IMLebanon

ألمانية من أصول لبنانية: أفضل أوقات حياتي كانت مع “داعش”!

 

التقى مراسل مجلة دير شبيغل الألمانية خلال زيارته لمحافظة الرقة شابة ألمانية من أصول لبنانية، عبّرت بشكل صريح وصادم كيف أنها أحبت التنظيم الإرهابي، واصفة الفترة التي قضتها مع التنظيم بأنها “كانت أفضل أوقات حياتي”، إلا أنها ترغب الآن في العودة لألمانيا.

وأشار المراسل الحربي كريستوف رويتر في تقريره إلى أن المرأة، وهي من بلدة فاينهايم في ولاية بادن فورتمبرغ، توجهت في نهاية شهر حزيران من العام 2014 إلى مناطق سيطرة التنظيم، لـ”تتمكن أخيراً من عيش حياة إسلامية” كما تقول.

وبعد مرور قرابة 3 أعوام من ذلك التاريخ، أرادت المرأة الألمانية مغادرة الرقة في شهر حزيران الماضي وتم اعتقالها واحتجازها في مخيم لاجئين في شمال المدينة.

وقالت الألمانية التي التحقت وحدها بالتنظيم، عندما التقاها المراسل: “دير شبيغل ؟ لقد سبق لكم وأن كتبتم عني منذ 20 عاماً، (أنا) ناديا رمضان، نهارك سعيد!”. وكانت شبيغل قد كتبت عنها عندما اختطفت من قبل والدها اللبناني، عندما كانت الطفلة.  ناديا تقيم مع والدتها في ألمانيا، بعد أن انفصل والداها.

وذكرت شبيغل أن والدها المسجون حينذاك بسبب حيازته للمخدرات وجرائم أخرى، أراد خلال أخذه “إجازة من السجن”، لقاء ابنته، لكنه اختطفها إلى لبنان، وقام الموظفون الألمان بتسليمه جواز سفره وترحيله إلى خارج البلاد.

وبينت المجلة أن الطفلة ناديا عاشت 7 سنوات في لبنان، وزارت مدرسة لتعليم القرآن لبعض الوقت هناك، وسافرت والدتها إلى بيروت وكانت تلاحق وهي في سيارة أجرة، باص المدرسة الذي تعلم أن طفلتها تجلس فيه، يائسة عاجزة، عن إعادتها إلى ألمانيا، لأن المحاكم اللبنانية تقضي لصالح الأب وتمنحه حق رعاية الطفل، عند انفصال الأبوين.

 

أجبروها على الزواج

ووصفت ناديا، التي تلبس البرقع وتغطي كل جسمها، للمجلة، وهي تجلس في مكتب مخيم اللاجئين التي تُحتجز فيه، حياتها بأنها لم تكن جميلة.

وتبين أنه تم إكراهها على الزواج من ابن عمها المقيم في فاينهايم، فيما كان عمرها 14 عاماً، قائلة “لقد هددوني بالقتل في حال تحدثي عن ذلك أو فراري. لقد أذعنت للأمر، وأصبح لدي طفل. ثم طفل آخر عندما كان عمري 18. ثم الثالث”، مشيرة إلى أنها كانت تعاني لمدة عام من القلق وتظن أنها ستموت.

وأوضحت أنها لم تحب زوجها لكنها كانت تشعر وكأنها تلعب هذا الدور، مبينة أن إيمانها زاد في ذلك الوقت وشاهدت الرسول محمد في المنام، فقامت بتغطية نفسها على الطريقة الإسلامية وبدأت بالصلاة، ما منحها السكينة. وانفصلت ناديا عن زوجها وأطفالها الثلاثة عندما كان عمرها 26عاماً وانتقلت للعيش في مأوى للنساء ثم مخيم للعائلات قبل أن تذهب إلى الرقة.

وتشرح كيفية حدوث ذلك بالقول إنها بحثت عبر موقع فيسبوك عن رجل متدين ووجدت ألمانياً من أصل تركي، كان موجوداً في الرقة لدى داعش، طلب منها الالتحاق به بسرعة، وتم العبور بها بعد وصولها لإسطنبول بيوم ونصف فقط الحدود التركية -السورية وجلبها للرقة.

وبعد أن وصلت ناديا إلى الرقة تزوجت ثم أصبحت حاملاً، ثم غادروا بعد مرور بعض الوقت إلى مدينة تلعفر العراقية، حيث فقد زوجها أحد قدميه خلال هجوم بالقنابل، وبات يعمل في مركز اتصالات بعد أن أصبح عاجزاً.

وتزعم ناديا أنها أصبحت تغضب ويعلو صوتها فجأة كلما كان الأمر يتعلق بإرهاب داعش، لأنها كانت تُسأل، فيما إذا كانت موجودة مثلاً عن قطع الرؤوس أو كان لديها مستعبدات، مشيرة إلى أنها كانت تتواجد دائماً في المنزل تطبخ وتقرأ القرآن وتنظف وأحياناً تشاهد فيلماً، ولا تستطيع إطلاق النار، لأنها تخاف من الأسلحة. وتقول “كنت أريد أن أعيش بهدوء في عالم إسلامي. وأخدم الله، وأربي أطفالي”.

لافتة إلى أنها لم تكن تشارك في أي شيء مع جيرانها السوريين والعراقيين، بعد أن تعودت على العيش وحيدة.

وتقول إنه لم يكن لديها مانع في البداية أن يتزوج زوجها امرأة ثانية، لكن بعد أن فقد زوجها قدمه في الوقت الذي كانت فيه حاملاً، وكانت تقوم على خدمته وموجودة لمساعدته، أحبته لدرجة أنها امتنعت عن دعوة الصديقات لزيارتها، خوفاً من أن يتزوج من جديد، وأصبحت تعتبره بمقام زوجها وأبيها وصديقها، على حد وصفها.

وعلى الرغم مما عانته هي نفسياً وتحول زوجها إلى عاجز، تقول إنه لم يكن هناك ما يفرق بينهما، واصفة ذلك بـ”أن الوقت تحت سيطرة داعش كان أفضل أوقات حياتي”.

وبعد أن ضاقت دائرة حصار التنظيم في العراق مطلع العام الحالي، وواصل مقاتلو “قوات سوريا الديمقراطية” قتالهم على مدى أشهر في القرى الموجودة في الريف على ضفاف الفرات، عادت ناديا مع زوجها إلى الرقة، حيث ولد ابنها الثاني محمد في شهر أيار هناك.

ثم قرر زوج ناديا إخراجها وأطفالها خارج المدينة. وكان من المخطط أن يعبر بهم مهرب عبر المنطقة الكردية حتى تركيا. وبدأت رحلتهم في فجر يوم 19 حزيران وانتهت عند حاجز تفتيش لدى القوات الكردية. وتم نقلهم إلى سجن مدينة كوباني حيث باتوا هناك مدة 18 يوماً ثم تم نقلهم إلى قسم ذوي مقاتلي داعش في مخيم عين عيسى، الذي تقيم فيه 12 امرأة و34 طفلاً ويتواجد فيه جهاز هاتف.

 

متعاونة ومعتدلة

وقال مدير المخيم جلال عياف، إن تجربته معها تظهر أنها “متعاونة ومعتدلة”، مضيفاً أنه “ليس هناك لدى الاستخبارات شيء ضدها. وإلا لما كان قد تم جلبها إلى هنا أبداً”. وترغب ناديا بمغادرة المخيم وكذلك مديره، لكن كيف يمكن أن يحدث هذا؟.

يقول المدير إنه إذا جاء أحد من عائلتها أو السلطات الألمانية فيمكن أخذها فوراً، عندما يتم التكفل بالمسؤولية عنها. وتقول “شبيغل” إن والدتها هيلغا لم تفقد الأمل أبداً بإعادة ابنتها من سوريا لكنها لا تعرف كيف يمكنها الوصول إلى المنطقة الكردية والخروج مع ابنتها التي دخلت بشكل غير قانوني إلى هناك.

وتعبر ناديا، عن أملها في أن تساعدها ألمانيا في إيجاد طريق للعودة، لأنها تريد أن يعيش أولادها حياة طبيعية، ليس حياة كالتي تعيشها هي عليه الآن “محطمة”، على حد تعبيرها، في الوقت الذي ما زال زوجها يجلس في أحد الأقبية في الرقة معرضاً للقتل في أي لحظة.