IMLebanon

الجيش: الأمر لي على الحدود الشرقية

كتب محمود شكر في صحيفة “المستقبل”:

بدأت نتائج معركة «فجر الجرود» العسكرية تترجم ميدانياً على الأرض عبر التمركز العسكري الجديد لمواقع أفواج الحدود البرية، والتي أنشأها الجيش خصيصاً لهذه المهمة دون سواها. فما أن توقفت العمليات العسكرية في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع حتى قامت قيادة الجيش بنقل بعض المراكز، والتي كانت الحكومة البريطانية قد جهزتها منذ سنوات بأبراج متطورة ورادارات وأجهزة استشعار عن بعد وبغرف تتناسب مع تضاريس ومناخ المواقع المرتفعة، إلى تماس الحدود اللبنانية ـ السورية على طول الخط من عرسال إلى القاع. وأعدت خطة عسكرية على قدر الإمكانات المتوافرة داخلياً والمقدمة كهبات خارجياً لإقامة خط عسكري حدودي بدأت مراكزه الثابتة من مشاريع القاع وصولاً إلى راشيا في عيحا ودير العشاير.

ووزعت القطاعات الجغرافية على أفواج مهمتها الأساسية، حماية وضبط الحدود اللبنانية بالإتجاهين من اللاجئين والإرهابيين والمهربين، منع تسلل الأشخاص والبضائع والمنتوجات والدفاع عن الأراضي اللبنانية من أي اعتداء عسكري.

فسرايا فوج الحدود البرية الثاني تنتشر من القاع حتى جرود عرسال وتتمركز قيادته في رأس بعلبك التي اتخذت قيادة الجيش منها غرفة عمليات لإدارة معركة «فجر الجرود». وفوج الحدود البرية الرابع يستكمل من عرسال جنوباً وصولاً إلى المصنع شرقاً وبدأت مراكزه بالتثبيت وتحديداً فوق عنجر وعلى مشارف بلدة الطفيل اللبنانية في رأس الحرف، وتتمركز قيادته في ثكنة الشيخ عبدالله في بعلبك. وفوج الحدود البرية الثالثة ثبت مراكزه من المصنع جنوباً حتى أعالي راشيا ومركز قيادته المؤقت في ثكنة أبلح على أن ينتقل بعدها إلى قضاء راشيا.

وانطلقت عمليات الإنتشار والتمركز بقوة ويقوم فوجا الأشغال والهندسة في الجيش اللبناني ببناء عدد من المراكز الجديدة للتوسع في الإنتشار وربط بعضها مع بعض جغرافياً وتقنياً .

واستكمالاً لهذا التوجه الجديد عند قيادة الجيش وعند الجهات الغربية التي تولي الحدود الشرقية اهتماماً بالغاً يترجم بالزيارات الميدانية للوفود العسكرية الغربية للحدود، أصدر قائد الجيش العماد جوزف عون منذ أيام قراراً بإنشاء منصبٍ عسكريٍ جديدٍ أسند إلى ضابط برتبة عميد تكون مهمته الإشراف على الأفواج الحدودية المذكورة وينسّق بينها ويُعدّ الدراسات التي تحتاجها ويوزع المهمات العسكرية المنوطة بها.

وفي هذا الإطار، جاءت زيارة العماد عون إلى البقاع وتحديداً إلى ثكنة قاعدة رياق العسكرية، حيث يؤهل الجيش مركزاً لتدريب إدارة الحدود ممولاً من الإتحاد الأوروبي وبتنفيذ من المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة الذي مقره فيينا، واجتمع مع كبار الضباط وكان لافتاً أن عون أكد للعسكريين أن «سلامة الوطن هي من سلامة حدوده التي باتت كاملة في عهدة الجيش بعد عملية فجر الجرود».

وشدد عون على تكثيف عمليات الرصد والمراقبة والتدابير الميدانية لقمع أعمال التسلل والتهريب بالإتجاهين. وهذا المركز سيستقبل بعد أشهر سرايا من الأفواج البرية لرفع مستوى أدائها ولتحسين قدراتها التقنية والتكتيكية على السواء. وسيستقبل البرنامج عناصر من الأجهزة الأمنية اللبنانية أيضاً.

وتعتبر خريطة الإنتشار العسكري بالتحليل السياسي والأمني والعسكري إنجازاً وطنياً يُسجل لأول مرة للدولة اللبنانية منذ الإستقلال، وداعماً لعوامل استراتيجية في قيام الدولة وتعزيز الإستقرار الداخلي، فمن يمسك بأمن الحدود يمسك بالأمن الداخلي. لهذا سارع الجيش إلى إقامة المراكز عند الحدود بعد المعركة متسلحاً بدعم وطني وشعبي واسع من رئاسة الجمهورية بشخص العماد ميشال عون إلى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي زار المراكز العسكرية المتقدمة في الجرود وأعلن عن دعم ستقدمه الحكومة لإتمام هذا الإنتشار الذي يغطي اليوم أغلب الحدود بانتظار الإنتهاء من ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا التي تهربت من هذا المطلب اللبناني الوطني طوال العقود الماضية، وتذرعت بأسباب واهية لمطامع تاريخية بالأراضي اللبنانية، مترسخة في أدبيات منظومة «البعث» الحاكم.