IMLebanon

“الملف الكردي” يجمع العاصمتين: أردوغان “قريباً” في طهران

 

 

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أمس، أنّ مرحلة جديدة من العلاقات قد بدأت بين طهران وأنقرة، مضيفة أنّ الرئيس رجب طيب أردوغان سوف يزور إيران قريباً. ويأتي ذلك ضمن سلسلة تصريحات متبادلة، تعكس جواً من الارتياح في العلاقات السياسية بين الجانبين، بما قد يشي بأنّ هناك صفحة من التعاون تُفتح للمرة الأولى بينهما منذ توتر العلاقات الثنئاية عقب اندلاع تطورات 2011 في الشرق الأوسط.

وكان الرئيس التركي قد كشف قبل أسبوع عن احتمال قيام أنقرة وطهران بعملية مشتركة ضد جماعات كردية، وهو تصريح أثار اهتمام العديد من المتابعين، خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من لقائه رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، في تركيا.

وأمس، كرر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، أنّ «زيارة اللواء باقري تثبت أن العلاقات قطعت شوطاً مهماً في المجال التكاملي»، مذكّراً بأنها «الزيارة الأولى من نوعها لمسؤولين عسكريين منذ انتصار الثورة الإسلامية» عام 1979.

وبينما لفت قاسمي إلى أنّه «من اليوم فصاعداً، يمكن للبلدين أن يتواصلا على هذا المستوى من التعامل»، فقد أشار في معرض إفادته الأسبوعية إلى أنّ الرئيس التركي «سوف يزور إيران في القريب العاجل… وسوف نعلن عن موعد الزيارة عندما يتم حسم توقيتها الدقيق»، معرباً في الوقت نفسه عن أمله في «أن تسفر الزيارات المتبادلة عن تطور الدور التكاملي بين البلدين لتصل إلى حدود مثالية».

وفي حديث إلى «الأخبار»، يشير مراسل صحيفة «صباح» التركية في واشنطن، رجب صويلو، إلى أنه «كانت هناك محاولة لإعادة إحياء العلاقات منذ شهر حزيران من العام الماضي، وكانت تركيا في صدد تعديل سياستها وفقاً لوضعية إدارة باراك أوباما في ذلك الحين (التي كانت تشي) بالتراجع في المنطقة لمصلحة اللاعبين الإقليميين، لا سيما إيران وجزئياً روسيا». ويضيف صويلو أنّ ثمة «شعوراً يرتفع لدى مسؤولين أتراك بأنّ نظام الأسد سوف يبقى، ومع دعم الولايات المتحدة لـ»وحدات حماية الشعب الكردية»، فإنّ الأخيرة سوف تكون القوة الأولى في شرق سوريا، وهذا ما يتعارض وجوهر المصلحة القومية لتركيا».

ويرى الصحافي التركي أنّ أنقرة «تبحث عن وسائل للضغط على «وحدات حماية الشعب» بمساعدة شركاء إقليميين مؤقتين، ويبدو أنّ «ما تمثله الوحدات» يعكس الآن مشكلة مشتركة لكلّ من إيران وتركيا»، موضحاً أنه «بإمكان «حزب العمال الكردستاني والحزب الموالي له في إيران» أن يشكلا إزعاجاً أيضاً لإيران في حال ذهب الأخير نحو خيار الصراع المفتوح مع طهران في غرب البلاد، ولذلك فإنّ تدمير قيادة «العمّال» الرئيسة في جبال قنديل سوف يكون ذا فائدة كبيرة للطرفين». ويختتم صويلو حديثه بالقول: «من وجهة نظري، هناك محاولة لبناء تفاهم بين إيران وتركيا بخصوص وجود «العمّال» في المنطقة، وبالتحديد في العراق وسوريا، لكن ما علينا متابعته هو: إلى أي مدى سوف يتحقق ذلك وينجح».

وكان دبلوماسي إيراني قد أشار، في حديث سابق إلى «الأخبار»، إلى أنّ «المسألة أمنية أكثر من كونها سياسية… (إلا أنها) تحظى على المستوى السياسي بأهمية كبيرة، لأنها تعكس بداية مرحلة» تشمل التعاون في «أهم التحديات الإقليمية».

من جهة أخرى، يرى الباحث عبدالله هاوز أنّ التعاون بما يخصّ «الملف الكردي» هو العنوان الأبرز للتقارب التركي ــ الإيراني حالياً، مشيراً في حديثه إلى «الأخبار» إلى أنّ ذلك يشمل المواجهة ضمن «المثلث الحدودي بين تركيا وإيران والعراق». إلا أنه يضيف أنّ هذا التقارب ظهّر تقاطعات «بين رؤى العاصمتين بشأن مستقبل سوريا، خاصة في ما يتعلق بشمال البلاد، بما يشمل إدلب والمناطق الكردية».

ويلفت هاوز إلى أنّه بالنظر إلى موقف إدارة دونالد ترامب، العدائي تجاه إيران، فإنها سوف ترفض الوقوف أمام واقع يشهد تقارباً تركياً مع إيران. لكن تراجع العلاقات بين واشنطن وأنقرة بسبب «الدعم الأميركي لأكراد سوريا»، قد يجعل الموقف التركي «غير مكترث كثيراً» للنظرة الأميركية إلى التقارب مع إيران «إلا إذا حصلوا على عرض أميركي أفضل في سوريا».

وكان وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس قد توجّه إلى تركيا في الأسبوع الماضي، آتياً من بغداد، في زيارة وصفتها مصادر إعلامية تركية مطّلعة بأنّها كانت «ناجحة أكثر من المتوقع».

وإزاء الحديث عن تقارب إيراني ــ تركي أساسه «التنسيق في الملف الكردي»، ثمة من ينبّه إلى أنّ أنقرة نجحت في غضون الأعوام الماضية في تحويل «علاقتها السيّئة والحذرة» مع إقليم كردستان في العراق إلى علاقة تعاون متقدمة، و«يمكن أن تصل الأمور إلى خاتمة مشابهة بما يخصّ العلاقة مع أكراد سوريا».