IMLebanon

فلينتحر “حزب الله” وحيداً (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

تتسارع التطورات الإقليمية والدولية في اتجاه محاصرة إيران و”حزب الله”، وتتلبّد الغيوم السوداء في سماء المنطقة، ما يُنذر بعاصفة قد تطيح بالكثير من المعادلات. الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب غيرت استراتيجيتها تجاه إيران، وزارة الخزانة الأميركية وضعت الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، واتخذت سلسلة عقوبات بحقه. الكونغرس الأميركي يقرّ قريبا جدا قانونا يوسّع العقوبات المالية على “حزب الله”، وإسرائيل تهدد بأن الحرب المقبلة ستكون على الجبهتين اللبنانية والسورية في آن واحد.

في المقابل يصعّد المسؤولون الإيرانيون تهديداتهم ضد واشنطن، في رد فعل طبيعي ومفهوم على الخطوات الأميركية المتسارعة. لكن ما ليس مفهوماً أن يتنطّح السيد حسن نصرالله للتهديد بأن “أي تغيير في الاستراتيجية الأميركية حيال إيران سيصيب المنطقة برمتها وليس فقط طهران”!

في صيفالـ2006 حين اندلعت حرب تموز الشهيرة، وقف اللبنانيون بغالبيتهم الساحقة خلف “حزب الله” ورفضاً للعدوان الإسرائيلي. وتمكّن الحزب من حصد تأييد واسع في كل الساحات العربية، وتضامنت الحكومات العربية والخليجية تحديداً مع لبنان، فحمت السعودية الاقتصاد اللبناني من خلال الوديعة المالية في مصرف لبنان، كما تولت وقطر إعادة إعمار الجزء الأكبر مما تهدّم.

الصورة اليوم اختلفت. كل العرب باتوا ضد “حزب الله” وإيران من خلفه، ولن يحظى لبنان بأي مساعدة فيما لو غطّى ممارسات الحزب. أكثر من نصف اللبنانيين اليوم أصبحوا ضد “حزب الله” وبيئته، ومن سابع المستحيلات أن يدعموه في أي حرب مقبلة لا سمح الله، ويقيناً أن النازحين من الجنوب لن يجدوا ملاذاً آمناً في الكثير من المناطق، سواء بسبب غضب اللبنانيين من الحزب، أم حتى بسبب النزوح السوري الكثيف في كل المناطق، فلا مكان يتسع لأي نازح جديد، ناهيك عن أن بيئة “حزب الله” باتت غير مرغوب فيها في معظم المناطق.

ثم تأتي العقوبات المالية الأميركية لتجرّد “حزب الله” من أي تعاطف داخلي منعاً للالتباس تجاه الأميركيين. التحايل لم يعد ينفع. بكل اختصار بات على “حزب الله” أن يواجه مصيره وحيداً. لا تعاطف داخلي أو عربي، ولا ملجأ لبيئته، إضافة إلى حصار مالي خانق.

أوصل “حزب الله” نفسه بنفسه إلى هذه الأزمة المصيرية. 11 عاماً من الأخطاء القاتلة، من التحريض على البحرين والسعودية، مرورا بالانغماس في اليمن دعماً للحوثيين، وصولاً إلى قتل الشعب السوري دفاعاً عن نظام بشار الأسد. كل ذلك من دون أن ننسى ونُغفل كل أصابع الاتهام على أعلى المستويات لـ”حزب الله” بالمسؤولية عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجميع شهداء “ثورة الأرز”، إضافة إلى اجتياح بيروت والجبل في 7 أيار 2008، وصولاً إلى العقوبات المالية التي أرهقت المصارف اللبنانية تماماً كما أرهقت وسترهق بيئته الحاضنة.

بات على “حزب الله” اليوم أن يواجه مصيره بنفسه. لا تعاطف أو تضامن معه. حتى الوصي الإيراني عليه بات يفكّر في المساومة على رأس الحزب حماية لما هو أكبر وأهم. بهذه الخلاصة يبقى على “حزب الله” ألا يورّط لبنان في أي مغامرات مجنونة مجدداً لأن لا فائدة منها، وإذا رغب الحزب في الانتحار، بكل بساطة ووضوح، فلينتحر وحيداً ويدعنا وشأننا!