IMLebanon

“مدٌّ وجرز” سياسي حيال الدعوة لـ”انتخابات مبكّرة”

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تردّدتْ في بيروت وبقوّة أصداءُ الخطاب العالي النبرة الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أوّل خطاب له من على منبر الأمم المتّحدة والذي شنّ فيها هجوماً «نارياً» على إيران و«حزب الله» الذي ساواه بكلّ من «القاعدة» و«طالبان» وغيرها من المجموعات «الإرهابية» التي «تذبح الأبرياء»، طارحاً مقاربة واشنطن لملف النازحين السوريين.

وفيما غابتْ أيّ تعليقاتٍ رسمية وعلنية ردّاً على حملة ترامب على إيران و«حزب الله» التي جاءتْ على مسامع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، فإن صخَباً ساد لبنان حيال ما اعتُبر في بيروت دعماً لإعادة توطين النازحين السوريين في أقرب مكان الى بلادهم تَضمّنه كلام الرئيس الأميركي، الأمر الذي قوبل بمعاودة تأكيد مجلس النواب في اليوم الثاني والأخير من جلسته التشريعية، أمس، على توصية سابقة برفْض أي توطين للاجئين الفلسطينيين أو النازحين السوريين، اذ أعلن رئيس البرلمان نبيه بري باسم النواب التمسك بمقدمة الدستور اللبناني (وتحديداً الفقرة «ط» منها) لجهة رفْض كل أشكال التوطين، مشيراً الى «ان المجلس اتخذ توصيات عدة في شأن التوطين»، ومشدداً على «ان مقدمة الدستور أهمّ من الدستور نفسه».

ورغم اعتبار أوساط سياسية أن البعض «نفَخ» في الشقّ المتعلّق بالنازحين في كلام ترامب للتقليل من وطأة الموقف الأميركي الصارم من «حزب الله»، ملاحِظة ان رئيس الحكومة سعد الحريري شدّد على «رفض التوطين» معتبراً ان الكلام في الامم المتحدة موقف سياسي غير ملزم لنا ولن يصدر قرار دولي في هذا الشأن، وداعياً إلى عدم تضخيم الموضوع، فإن الأنظار تتّجه اليوم إلى كلمة عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث سيتناول عدداً من المواضيع التي تهمّ لبنان ولا سيما النازحين، ومكافحة الإرهاب وضرورة دعم الجيش واعتماد لبنان كمركز لحوار الحضارات الى جانب الخروق والتهديدات الاسرائيلية المستمرّة.

وتَضاعف الاهتمام بخطاب عون بعد مواقف ترامب وبروز محاولةٍ لاستخدامها في سياق «المناكفات» اللبنانية، وسط ملاحظة الأوساط السياسية أن البرلمان لم يكتفِ بـ «توصية» رفض التوطين والطلب من رئيس الجمهورية في كلمته في الأمم المتحدة أن يضمن موقفاً واضحاً بهذا الشأن، إذ نُقل عن بري قوله في الجلسة التشريعية انه «كان على الرئيس عون أن يؤكد وهو في نيويورك على ما نصّ عليه الدستور بشأن رفْض التوطين بعد كلام ترامب».

وتمّ التعاطي مع التوصية كما مع كلام رئيس البرلمان على أنّه بمثابة «زكزكة» لعون في معرض «المعركة المتجدّدة» بين حزبه (التيار الوطني الحر) وبين بري التي اتخذت هذه المرة عنوان الانتخابات النيابية المبكّرة التي طرح الأخير إجراءها قبل 31 ديسمبر المقبل بعد تقصير ولاية مجلس النواب (محدَّدة حتى 20 مايو 2018)، الأمر الذي اعتبره «التيار» بلسان رئيسه الوزير باسيل محاولة للإطاحة بالإصلاحات التي تضمّنها قانون الانتخاب الجديد ولا سيما اعتماد البطاقة البيومترية (تسهّل الانتخاب في مكان السكن عوض مكان القيد) واللوائح المطبوعة سلفاً والتسجيل الالكتروني للمغتربين الراغبين في الاقتراع.

وجاء دخول رئيس مجلس النواب على خط كلمة عون في نيويورك استكمالاً للمناخ «المحموم» بين بري و «التيار الحر» والذي كان تجلّى ليل الثلاثاء الماضي في مقدمة نشرة أخبار تلفزيون «او تي في» (تابعة للتيار) التي صوّبتْ على «مَن يحاضر برفض التمديد وهو مَن مدد مرات ومرات، ومَن نظّر للتمديد، وابتكر له الذرائع التي طالما أقنعت الجميع، إلا من طعن بها أمام المجلس الدستوري»، سائلة «لماذا الهلع من قانون الانتخاب الجديد؟ ولماذا هذا الخوف مما يُقر يوماً بعد يوم من إصلاحات انتخابية مكملة له؟»، لتؤكد «في كل الأحوال، قافلة استحقاق مايو (في اشارة الى إجراء الانتخابات بموعدها في مايو 2018) على أساس القانون الجديد تسير»، ومتحدّثة عن «مسخرة من هم والإصلاح على طرفيْ نقيض».

وفي محاولةٍ لمنْع تَحوّل الانتخابات المبكّرة «بقعة زيت» تتمدّد لتُدخِل البلاد في دوامة تأزُم كبير، برز اللقاء الذي عُقد أمس بين بري والحريري بعد انتهاء الجلسة التشريعية والذي أكد خلاله الأخير لرئيس البرلمان ان الحكومة ووزارة الداخلية مستعدتان لإتمام البطاقة البيومترية في موعدها، علماً ان هذه النقطة هي التي شكّلت «العنوان المعلن» الذي استند إليه بري لتقديم اقتراح قانون معجّل مكرر لتقصير ولاية مجلس النواب.

واعتُبرت حركة الحريري في اتجاه بري بداية مسار «محاكاة» هواجس بري التي تتصل في جوانب منها بطريقة إدارة السلطة و «إدارة الظهر» له من فريق رئيس الحكومة و «التيار الحر»، ناهيك عن رغبته و «حزب الله» في انتزاع التسجيل المسبق للراغبين بالاقتراع في مكان سكنهم و «فرْملة» محاولة إدخال تعديلات على قانون الانتخاب، والأهمّ تكريس «نهائية» إجراء الانتخابات النيابية في مايو المقبل بعد «اشتمام» مساعٍ لإرجائها وهو ما يعتبره الثنائي الشيعي «خطاً أحمر».

وكان بارزاً أمس ملاقاة «حزب الله» للمرة الأولى حليفه بري في مطلبه ولو على مستوى اجتماع قيادتيْ الحزب وحركة «أمل» في بيروت، إذ أكدتا «أن اجراء انتخابات نيابية مبكرة بات ضرورة ملحة ما دامت البطاقة الممغنطة بعيدة المنال»، مع التشديد على «أن شعار التأجيل ارتباطاً بالمبررات التقنية وغيرها أصبح من الماضي باعتبار ان إنتاج سلطة جديدة بات حاجة وطنية لكل اللبنانيين».