IMLebanon

العقوبات الأميركية تضع “حزب الله” في مواجهة مع جمهوره؟

 

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

لم يسبق لـ«حزب الله» اللبناني أن أظهر قلقاً حيال الضغوط الخارجية التي يتعرّض لها، كما هو حاله الآن مع مشروع قانون العقوبات الذي أقرته لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، والذي وضعه الحزب في سياق استهداف لبنان كلّه. لكن متابعين لمسار هذه العقوبات عزوا هواجس الحزب إلى خوفه الكبير من «إحداث شرخٍ بينه وبين بيئته الشعبية، وتعرية المتمولين الشيعة المرتبطين به عضوياً أو مالياً، خصوصاً الموجودين في بلاد الاغتراب، وإمكانية وضع مسافة بينه وبين حلفائه السياسيين داخل لبنان».

واللافت أن العقوبات الأميركية هذه المرّة لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، إنما ذهبت لاتهامه بتحويل المدنيين اللبنانيين دروعاً بشرية، خلال حرب  تموز 2006، وهو ما نبّهت إليه كتلة «حزب الله» النيابية التي اعتبرت أن «مشاريع قوانين العقوبات الجديدة التي يضغط اللوبي اليهودي عبر منظمة (إيباك) لإقرارها في الكونغرس الأميركي، هي مشاريع عدوانية تصعيدية تستهدف لبنان مجتمعاً ودولة ومؤسسات». وقالت في بيان: «مهما تصاعدت الضغوط، فإنها لن تثني اللبنانيين عن موقفهم السيادي الرافض للخضوع أو الانصياع للهيمنة».

ورأى النائب والوزير الأسبق محمد عبد الحميد بيضون أن «أكثر ما يقلق حزب الله من العقوبات الجديدة، أنها تضع مسافة فاصلة بينه وبين البيئة الشعبية الحاضنة له، خصوصاً في الأوساط الشيعية وأهمها الموجودة في بلاد الاغتراب المتفاعلة معه سياسياً». وشدد بيضون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن هذه العقوبات «ستكون لها ارتدادات سياسية، لأنها قد تطال كلّ من يتحالف معه (الحزب) سياسياً، وفي مقدمهم التيار العوني (التيار الوطني الحر) ونبيه بري (رئيس البرلمان اللبناني)، وهذا ما يشكل إحراجاً كبيراً له»، لافتاً إلى أن «توقيف رجل الأعمال الشيعي حسن تاج الدين الذي يعدّ ثروة قوية للحزب، في أفريقيا وتسليمه للأميركيين، سيكون نموذجاً صارخاً لكل من يتعامل مع الحزب بعد صدور قانون العقوبات».

وتضمنت مسودة القانون الذي صوتت عليه لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، فرض عقوبات جديدة وقاسية على شبكات تمويل «حزب الله» للحدّ من قدرته على استعمال الأموال في نشاطه، وشملت «تجميد الأصول وحجبَ التعاملات المالية، ومنعَ إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن إمكانية فرض عقوبات على أي دول أجنبية، في حال قدّمت دعماً عسكرياً أو مالياً ذا أهمية لـ«حزب الله» أو أحد الكيانات المرتبطة به.

و«طالما أن العقوبات الموجعة ستخلق هذه المرّة واقعاً جديداً، فإن الحزب يسعى إلى أخذ كلّ اللبنانيين بجريرة أفعاله»، وفق تعبير الناشط السياسي وصاحب مركز «أمم للأبحاث والتوثيق» لقمان سليم الذي استشهد بكلام لأمين عام الحزب حسن نصر الله قال فيه إن «العقوبات على حزب الله سترتدّ على اللبنانيين قاطبة». وأوضح سليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نصر الله كان يقول للبنانيين سابقاً أنا خطفت البلد ولا يعنيني كل صراخكم، أما الآن فيقول لهم إن ما يصيب الخاطف سيصيب المخطوفين، وكلنا في مركب واحد وسنغرق جميعاً». وجزم لقمان سليم بأن الحزب «لم يعد قادراً على إقناع المتمولين الشيعة بأنه قادر على حمايتهم وحماية مصالحهم بعد أن غرر بهم لسنوات».

ووفق معلومات قريبة من دوائر «حزب الله»، فإن العقوبات الأميركية ذات شقين؛ الأول يرتبط بتشديد العقوبات المالية، والثاني بمعاقبته «لاستخدام المدنيين دروعاً بشرية في حرب (تموز) 2006». وأكد لقمان سليم وهو سياسي شيعي معارض للحزب، أنه «كما اتخذ حزب الله اللبنانيين دروعاً بشرية في الحروب، يتخذ منهم اليوم دروعاً مالية، ويأخذهم بجريرة كل أعماله الشريرة التي يقوم بها في لبنان والمنطقة». وقال: «بعد سقوط المصرف اللبناني الكندي (الذي أقفل قبل سنوات بعد عقوبات أميركية استهدفته)، وبعد سقوط رجل الأعمال الشيعي حسن تاج الدين في قبضة الأميركيين، تسقط آخر ذرائع حزب الله التي يدعي فيها أنه قادر على حماية متموليه».

من جهته، رأى رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد أن «قانون العقوبات المالية الذي يتحرّك الآن في الكونغرس الأميركي ضد الحزب، هو لترهيب لبنان وليس موجّهاً لـ(حزب الله)». وقال: «هم يريدون تركيع لبنان وإخضاعه والاستفراد به، فضلاً عن إحداث بلبلة بين المجتمع اللبناني والدولة في لبنان، ولكن ولّى هذا الزمن، فهؤلاء مهما تآمروا وخططوا فلن يثنينا شيء عن التمسك بنهج مقاومتنا ومواجهة الأعداء الذين يريدون إخضاع إرادتنا وإذلالنا».