IMLebanon

“هواجس” روسية من “ضغوط” أميركية “لفرملة” عقود التسليح

كتب ابراهيم ناصر الدين في صحيفة “الديار”:

لاول مرة في لبنان لا يبدو ان «الهدوء» السياسي الراهن يسبق «العاصفة»، الانسيابية «العجائبية» في تجاوز المطبات «وحقول الالغام» الدستورية، والمالية، والعسكرية، والامنية، لا تأتي من فراغ، ثمة معادلة تحكم مسار التطورات السياسية في المرحلة المقبلة، عنوانها الحفاظ على «الشريك» السني الوحيد المتاح في البلاد لكي يتحقق التوازن «الهش» القائم، الرئيس سعد الحريري تحوّل الى شريك «الضرورة»، وهذا ما حتم حصول تفاهم بين حلفاء محور المقاومة لمساعدته على عبور مرحلة ما قبل «الاستدارة» بأقل الخسائر الممكنة… نجاح هذا التفاهم محكوم بالتزامه بالجزء الخاص به من ان يكون بعد الانتخابات غير ما قبله… وبانتظار كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الاحد المقبل، برزت خلال الساعات القليلة الماضية «هواجس» روسية من «ضغوط» أميركية جديدة على لبنان قد تعرقل الجزء الأهم من اتفاقيات التسليح المتفق عليها بين موسكو وبيروت..

وبحسب اوساط وزارية بارزة حليفة لدمشق، فان «مروحة» مشاورات بعيدة عن الاضواء كان محورها حزب الله أفضت في خلاصتها الى اتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لتأمين المناخات الداخلية المؤاتية «لهبوط آمن» لرئيس الحكومة سعد الحريري بهدف الحفاظ على الاستقرار الداخلي… فحلفاء دمشق الثلاثة يدركون صعوبة التحولات المطلوبة من رئيس تيار المستقبل الذي يتحضر «نفسيا» وعمليا للتعامل بواقعية مع مرحلة ما بعد القضاء على «داعش» في سوريا، لانه يدرك جيدا بانه لن يستطيع ان يعود الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية المقبلة، اذا كان غير قادر على «استيعاب» طبيعة التحولات السياسية والميدانية في المنطقة…

ووفقا لتلك الاوساط، ابلغ محاوريه انه يحتاج الى فرصة لخوض انتخابات تشريعية ناجحة، وكذلك يحتاج الى وقت حتى يتبلور الموقف السعودي… ووفقا للمعلومات، فإن الرئيس الحريري سبق وطلب لقاء ولي العهد محمد بن سلمان، فجاء وزير شؤون الخليج تامر السبهان الى بيروت، ولم يحمل معه أي إجابات واضحة على تساؤلات رئيس الحكومة، لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي تربطه بالحريري علاقة صداقة متينة، تواصل معه لاحقا وابلغه ان الموعد سيحدد بعد عودة الملك سلمان من زيارته الى موسكو،لأنه لا جديد قبل تلك الزيارة، والافضل حصولها بعد عودته، الا اذا قرر ولي العهد محمد بن سلمان عكس ذلك…

وبات واضحا اليوم ان الزيارة ستحصل بعد عودة الملك الى الرياض، وتشير «اجواء» موسكو انه تفاهم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «خارطة طريق» لا تبدو صعبة التنفيذ في الازمة السورية على وجه التحديد، بعد ان اعاد السعوديون بالامس ابلاغ الروس انهم «غسلوا ايديهم» من هذا الملف، وتعهدوا «بتعبيد الطريق» أمام انجاح الحل السياسي دون اشتراط «رحيل» الرئيس بشار الاسد…

طبعا اصداء القمة الروسية – السعودية التي وصل صداها الى بيروت بالامس، سيكون لها ما قبلها وما بعدها، لكن الامر يحتاج الى المزيد من الوقت كي تتبلور على الساحة اللبنانية، ولن يحصل ذلك قبل بضعة اشهر، ستكون كافية لاعادة صياغة الموقف داخل تيار المستقبل، وفي هذا السياق تسمع الدائرة المقربة من الرئيس الحريري كثيرا ترداده مفردة «بعدين منشوف، طولوا بالكم»، وذلك عند سؤاله عن بعض الملفات الاساسية، ويدرك هؤلاء انه ينتظر الموعد «السعودي» «ليبني على الشيء مقتضاه»… وعلى هامش اللقاء المرتقب مع المسؤولين السعوديين، لدى رئيس الحكومة مهمة ثانوية تتعلق باعادة «تسويق» الوزير نهاد المشنوق في المملكة بعد ان تراجع «نفوذه» هناك بفعل «ازاحة» ولي العهد السابق محمد بن نايف من السلطة، وفي الامر مفارقة «عجيبة» بحسب اوساط نيابية في تيار المستقبل، لان من كان يعتبره رئيس الحكومة «حملا زائدا» بات اليوم «رأس حربة» في فريقه السياسي ويحتاجه لمواجهة «الصقور» داخل «التيار الازرق»…

«الهواجس الروسية»

ومع الاعلان عن زيارة سيقوم بها قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون الى الولايات المتحدة الأميركية في أواخر تشرين الاول الجاري، عاد الحديث عن الموقف الاميركي من حصول الجيش اللبناني على عقود تسليح من موسكو الى دائرة الضوء مجددا، في ظل «اغراءات» اميركية جديدة ترجمت على شكل تسريبات تتحدث عن استعداد واشنطن لزيادة حجم المساعدات والهبات العسكرية للمؤسسة العسكرية، وتشمل اسلحة نوعية وذخائر متنوعة، ومدرعات، فضلا عن تزويده بطائرات «سوبر توكانو» بعد نجاح سلاح الجو اللبناني في استخدام طائرة الـ «سيسنا» في معركة فجر الجرود من خلال المواءمة بين دورها في الاستطلاع وإعطاء الاحداثيات للمدفعية..

وبحسب معلومات احد النواب الذين تربطه علاقة وثيقة مع موسكو، ثمة اسئلة حائرة في السفارة الروسية في بيروت حيال «البرودة» اللبنانية ازاء تفعيل التفاهمات التي جرى التفاهم عليها مؤخرا خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى موسكو، ومن ضمنها تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين، مع العلم ان الوفد العسكري الروسي الذي ضم ممثلين عن وزارة الدفاع والهيئة الحكومية للتعاون العسكري والتقني وهيئة التسليح وممثلين عن الإدارة الرئاسية الروسية، ابدى استعداده امام المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في بيروت قبل ايام لتسريع تنفيذ التفاهمات… وكانت المعلومات قد أشارت الى وعود بشراء 6 مروحيات قتالية من طراز «ميلي مي 24»، و77 دبابة طراز «تي 72 أيه»، و36 مدفعاً من عيار 130 ملم، و37 ألف قذيفة مدفعية من عيارات مختلفة، ونحو نصف مليون طلقة نارية، ويبدو ان واشنطن لا تزال تعارض بنوع خاص إبرام لبنان صفقة شراء مروحيات قتالية روسية ودبابات «تي 72»، لاسباب غير منطقية تندرج في رغبة واشنطن «بهيمنة» حصرية على تسليح وتدريب الجيش، ومراعاة اسرائيل من جهة اخرى…

ومن المقرر ان يبحث قائد الجيش في زيارته الاميركية المرتقبة في مستوى مشاركة واشنطن في مؤتمر «روما 2» وفي حجم وشكل الدعم الذي يمكن أن تقدّمه للجيش خلاله… لكن تلك الاوساط تنقل عن الروس شعورهم بالقلق من ان يكون مؤتمر روما الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والذي ستحضره ما يسمى«مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان»، مناسبة لتمارس واشنطن ضغوطها السياسية على لبنان لثنيه عن الذهاب بعيدا في تفعيل العلاقات العسكرية مع موسكو، وفي هذا السياق تضغط واشنطن على حلفائها الاوروبيين لزيادة زخم دعمهم العسكري للبنان، وقد استانفت بريطانيا والمانيا مساعداتهما للجيش اللبناني حيث تستكمل لندن عملية بناء ابراج المراقبة على طول الحدود الشرقية، فيما تدرس برلين احتياجات الجيش لدعمه… وبحسب المعلومات فان قيادة الجيش منفتحة على تنويع مصادر التسليح وتتعامل مع هذا الملف في اطار رفع جهوزية المؤسسة العسكرية، ويبقى القرار النهائي لدى السلطة السياسية المطالبة بتبديد «الهواجس» الروسية، بتسريع خطواتها العملانية، وربما قد تصبح الامور اكثر سهولة بعد توقيع الملك السعودي امس في موسكو عقدا لشراء صواريخ اس 400 روسية، وهو ما سبقته اليه تركيا…