IMLebanon

ما بعد “تغريدة” السبهان لن يكون كما قبلها!

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: … كأنّها مصابة بـ «الدُوار». هكذا تبدو بيروت هذه الأيام وهي تقارب ملفات بالغة الحساسية ذات بُعد خارجي وداخلي، ما يعكس مرحلة انعدام الوزن التي تعيشها البلاد في غمرة التحولات الكبرى في المنطقة.

فمن «التغريدة» التي أطلقها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان حول «حزب الشيطان وجرائمه» ودعوته اللبنانيين الى «الاختيار معه (حزب الله) أو ضدّه»، الى تداعيات معركة الجرود الشرقية وفتْح تحقيق بـ «مفعول رجعي» في ملابسات أحداث عرسال 2014 وما تخلّلها من خطف عسكريين لبنانيين تأكدت وفاة عشرة منهم يوم امس (بعد فحوص دي ان اي)، تَظْهر بيروت وكأنّها أسيرة «دوامةٍ» سياسية تجرّ البلاد في اتجاهاتٍ متعاكِسة يصعب التكهّن معها بما سيرسو عليه الواقع اللبناني في المدى القريب.

وفي اليوم الثالث على «تغريدة» المسؤول السعودي المكلّف الملف اللبناني، استمرّتْ أطراف سياسية عدة بمحاولة تفكيك «شيفرة» الموقف – القنبلة من «حزب الله» والذي طاولتْ شظاياه حلفاء المملكة بقدر ما أصابتْ خصومها، وسط مفارقة اعتبار الحزب وحلفائه أن كلام الوزير السبهان الذي لم يحمل جديداً في المقاربة السعودية لوضعية «حزب الله» هو موجّه الى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي «عليه أن يعرف كيفية التعاطي معه»، مقابل تعاطي «تيار المستقبل» (بقيادة الحريري) مع كلام وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج على أنه ردّ على مواقف لنواب من «حزب الله» خصوصاً النائب نواف الموسوي الذي أحيا حملات الحزب الشعواء على المملكة.

وترى مصادر مطلعة أنه بمعزلٍ عن هاتين القراءتين اللتين تعكسان ارتباكاً في مقاربة الاندفاعة السعودية، فإن ما بعد تغريدة السبهان لن يكون كما قبلها على صعيد التعاطي السعودي مع لبنان خصوصاً أنها انطوتْ على لغة حاسمة تجاه الخصوم بأنهم لن يكون طليقي اليد في محاولة إلحاق لبنان بالكامل بالمحور الإيراني، والحلفاء بضرورة عدم التمادي في تقديم تنازلات لـ «حزب الله»، لافتة الى انه رغم هذا البُعد البالغ الأهمية فإن من الصعب تَوقُّع أن يصاب الستاتيكو الذي يحكم الوضع اللبناني بهزّة من النوع الذي من شأنه نسْف التسوية السياسية وتطيير الحكومة، ومعتبرة أن كلام السبهان يمكن التعامل معه على أنه لـ «إحداث صدمة» تعيد التوازن الى المشهد اللبناني.

ويفترض أن يخيّم مجمل هذا المناخ المتشنّج على جلسة مجلس الوزراء اليوم في ظل تقديرات بأن سقف النقاش سيبقى منضبطاً رغم التوقعات بأنه سيجري ومن خارج جدول الأعمال إثارة عناوين إشكالية بارزة مثل التحقيق الذي انطلقت آلياته في أحداث عرسال، وضرورة منْع تَحوُّله منصلة لتصفية حسابات سياسية (مع خصوم «حزب الله») بدأتْ «تفوح رائحتها»، وهو التحقيق الذي يطالب خصوم الحزب بأن يتوسّع ليشمل رفْض الأخير وحلفاء له مثل «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) التفاوض مع تنظيم «داعش» بعد خطْف العسكريين (2014) لمبادلة الأسرى بموقوفين، وصولاً إلى ملابسات الصفقة بين «حزب الله» و«داعش» التي أتاحتْ توفير ممرّ لانتقال الإرهابيين من الجرود السورية – اللبنانية الى الحدود السورية – العراقية.

وإذ توقّعتْ أوساط متابعة أن تبقى جلسة الحكومة تحت السيطرة، رأتْ أن مناخ الحزن، الذي فرضه الكشف الرسمي أمس عن أن الرفات العشرة التي عُثر عليها مع نهاية معركة الجرود تعود الى العسكريين الذين كانوا أسْرى لدى «داعش» (بينهم عباس مدلج أحد الذين سبق أن أعدمهم التنظيم علناً)، يشكّل عامل جمْع سيتكرّس غداً في التشييع الرسمي للشهداء في مقر وزارة الدفاع (اليرزة) بحضورٍ رئاسي وسياسي، وسط حداد وطني وإقفال في المؤسسات العامة وتنكيس أعلامٍ دعا إليه رئيس الحكومة.

وكان أهالي العسكريين تبلّغوا أمس من قائد الجيش العماد جوزف عون نتائج فحوص الـ «دي ان اي» التي حسمْت هوية الجثامين وأكدتْ أنها تعود الى العسكريين، قبل أن يقوم وفد من الأهالي بزيارة الرئيس الحريري مطالبين بأن يشمل التحقيق مَن رفضوا التفاوض مع «داعش» بعيد خطْف العسكريين، وإبعاد التحقيق الذي يتولاه القضاء بناء لطلب رئيس الجمهورية عن المساومات والاستغلال السياسي، وداعين الى إعدام موقوفين شاركوا في تصفية عسكريين بالصوت والصورة.