IMLebanon

الجيش في مواجهة “داعش” بعد تسلمه مواقع “حزب الله” بالجرود

 

واصل الجيش اللبناني استعداداته للمعركة المرتقبة بوجه عناصر تنظيم داعش المتمركزين في جرود رأس بعلبك والقاع عند الحدود الشرقية للبنان، مكثفاً عمليات القصف المدفعي واستقدام القوات والآليات وسط تقاطع معلومات عن انطلاق المعارك البرية خلال ساعات أو أيام معدودة. وقالت المصادر العسكرية لصحيفة «الشرق الأوسط» إن الجيش تسلم بعض المراكز من حزب الله، وسيواصل تسلم ما تبقى منها.

وفيما أفادت معلومات، أمس، عن سيطرة وحدات عسكرية على مجموعة من المرتفعات والتلال بما بدا وكأنّه انطلاق غير رسمي للمعركة، نفت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون المعركة قد بدأت بشكل رسمي أو غير رسمي، لافتة إلى أن «ما حصل في الساعات الماضية هو تقدم للجيش على تلال مشرفة على المنطقة يتواجد فيها عناصر (داعش) من دون أن يحصل أي اشتباك». وأضافت المصادر: «هذه التلال كانت خالية ولكن كان هناك سيطرة نارية عليها»، واضعة العمليات التي تتم حاليا بإطار الاستعداد للمعركة وتضييق الخناق على التنظيم.

وبعد تسلمها كل المواقع التي كان مسلحو «سرايا أهل الشام» يسيطرون عليها في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي في جرود عرسال، بدأت وحدات الجيش اللبناني في اليومين الماضيين بتسلم مواقع يسيطر عليها عناصر حزب الله في المنطقة الحدودية الشرقية، إن كان في جرود القاع أو جرود عرسال. وقالت المصادر العسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش تسلم بعض المراكز من حزب الله وسيواصل تسلم ما تبقى منها.

من جهته، أوضح رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري أن أهالي البلدة لم يتسلموا بعد أراضيهم التي كانت تحتلها «جبهة النصرة» والتي يسيطر عليها حزب الله في المرحلة الحالية، لافتا إلى أن الموضوع عند الجيش اللبناني، «وقد نكون بانتظار قرار سياسي لتسليم هذه الأراضي لوحدات الجيش». وقال الحجيري لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله أبدى استعداده لتسليم هذه الأراضي للجيش وبالتالي لأصحابها، لكن يبدو أن هناك إجراءات معينة يجب أن تحصل قبل ذلك». وأضاف: «لكن استماتة الأهالي لتسلم أراضيهم سببها الوضع الاقتصادي السيئ جدا الذي يرزحون تحته، وهم لذلك يريدون العودة لاستثمار أراضيهم الزراعية وتشغيل معاملهم في المنطقة الجردية».

وحتى الساعة، لا يُظهر تنظيم داعش أي استعداد للتفاوض للخروج من المنطقة أو لكشف مصير العسكريين الـ9 المختطفين لديه منذ عام 2014، إلا أن خبراء بحركة التنظيم يرجحون أن يفاوض بعد انطلاق المعركة العسكرية وبأن تنتهي الأمور إلى انسحابه إلى البادية أو ريف درعا. وفي هذا السياق، قال أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» المطلعة عن كثب على أحوال التنظيم المتطرف، إن كل الخيارات المتبقية أمامه هي خيارات قاتلة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يقاوم عناصر «داعش» لتحقيق أي مكسب، ومهما بلغ حجمه وحتى لو اقتصر على المال، نظرا للحالة الصعبة التي يرزحون تحتها على الأصعدة كافة.

وأوضح الرقاوي أن «داعش» يعتمد مؤخرا على «مبدأ الفيدرالية باتخاذ القرارات، أي أنه بات يعود على قيادات كل منطقة أن تتخذ القرارات التي تراها مناسبة للتعامل مع واقع معين»، مشيرا إلى أنه وبما يتعلق بتواجده في الجرود اللبنانية والجرود السورية المقابلة، فالقرار بشأن تلك المنطقة يعود لقيادة التنظيم المتمركزة في الجهة السورية، موضحا أن «عدد عناصر (داعش) في الأراضي اللبنانية نحو 350 عنصرا، بالإضافة إلى عناصر آخرين غير مكشوفين يُرجح أن يبقوا ضمن خلايا نائمة في لبنان حتى بعد إتمام صفقة معينة لإخراج المقاتلين المتواجدين في الجرود».

ويعتمد الجيش اللبناني في المرحلة الراهنة، كما يؤكد رياض قهوجي، رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – انيجما»، «استراتيجية معينة في التعامل مع تنظيم داعش، من خلال السعي للضغط عليه من خلال خنقه واستنزافه القوي، ما قد يدفع به في نهاية المطاف لفتح قناة للتفاوض، يصر الجانب اللبناني على أن يتم من خلالها، أولا، تحديد مصير العسكريين المختطفين». ويشدد قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «لدى الجيش القدرة التامة على مواجهة عناصر التنظيم الذين لا يتخطى عددهم الـ400»، مضيفا أن «لا حاجة له للتنسيق مع الجيش الجانب السوري أو أي طرف آخر، وإن استدعت الظروف خلال المعركة طلب مساندة التحالف الدولي فلا شك أن الأخير لن يتردد، باعتبار أن لبنان عضو فيه».