IMLebanon

بئس حكومة تنأى بنفسها حتى عن دمائنا! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

بحسب “دستور الطائف”، تشكل الحكومة السلطة السياسية التنفيذية في لبنان، كما أن الجيش اللبنانية والقوى الأمنية تأتمر بأوامر السلطة السياسية التي هي الحكومة.

أما على أرض الواقع فلم تجتمع الحكومة لتقرر إنطلاق العمليات العسكرية، سواء في جرود عرسال التي قام بها “حزب الله” ضد مواقع “جبهة النصرة”، ولا في جرود القاع ورأس بعلبك التي شنّها الجيش اللبناني ضد إرهابيي “داعش”. وكذلك لم تكن الحكومة معنية، أو حتى على علم، لا بالصفقة التي قام بها “حزب الله” مع “جبهة النصرة” وأدّت إلى إطلاق إرهابيين من سجن رومية، ولا بالصفقة مع “داعش” التي أدّت إلى ترحيل الإرهابيين الذين ذبحوا الجنود اللبنانيين وقتلوا 9 منهم، بعد أن فرض “حزب الله” وقف إطلاق النار على الجيش اللبناني لإتمام صفقته التي تضمّنت أيضاً إطلاق أسير له لدى “داعش” وإعادة رفات عدد من الجثث، إضافة الى إعادة رفات العسكريين اللبنانيين الشهداء.

في كل ما جرى كانت الحكومة بمثابة “شاهد ما شافش حاجة”، واكتفى رئيسها بأن يعلن عن يوم للحداد الوطني عند إنهاء فحوصات الحمض النووي (DNA) لرفات الجنود الشهداء.

وإذا كان مفهوماً أن يقول المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أن الدولة اللبنانية ملتزمة شرعة حقوق الانسان ولا تتصرّف بمنطق الانتقام، فإن ما ليس مفهوماً على الإطلاق هو عدم تطبيق القانون اللبناني على الأراضي اللبناني بحق من ذبح جنودنا ونكّل بهم، وأقل الواجب قانوناً اعتقالهم وإحالتهم إلى المحاكمة بموجب القوانين المرعية الإجراء، وإذا لم يستسلموا فالقضاء عليهم عسكرياً.

لكن الحكومة اللبنانية بدت أقل بكثير من حكومة تصريف أعمال. هي أسوأ بكثير من حكومة مستقيلة، لأنها بدت كأنها تنأى بنفسها حتى عن دماء شهدائنا العسكريين!

هي حكومة بحكم الأمر الواقع غير موجودة. هي أصرّت أن تكون غير موجودة في كل ما حصل. حكومة متخاذلة وفاشلة إلى أقصى الحدود. هي حكومة “قتل الأمل” لدى اللبنانيين وليس “استعادة الأمل”. شعاراتها السخيفة لم تعد تنطلي على أحد، وحري بها وبمسؤوليها أن يصمتوا إلى الأبد لأننا سئمنا شعاراتهم الفارغة.

نحن كلبنانيين نريد أفعالاً لا شعارات، ويكفينا أن تبيعونا أوهاماً!

نريد أفعالاً في السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية، تماما كما في الاقتصاد والأمن. لكن هذه الحكومة، وتحت شعارات النأي بالنفس، رهنت القرارات الوطنية لإرادة “حزب الله” الذي حدّد ساعة انطلاق المعركة كما توقيت وقف إطلاق النار.

نريد أفعالاً. كنا نريد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لحظة أعلن “حزب الله” انطلاق معركة جرود عرسال، وجلسة ثانية لحظة إعلانه عن صفقة رضحت لها الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية المعنية وتمّ الإفراج عن الإرهابيين من دون قرار من مجلس الوزراء.

كنا نريد جلسة طارئة تناقش مشاريع التفاوض مع “داعش” قبل إطلاق النار، مواكبة لبطولات الجيش اللبناني عسكرياً في الميدان في معركة “فجر الجرود”، كما كان جميع اللبنانيين يريدون قراراً حاسماً بالحسم عسكرياً ضد إرهابيي “داعش”، لا ترحيلهم، طالما أن المسؤولين كانوا يعرفون أن جنودنا استشهدوا منذ شباط 2015.

كنا نريد مسؤولاً سياسياً واحداً يقف ليقول “الأمر للدولة”، عوض أن يسلّموا جميعهم الأمر لـ”حزب الله”، سواء بتواطئهم أو بامتناعهم عن المطالبة بجلسة طارئة للحكومة لمناقشة كل ما يجري!

لا نريد الثأر كرمى دموع حسين يوسف وكل أب وأم وزوج وأخ وأخت وابن وابنة مفجوعين. نريد الثأر لكرامتنا من سلطة وسياسيين لا يهمّهم غير الصفقات والسمسرات، ولا يتأهبّون ويستنفرون لغير العمولات، فلا دماء الشهداء العسكريين تعنيهم ولا كرامتنا أيضاَ… فبئس هكذا سلطة وهكذا سياسيين والرحمة، لجنود شهداء يتاجر السياسيون بدمائهم على مذبح الخنوع والاستسلام!