IMLebanon

ايران تستعجل تطبيع علاقة لبنان مع النظام السوري

 

 

 

يستعيدُ المشهد السياسي في بيروت ابتداءً من اليوم ديناميّته بعد استراحةِ «عيد الأضحى» التي تبلْورت خلالها ملامح «هبّة ساخنة» يفترض أن تطبع الواقع الداخلي في الأيام المقبلة على جبهتيْن، أوّلهما التداعيات المتدحْرجة للصفقة بين «حزب الله» و«داعش» التي أنهتْ المعركة مع التنظيم الإرهابي على المقلبيْن اللبناني والسوري وثانيهما الضغوط المتجدّدة لتطبيع العلاقات بين لبنان الرسمي ونظام الرئيس بشار الأسد.

ورغم الاعتقاد بأن التسوية السياسية التي تَحكم الوضع اللبناني منذ نحو عشرة أشهر لن تقع تحت وطأة الاهتزازات المتوالية، إلا أن أوساطاً مطّلعة تبدي خشيتها من المسار الذي تسلكه البلاد التي تبدو وكأنها صارتْ موضوعة بين «مطرقة» استعجال «حزب الله» وحلفائه «تسييل» تفوّق محور إيران في المنطقة على صعيد الداخل اللبناني كما على مستوى إحياء العلاقة مع النظام السوري، وبين «سندان» عدم قدرة خصومه على وقْف هذا المسار والخروج من التسوية التي تبقى «صمام الأمان» الأخير للحدّ الأدنى من التوازن الداخلي.

ولاحظتْ هذه الأوساط عبر «الراي» أنه في ما خص معركة الجرود وصفقة «حزب الله» مع «داعش»، فإن هذا الملف له وجهان واحد داخلي وآخر خارجي:

* في الشقّ الداخلي، برزتْ الخطوة الاحتوائية لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد انه هو ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون سمحا بانتقال مسلّحي «داعش» من المقلب اللبناني الى المقلب السوري بعدما فرَض هجوم الجيش اللبناني على التنظيم الإرهابي إبداءه الاستعداد لكشف مصير العسكريين التسعة الأسْرى لديه (منذ 2014) «ولكن نقلهم بالحافلات الى شرق سورية كان بقرار من (حزب الله) والسوريين».

وفي مقابل خطوة الحريري، كانت دعوة عون لإجراء التحقيقات الضرورية لتحديد المسؤوليات في ملف خطْف العسكريين إبان أحداث عرسال 2014 ومآل مصيرهم (اتّضح انه تمت تصفية 8 منهم العام 2015). وقد أثارت هذه الدعوة مخاوف من إمكان ان تتحوّل منصة «لتصفية حسابات سياسية» بـ«مفعولٍ رجعي» مع خصومٍ لـ«حزب الله» ولـ«التيار الوطني الحر» (حزب عون)، وسط مطالباتٍ متصاعدة بأن يتوسّع التحقيق ليَشمل تشكيل «حزب الله» وحلفائه «جبهة رفْض» لأيّ تفاوُض مع «داعش» لمبادلة العسكريين قبل أن يُقتلوا، وصولاً الى الصفقة التي أبرمها الحزب مع قتَلة الجنود وأثارتْ امتعاض أهالي العسكريين وناشطين وأطراف سياسيين عدة، لا سيما بعد البيان الذي أصدره الحزب وتضمّن تعاطُفاً مع الإرهابيين وعائلاتهم على خلفية عرْقلة التحالف الدولي طريق القافلة التي تقلّهم في اتجاه الحدود السورية – العراقية، وهو الأمر الذي قابَله «حزب الله» بهجومٍ دفاعي تصاعُدي ركّز على تحميل المسؤولية لمَن لم يعطِ الأوامر للجيش بعد أسْر العسكريين «بأن يندفع على الفور وراء الآسِرين».

* وفي الشقّ الخارجي من هذا الملفّ، تَبرز نقطتان متداخلتان. الأولى «إطلاق النار» السياسي من «حزب الله» ضدّ التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وتحديداً الولايات المتحدة لقطْعها الطريق على الحافلة، في خطوةٍ اعتُبرت بمثابة «تصويبٍ» غير مباشر من الحزب على ملامح «الغضبة» العراقية بوجه الصفقة مع «داعش» والتي شكّلتْ معطى بالغ الأهمية ذات ارتدادات على وحدة الموقف العراقي الموالي لإيران وتالياً على تَماسُك «هلال النفوذ» الإيراني في المنطقة.

والنقطة الثانية وضْع إيران عرْقلة طريق قافلة «داعش» في خانة رغبة الأميركيين «في التأثير سلباً على انتصار الحكومة اللبنانية وحزب الله» في المعركة ضدّ الإرهاب.

وأثارت هذه القراءة الإيرانية التي عبّر عنها الناطق باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قلقاً لدى أوساط سياسية في بيروت من أن تكون طهران التي باغتتْها التحولات المفاجئة في العراق، كما ظهورُها بمَظهر العاجز عن ضمانِ تنفيذ صفقةٍ حدودها «أرض سوريّة إلى أرض سوريّة»، تتّجه إلى تكريس نفوذها في لبنان و«سورية المفيدة» عبر الضغط على لبنان الرسمي للتطبيع مع نظام الأسد من خلال حملة متدحْرجة يقودها “حزب الله”.

وآخر مظاهر هذه الحملة تجلّت في موقف غير مسبوق لنائب «حزب الله» نواف الموسوي عكَس منحى لدى الحزب لتكريس معادلةٍ توازي بين العلاقة مع النظام السوري والعلاقة مع السعودية باعتبارهما إشكاليتيْن، الأولى لفريق «14 آذار» والثانية لـ”8 آذار”.