاء، لم يتمكّن منتخب لبنان من التقدّم في أيّ مناسبة على ضيفه، بل لم يتمكّن أيضاً طوال المباراة من تقليص الفارق إلى ما دون الخمس نقاط، ليتحوّل الربع الثالث إلى جزء كان واضحاً فيه أنّ المباراة حسمت باكراً لمصلحة المنتخب الإيرانيّ الذي أنهى الربع الثالث متقدّماً بفارق 12 نقطة وبنتيجة 56-44، ليفوز بالمباراة بنتيجة 80-70، ويتأهّل إلى الدور النصف النهائيّ، ويقصي لبنان باكراً في البطولة، موقفاً معه حلم محبّي كرة السلّة.

ومع بزوغ الفجر، وبعدما تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعيّ إلى مواقع لاستكشاف أسباب الخسارة والسقوط المدوّي لمنتخب لبنان، كان هناك شبه إجماع على أنّ من يتحمّل الخسارة هو المدرّب الليتوانيّ راموناس بوتاوتاس والجهاز الفنّيّ للمنتخب.

وفي قراءة باردة لأسباب الخسارة، يمكن الاستنتاج أنّ الكيمياء بين نجوم كرة السلّة اللبنانيّة والمدرّب الأجنبيّ لا تنجح في لبنان إلّا في حالات نادرة، ففي حال الإصرار على المدرب الأجنبيّ، يجب أن يكون مدرّباً قد عايش كرة السلّة اللبنانيّة لمواسم ويعرف عقليّة اللبنانيّين وطباعهم جيّداً، إذ أنّ كرة السلّة ليست فقط تقنيّات وخططاً مرسومة، إنّما هي أيضاً حالة قائمة في حدّ ذاتها. من هنا، على المعنيّين أن يتعلّموا من التجارب السابقة والحاليّة أنّ المنتخب الأوّل يجب أن يقوده مدرّب لبنانيّ لكلّ تلك الأسباب وغيرها. ويبقى التذكير بأنّ الموسم الحاليّ شهد نهائيّاً بين الرياضي والهومنتمن أيّ بين مدربين محلّيّين هما أحمد فرّان (خير بديل لسوبوديتش) وجو مجاعص، وبأنّ أبرز ألقاب كرة السلّة على صعيد الأندية عربيّاً وآسيويّاً كان وراءها مدرّبون محليّون، أبرزهما غسّان سركيس وفؤاد أبو شقرا. فمقولة أنّ المدرّب اللبنانيّ هو طرف في البطولة أصبحت ساقطة.

من ناحية أخرى، كان يجب على المدرّب الليتوانيّ بوتاوتاس والجهاز الفنّيّ وإداريّي المنتخب استدراك تركيبة تشكيلة المنتخب النهائيّة بطريقة أفضل، إذ أنّ لاعباً مثل إيلي شمعون قدّم موسماً خارقاً مع فريقه، وهو الأبرز عن الرميات الثلاثيّة لم يكن من المسموح عدم تواجده ضمن الفريق اللبنانيّ. كذلك أيضاً، بدا في شكل واضح أنّ المنتخب اللبنانيّ افتقد في بعض الوقت من المباريات إلى موزّع ألعاب كلاسيكيّ (Pure Point Guard)، مثل جاد خليل الذي قدّم موسماً رائعاً، أو رودريك عقل.

ولم يعرف بعد لماذا غاب نجم كرة السلّة أحمد ابراهيم عن التشكيلة، ولم يعط فرصة الانضمام إلى المعسكرات التي سبقت التسمية النهائيّة لما يتمتّع من موهبة وتقنيّات وقدرات هجوميّة في التهديف، كان منتخبنا في أمسّ الحاجة إليها. فمقولة أنّ أحمد ابراهيم لا يمكنه التأقلم مع فادي الخطيب في التشكيلة نفسها أصبحت ساقطة مع ضمّ الشانفيل الخطيب إلى فريقه بعد ابراهيم.

ويبقى الخطأ المميت في تجنيس اللاعب نورفيل بيل الذي لم يأت بأيّ إضافة إيجابيّة إلى المنتخب اللبنانيّ لا من ناحية قدراته الهجوميّة ولا حتّى الدفاعيّة، حيث يحكى أنّ نورفيل بيل كان خائفاً على نفسه لئلّا يصاب وتفشل صفقة انتقاله إلى فريق “غلطا سراي” التركيّ مقابل نحو نصف مليون دولار أميركيّ.

كذلك، أظهرت المباراة عدم تمكّن المنتخب اللبنانيّ من التعامل مع دفاع المنطقة، وأنّ غياب التنظيم أدّى إلى الاستعجال في خيار التسديدات البعيدة، حيث سدّد منتخب الأرز 25 تسديدة ثلاثيّة نجح في 6 منها مقابل 10 تسديدات ناجحة للإيرانيّين من أصل 18 محاولة في نسبة نجاح فاقت الـ50%. وكذلك، أيضاً كان واضحاً تفوّق الإيرانيّين على الريباوند، وخصوصاً من خلال نجمهم العملاق حامد حدادي الذي التقط لوحده عشرين كرة مرتدّة (ريباوند) مقابل 29 ريباوند للفريق اللبنانيّ.

ويبقى أنّ المدرّب لم يعط الثقة للاعبين مميّزين مثل أمير سعود، أو لم يعط أيّ دور للاعب متكامل كإيلي رستم.

أمّا الأكيد فإنّ لاعبي الفريق، وفي مقدّمتهم التايغر فادي الخطيب (أفضل لاعب في آسيا من دون منازع) والنجم الصاعد وائل عرقجي لا يتحمّلون أيّ سبب في الخسارة، بل هم مشكورون على ما قدّموه لكرة السلّة اللبنانيّة، وكذلك اللجنة المنظّمة للبطولة، وعلى رأسها رئيس الاتّحاد بيار كخيا، التي أثبتت أنّ لبنان على الرغم من كل ما يمرّ به من صعوبات، خصوصاً الاقتصاديّة منها، برهن أنّه لا يقلّ شأناً في التنظيم وحسن الاستضافة عن أبرز البلاد المتطوّرة في العالم، وهذا هو النجاح الذي على لبنان أن يبني عليه مستقبلاً.