IMLebanon

لا طاولة حوار قريبة بين “المستقبل” و”حزب الله”

 

 

كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:

بعد التصعيد السياسي والإعلامي الذي حصل على المُستوى الداخلي نتيجة ارتدادات معركة «تحرير الجرود» والنتائج التي آلت إليها، كثر الحديث عن إمكان مُعاودة اجتماعات «طاولة الحوار» بين مُمثّلين عن كل من «تيّار المُستقبل» و«حزب الله»، وذلك لمنع أي لعب على الوتر المذهبي وللحفاظ على الاستقرار الداخلي. وبلغ الأمر حدّ حديث بعض المُتفائلين عن لقاء مُحتمل بين رئيس الحكومة سعد الحريري بصفته رئيسًا لتيّار «المُستقبل» وأمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصر الله. فهل هذه المعلومات الصحافيّة صحيحة؟

أوساط سياسيّة مُطلعة أكّدت أنّ كل ما يتردّد عن لقاء مُحتمل في المُستقبل القريب بين الرئيس الحريري والسيّد نصر الله، هو غير صحيح، وأن لا شيء من هذا القبيل وفق المُعطيات الحالية، وأضافت أنّه حتى مُحاولة إعادة الاجتماعات الدَوريّة لطاولة الحوار بين كل من «تيّار المُستقبل» و«حزب الله» باءت بالفشل، مع توقّف هذه الاجتماعات عند عتبة الرقم 41. وكشفت الأوساط نفسها أنّ أبرز أسباب استمرار عدم انعقاد الحوار المُباشر بين الطرفين المذكورين يعود إلى شروط ومطالب مُتبادلة، جرى تناقلها بشكل مُباشر حينًا وغير مباشر حينًا آخر. وأوضحت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ «التيّار الأزرق» عمّم عَمدًا شرطًا مفاده أنّه لن يعود إلى أي «طاولة حوار» مع «الحزب» ما لم يُوقف هذا الأخير تهجّماته السياسيّة والإعلاميّة المُتكرّرة على المملكة العربيّة السعودية.

كما أبدى «المُستقبل» انزعاجه الشديد بحسب الأوساط نفسها، من نشر إشاعات في البلاد مفادها أنّ «حزب الله» يُفكّر في إمكان حثّ أكثر من ثلث الوزراء في الحكومة على الاستقالة، لتحويلها إلى حُكومة تصريف أعمال من دون سُلطات تنفيذيّة، في انتظار الانتخابات النيابيّة المُقبلة. ورأت الأوساط نفسها أنّه على الرغم من عدم صُدور أي موقف من هذا القبيل عن «حزب الله»، إلا أنّ «المُستقبل» رأى في الإشاعات التي نُشرها بعض الصحافيّين مطالب غير مُباشرة، وحتى رسائل ضغط مُبطّنة في وجهه، الأمر الذي ضاعف من تشدّده في رفض العودة إلى الحوار المُباشر مع «الحزب» ما لم يتمّ التوقّف عن هذه الحملة.

وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتأكيد أنّ «تيّار المُستقبل» أبدى انزاعجه الشديد من مُحاولات «حزب الله» والمحور الذي يقوده جرّ لبنان، والحكومة اللبنانيّة بالتحديد، إلى التطبيع مع النظام السوري، تحت عناوين إنمائيّة واقتصادية وزراعيّة، إلخ. وبحُجج مُرتبطة خُصوصًا بملفّ النازحين. وأضافت أنّ «المُستقبل» رأى في الزيارات الوزارية إلى دمشق، وفي التصاريح الإعلاميّة التي رافقتها من قبل هؤلاء الوزراء، تحدّيات غير مُبرّرة لرئيس الحكومة وللسُلطة التنفيذيّة ككل، ومُحاولات مكشوفة من «حزب الله» لوضع لبنان في موقع سياسي لا يُوافق عليه أكثر من فريق سياسي داخلي أساسي.

وبالنسبة إلى موقف «حزب الله» من مسألة إستمرار تعطّل «طاولة الحوار» مع «المُستقبل»، وما يُحكى عن شروط لمُعاودتها، لفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ «الحزب» لن ينجرّ لسجالات داخليّة ضيّقة لا تُقدّم ولا تؤخّر في الوضع الإقليمي العام والآخذ برأيه، بالتحوّل الثابت والتصاعدي لصالح «محور المُقاومة»، وهو يعتبر بالتالي أنّ قرار «ربط النزاع» الداخلي قائم ومُستمرّ من خلال الحكومة، حيث لا حاجة لأي إجتماعات أخرى في هذا الصدد، أكانت ثنائيّة أم جَماعيّة، وأنّ وضع أيّ شروط مُسبقة لا يُفيد، لأنّ مواقف «الحزب» غير خاضعة للمُساومة وهي غير إرتجاليّة بل إستراتيجيّة الطابع عُمومًا، وتكتيّة في بعض الحالات النادرة. وعما يُحكى عن مُحاولات يقوم بها «الحزب» للتطبيع مع سوريا، أكّدت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ «حزب الله» يعتبر أنّ الاستمرار في سياسة العداء للُحكم في سوريا، بعد كل التحوّلات الميدانية، وبعد التغيّر الكبير في مواقف الدول الإقليمية والعالميّة من النظام السوري، يُمثّل تهرّبًا من وقائع باتت واضحة وُضوح الشمس، وسياسة عزل غير مُبرّرة للبنان عن مُتنفّسه البرّي الوحيد، في الوقت الذي تجهد كل الدُول إلى إعادة علاقاتها مع سوريا وإلى إيجاد موطئ قدم لها هناك، في مرحلة إعادة الإعمار.

وخلصت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أن لا عودة لكل من «تيّار المُستقبل» و«حزب الله» إلى طاولة الحوار في المُستقبل القريب، حيث أنّ البُعد الإقليمي للخلافات الداخليّة يحول دون حُصول أي خرق مُهمّ في العلاقات السياسيّة المحلّية، أقلّه في المرحلة الراهنة، في إنتظار بلورة إتفاقات كبرى للمنطقة بأسرها. وأضافت أنّه في الإنتظار، إنّ «ربط النزاع» مُستمرّ داخليًا، من دون الحاجة إلى أي لقاءات أو حوارات مُباشرة، مُشيرة إلى أنّ التوازنات الداخليّة مُرشّحة لأنّ تتغيّر نتيجة ما يحصل في المنطقة أوّلاً، وبفعل النتائج المُرتقبة للإنتخابات النيابيّة المُقبلة في لبنان ثانيًا.