IMLebanon

تعليق زيادة الرواتب يطوّق الحكومة

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

عادت أزمة زيادة رواتب المعلمين وموظفي القطاع العام في لبنان إلى الواجهة، مع توجه الحكومة إلى الطلب من المجلس النيابي الإجازة لها بتعليق قانون سلسلة الرتب والرواتب لبعض الوقت، إذا لم يتمكّن البرلمان من إقرار قانون الضرائب المعدّل قبل نهاية الشهر الحالي، الأمر الذي رفضته هيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام الذي لوّح بالعودة إلى التصعيد والإضراب العام، إذا ما حاولت الحكومة دفع الرواتب وفق الجداول القديمة.

لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري استبق أي تحرّك نقابي، ودعا النواب إلى حضور جلسة نيابية عامة حددها الاثنين المقبل، لدرس وإقرار مشروعات القوانين المدرجة على جدول أعمال الجلسة والمحالة من الحكومة، بما فيها مشروع قانون الضرائب. وقال بري خلال «لقاء الأربعاء» النيابي أمس، إن «الجلسة التشريعية يوم الاثنين مخصصة لمناقشة وإقرار مشروعات القوانين المعجلة التي أحالتها الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة»، معتبراً أن «المجلس، في إطار ورشته التشريعية، حريص على حسم موضوع الضرائب وإنهائه».

وتعلّق الحكومة أهمية على الجلسات التشريعية التي ستعقد الأسبوع المقبل، وهي لا ترى أسباباً موجبة للعودة إلى التصعيد، وفق تعبير وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «تلميح الحكومة إلى الطلب من البرلمان تعليق السلسلة، هو من باب حثّ المجلس النيابي على الإسراع في إقرار قانون الضرائب الذي سيموّل السلسلة، وليس من باب التصعيد». وذكّر بأن «زيادات الرواتب مربوطة حكماً بإقرار الضرائب». وقال: «بادرت الحكومة إلى دفع رواتب شهر سبتمبر (أيلول) وفق جداول سلسلة الرتب والرواتب، ولكن لمرة واحدة وبشكل استثنائي إلى حين إقرار الضرائب مجدداً، لكن إذا لم تقرّ الضرائب لا يمكن المضي بدفع الرواتب على أساس السلسلة؛ لأن ذلك يقود البلد إلى أزمة مالية كبيرة». وعبّر فرعون عن تفاؤله بأن «المجلس سيتحمّل مسؤولياته»، مؤكداً أن «كل القوى السياسية هي مع السلسلة ومع إقرار الموازنة ومع ضرائب عادلة ومقبولة».

من جهته، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في مؤتمر صحافي، أن «أي بحث أو إعطاء أوامر بالعودة للدفع وفق الجداول القديمة، سيجابه بإعلان إضراب مفتوح في كل القطاعات والمدارس». وسأل الحكومة: «ماذا تطلبون من الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق؟ هل المطلوب أن يقفوا متفرجين على العمال والأساتذة وهم يقهرون قبل حصولهم على الزيادات؟ هل فكرتم في المعوقات الإدارية في الوزارات إذا عدتم عن تطبيق السلسلة؟»، معتبراً أن «الدولة منخورة بالفساد وتضرب الوضع المعيشي بقرارات عشوائية متضاربة».

ويبدو أن الجلسات التشريعية ستكون محفوفة بمواجهات سياسية بين الحكومة وبين النواب الذين طعنوا في قانون الضرائب، ما أدى إلى إبطاله من قبل المجلس الدستوري، إذ اعتبر عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني أن «ما بني على باطل فهو باطل». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة عندما تخالف الدستور والقوانين وتكون عالة على المواطن، ستخاف بطبيعة الحال من طعون جديدة ومن الدستور».

وعمّا إذا كان نواب «الكتائب» سيطعنون مرة جديدة في قانون الضرائب إذا ما أقرّ مجدداً، قال ماروني: «لسنا هواة طعون ولا معارضة؛ لكن يبقى هدفنا العامل اللبناني ومصدر رزقه»، لافتاً إلى أن الحكومة «أعطت الزيادات بيدها اليمنى وأخذتها باليد اليسرى، عبر الضرائب الجائرة والازدواج الضريبي لأصحاب المهن الحرّة، لذلك ذهبنا إلى الطعن بالضرائب». وأضاف: «نحن نراقب ونترقب، ونعوّل على وعي النواب ليمارسوا دورهم، ونعوّل على حكمة الرئيس نبيه بري، بأن يطرح القانون على التصويت مادة مادة، وبالمناداة، عندها يعرف المواطن أي نائب مع الضرائب وأي نائب ضدها».

من جهته، لفت النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت إلى «وجود إرادة سياسية للخروج من مأزق سلسلة الرتب والرواتب، وعدم الوقوع في إشكالية أثرها الاقتصادي»، معتبراً أن «عناصر الالتزام بمطالعة المجلس الدستوري لا سيما لجهة التصويت بالمناداة بأسماء النواب، سيحرج القوى السياسية كونه سيبرز بوضوح مَن هو مع الضرائب ومن هو ضدها، وبالتالي ستتضح المواقف من سلسلة الضرائب المطروحة، حيث لم تعد الموافقة بالمطلق». ووصف الحوت طرح تأجيل دفع السلسلة بأنه «طرح مفخخ، والهدف منه نقل الكرة الملتهبة من الحكومة إلى المجلس النيابي، كي يتحمّل المواجهة مع الناس التي شعرت أن هناك حقاً أعطي لها بيد وسيسلب منها بيد أخرى».