IMLebanon

التحقيق المنتظر (بقلم بسام أبو زريد)

 

كتب بسام أبو زيد

تأخر كثيرا التحقيق في أحداث عرسال التي وقعت في ٢ آب ٢٠١٤، والمقصود هنا التحقيق العدلي، إذ إنه من المنطقي والضروري أن يكون الجيش اللبناني في حينه قد أجرى التحقيقات العسكرية في داخل المؤسسة، وتمكن من رسم صورة واضحة لما حصل في ذلك اليوم وحدد المتورطين واستخلص العبر والنتائج.

إذا كان هذا الأمر قد حصل فعدم نقله من التحقيقات العسكرية الداخلية إلى القضاء العدلي هو من مسؤوليات السلطة السياسية بالتأكيد، ووقتها كان لا يمكن الفصل بين الحوادث العسكرية والهجمات التي حصلت ضد مواقع الجيش في عرسال وعملية خطف العسكريين، إذ إن ما جرى هو عمل عسكري إرهابي متكامل لا يمكن الفصل بين وقائعه.

هناك من يقول أيضا إن التحقيق العدلي من قبل القضاء العسكري كان موجودا، وإن هذا القضاء يتحرك تلقائيا عند حدوث أي عمل أمني أو عسكري يطال الجيش أو غيره من الأجهزة الأمنية. وفي هذه الحال أيضا يعود القرار باستكمال ملف التحقيق إلى السلطة السياسية باعتبار أن هذا القضاء من اختصاصه أيضا تحديد المسؤوليات لدى العسكريين والسياسيين الذين كانوا حينها في موضع القرار.

هذا هو العمل القضائي البحت، ولكن ما يجري حاليا هو محاولة زج هذا العمل في السياسة لغاية من هنا وغايات من هناك، حتى وصل الأمر إلى إصدار أحكام استباقية بحق بعض المسؤولين في تلك المرحلة، علما أن هؤلاء من عسكريين ومسؤولين لم يخضعوا بعد لأي استجواب أو مسائلة يفصحون فيها عما لديهم بالفعل من معلومات ووقائع تتعلق بتلك الفترة.

إن استباق التحقيقات وتحميل المسؤوليات قبل الوصول إلى الخلاصات القاطعة، ما هو إلا محاولة جديدة لذر الرماد في العيون ورمي الكرات في ملعب الآخرين، ومحاولة تشويه صورة قد يصل الأمر في حال الامعان بها إلى إصابة مؤسسات في الدولة بضرر كبير وفي مقدمها الجيش، وقد تصيب أيضا حال الاستقرار الهش بين الطوائف ومكونات الحكومة. وماذا لو أظهرت التحقيقات أن كل من تلقى الاتهامات في شأنهم اليوم لا تترتب عليهم مسؤوليات في ما جرى، فماذا ستكون ردة فعل الذين يوزعون الاتهامات؟

ليس المطلوب أبدا لفلفة الموضوع، بل المطلوب الوصول إلى حقائق دامغة تجيب أقله على سؤالين: هل كان ممكنا صد هجوم المسلحين من خلال ارتقابه مسبقا، لاسيما وأن الأمر كان قد أعطي بالقبض على عماد جمعة؟

والسؤال الثاني هل كان بالفعل ممكنا إنقاذ العسكريين الذين خطفوا في الساعات التي تلت الهجوم؟ وهل كان يفترض بالجيش أن يواصل هجومه بغض النظر عن القرار السياسي والمعطيات العسكرية؟

بانتظار الأجوبة الشافية خففوا من الاقتتال على توظيف النصر المكتوب بدماء وأرواح شهداء الجيش.