IMLebanon

الإنجاب بلا حمل… موضة المشاهير!

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان تثير الجدل من جديد. هذه المرة ليس بسبب صورة عارية لها، إنما إثر أخبار تناقلتها الصحف والمجلات تفيد بأنها تنتظر طفلها الثالث من «أمّ بديلة». لم تؤكّد كيم هذا الخبر بعد، إلّا أنها لم تنفِه أيضاً. فما هي الآثار النفسية لاستعانة أيّ ثنائي بأم بديلة، وكيف ينظر العالم إلى هذه الممارسة؟اللجوء لخدمات الأم البديلة ينتشر منذ أكثر من 15 عاماً خصوصاً في الولايات المتحدة، والهند. ولكنّ إقدام كيم كارداشيان إحدى أشهر نساء العالم على هذه الخطوة قد يزيدها رواجاً وانتشاراً خصوصاً أنّ كيم تشكّل قدوةً لنساء كثيرات يسعين إلى تقليدها.

كيم كانت كشفت أنها عانت من التصاق المشيمة بالرحم في حمليها من طفلتها نورث (4 سنوات) وطفلها سانت (سنة واحدة). وعلى رغم رغبتها بالولد الثالث إلّا أنّ الأطباء «يشعرون بأنّ هذا الأمر لن يكون آمناً بالنسبة لها».

هي وزوجها كايني ويست بحثا عن امرأة تحمل جنينهما مقابل 45 ألف دولار، عبر تلقيح بويضة في أنابيب، تُزرَع لاحقاً في رحم هذه الأم البديلة التي وافقت على تأجير رحمها لتنجبَ طفلاً لامرأة أخرى. ولكن ماذا عن الطفل الذي سيتربّى في كنف أمّه وهي لم تنجبه؟

مَن هي الأم؟

تؤكد د. بولا حريقة الاختصاصية في علم النفس العيادي، والمعالجِة النفسية، أنّ «الدراسات والملاحظات النفسية أثبتت أنّ «الأم الحقيقية هي التي تربّي وليست التي تلد.

ما يعني أنّ النموّ النفسي للطفل رهن بالأسلوب التربوي السليم أو غير السليم، والمعاملة، وطبيعة العلاقة العاطفية التي تجمع الطفل بوالديه بشكل عام وبأمه بشكل خاص. وللتأكيد على ذلك، نشير إلى الأطفال الذين يتمّ تبنّيهم من دور الأيتام ويتلقّون تربية نفسية جيدة، فينشأون سليمين وأصحاء بغض النظر عن الأم الحقيقية أو البديلة». ولكن؟

مَن سيستقبله في هذا العالم؟

لجوء الثنائي غير القادر على الإنجاب إلى دفع خدمات أم بديلة غالباً ما يتم عبر وكالة متخصّصة تروّج هذه التجارة وتؤمّن امرأةً راغبة بتأجير رحمها. قوانين وعقود تجمع الثنائي والأم البديلة والوكالة المتخصّصة في البلدان حيث تُشرّع هذه الممارسة.

ينصّ العقد غالباً على الفترة التي يبقى فيها الطفل مع المرأة التي أنجبته. ويمكن أن لا تكون الأم البديلة غريبة بالنسبة للثنائي بل إحدى القريبات أو الصديقات أو متطوّعة لم تتقاضَ المال مقابل خدمتها. وبالنسبة لـ كيم كانت والدتها كريس جينر وشقيقتها كورتني كاردشيان قد عرضتا عليها بأن تقوم إحداهما بدور الأم البديلة في حال رغبت بذلك.

في هذا السياق، تتحدّث د. حريقة عن تأثير الحياة الجنينية في النموّ النفسي للطفل. وتتساءل: هل الأم الحقيقية ستستلم الطفل منذ لحظة الولادة أم أنه سيبقى برفقة الأم البديلة لتعتني به وترعاه في الأسابيع أو الأشهر الأولى من ولادته؟ وما نوع الرضاعة التي سيحصل عليها: طبيعية أم لا؟ وتؤكد: «من هنا نبدأ بتحديد سلامة الطفل النفسية أو الأضرار النفسية التي قد تصيبه.

فمنذ وصول الطفل الى هذا العالم، تشكّل نبضات قلب الأم وصوتها العوامل الرئيسة ليشعر بالأمان والاستكانة، لأنه لا يعرف من هذا العالم سوى الصوت ونبضات القلب، فيهدأ بكاؤه عندما تحمله أمّه وتحادثه وتهدهده. ومنذ يومه الأول يشمّ رائحة جسدها عندما تحتضنه لتنضمّ هذه الرائحة الى العوامل المساعدة على تهدئته وتأمين راحته النفسية.

فطفل رعته أمّه التي حملت به، لا سيّما إذا أمّنت له الرضاعة الطبيعية، سيتعرّض لقلق الانفصال الذي يُعتبر نواة الاضطرابات النفسية في مراحل عمرية لاحقة، إن تمّ إبعاده عنها. هو سيكون اعتاد على رائحتها وصوتها ونبضات قلبها نوعية استجابتها لحاجاته الأساسية كالطعام والنوم والإخراج.

وعليه تبدو على الرضيع علامات قلق قد تؤدّي الى اكتئاب تتبلور أعراضه بالبكاء المرير، عدم النوم ورفض الطعام وصولاً الى نحول مرضي يستوجب تدخّل الطبيب. أمّا في حال تسلّمت الأم الطفل من الأم البديلة فور ولادته، فستكون الأضرار النفسية أقل شأناً لأنه سيعتاد على صوت
ورائحة الأم مقدِّمة الرعاية له، وإن كان سيفتقد لنبضات القلب التي اعتاد عليها في حياته الجنينية».

إذاً، سلامة نموّ الطفل رهن بنوعية الرعاية والتربية التي سيتلقاها. إذا حضنته أسرته نفسياً لمواجهة حقيقة أنه وصل إليها مدفوع الثمن، سيدرك بأنّها رغبت به الى حدّ استئجار رحم، على رغم تساؤله عن الأسباب التي جعلت والدته الأصلية تُقدم على الحمل به مقابل المال.

الأم والأم البديلة؟

تأجير الأرحام ربّما يشكّل فرصةً لكلّ راغبة في تحسين وضعها المالي، ويتيح فرصة لثنائي غير قادر على الانجاب للرزق بمولود يحمل جينات أمه وأبيه.

وتشير د. حريقة إلى أنّ «الأم التي حصلت على الطفل سترعاه باهتمام وحنان لأنها أرادته إلى درجة استئجار رحم امرأة أخرى، وستشعر بفيض أمومي كبير يجعلها تعامله كابنها الحقيقي فتعيش استقراراً وسعادة نفسيّين… أمّا الأم التي حملت به فلا يمكن التكهّن بما ستكون عليه حالتها النفسية إلّا بعد معرفة تركيبة بناها النفسية التي دفعتها للحمل مقابل المال.

فهل وافقت على العرض لأنها جعلت من رحمها شركة استثمارية؟ أو لديها أسباب قاهرة جعلتها تضحّي بابنها لتحصل على المال؟ لذلك يساعد سلوكها ما بعد الولادة في تحديد حالتها النفسية».

وتجدر الإشارة إلى أنّ مناصري حقوق النساء ينقسمون حول هذه الممارسات بين مؤيّد ورافض. منهم مَن يشجب الانجراف وراء العبودية الحديثة المتمثّلة باستغلال امرأة أخرى مقابل منحها المال، لاسيما أنّ معظم الأمهات البديلات من بيئات محرومة، وأنّ الأم البديلة غير معفيّة من المخاطر الصحّية. وقد تَستقطب هذه التجارة نساءً مرغمات من قبل تجار البشر أو أزواج ينوون «تشغيلهن».

من حول العالم

تقف الكنيسة الكاثوليكية في صفّ المعارضين بشدّة لهذه الممارسات، لاسيما أنها ضدّ الإجهاض والتلقيح الاصطناعي (In vitro). كذلك، تحظّر غالبية البلدان تجارة الأرحام ومنها ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، بلغاريا، البرتغال، مالطا، الصين وغيرها…

في المقابل، تُشرِّع قانوناً خدمات الأم البديلة كلّ من روسيا وأوكرانيا وبعض الولايات الأميركية، والهند فقط. ويُذكر أنّ هناك دولاً تسمح بمبدأ الأم البديلة إنما ليس بناءً على بدل مادي. هذه البلدان هي بريطانيا، اليونان، الدانمارك، رومانيا، كندا، الأرجنتين، البرازيل… ففي كندا مثلاً اللجوء لأم بديلة مقابل المال يؤدّي إلى السجن لمدة 10 سنوات.