IMLebanon

سكاف تبحث عن حليف قوي…

كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:

في الذكرى السنويّة الثانية لغياب النائب السابق إلياس سكاف، تقيم «الكتلة الشعبيّة» و«آل سكاف» وأنسباؤهم قداساً في مقام سيّدة زحلة والبقاع غداً الأحد، سيكون أيضاً بمثابة إختبار لقدرة السيدّة مريام سكاف على التجييش والحشد، في إستعراض سياسي لقوّة «الكتلة الشعبيّة» في دائرة زحلة (تضم 7 مقاعد: 2 كاثوليك، 1 أرثوذكس، 1 ماروني، 1 أرمن، 1 سنّي، 1 شيعي)، في إطار الإستعدادات المستمرّة لمختلف القوى والشخصيّات «الزحليّة» ـ إذا جاز التعبير، للإنتخابات النيابيّة في أيار من العام 2018. وبحسب المعلومات المُتوفّرة فإنّ السيّدة سكاف سُتطلق مواقف عالية السقف، تعكس تحضيراتها الواثقة بالنسبة إلى الإنتخابات المُقبلة، وتؤكّد مرجعيّة «بيت سكاف» الذي لا يُمكن لأي حزب أو جهة إغلاقه.

لكن وقبل تناول آخر المعلومات بشأن التحالفات والتموضعات السياسيّة المُرتقبة في دائرة زحلة عشيّة الإنتخابات النيابية، من الضروري التذكير سريعاً بما أظهرته الأرقام في آخر عمليّتي إقتراع نيابي وبلدي. ففي آخر إنتخابات نيابية جرت في العام 2009، إقترع ما مجموعه 93,376 ناخبًا، أي ما نسبته 59,1 % من إجمالي عدد الناخبين، ونالت لائحة قوى «14 آذار» آنذاك 52 % من الأصوات بينما نالت لائحة «الكتلة الشعبيّة» التي كانت مدعومة من قوى «8 آذار» و«التيار الوطني الحُرّ» 44,3 % من الأصوات. وفي خلال الإنتخابات البلديّة الأخيرة التي جرت في العام 2016، إقترع ما مجموعه 26,886 ناخبًا في مدينة زحلة من أصل 63,418 ناخبًا على لوائح الشطب. وبحسب النتائج التي سُجّلت في حينه، تمكّنت اللائحة المدعومة من كل من «القوّات اللبنانيّة» و»التيّار الوطني الحرّ» و«الكتائب اللبنانيّة» من الفوز بالإنتخابات البلدية حاصدة المقاعد كاملة وعددها 21 مقعداً. لكن ما هو إنتصار في «التصويت الأكثري» لا يُعتبر كذلك في التصويت النسبي، باعتبار أنّ اللائحة الفائزة نالت ما مجموعه 10,510 أصوات في مُقابل 8,896 صوتاً للائحة المدعومة من «الكتلة الشعبيّة و7,044 صوتًا من اللائحة المدعومة من النائب نُقولا فتّوش.

وبحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ مُختلف الأحزاب والقيادات في زحلة تواجه مُشكلة التواجد في لائحة واحدة أو حتى في لائحتين مُتواجهتين، ما سيفتح الباب واسعاً أمام تنافس ما لا يقلّ عن أربع لوائح مُكتملة على الأقلّ. وأضافت أنّ السيّدة سكاف، تسعى أوّلاً لإظهار قوّتها الذاتية في قضاء زحلة مُستفيدة من إرث النائب الراحل إلياس سكاف ومن الكتلة الكاثوليكيّة الناخبة والتي تضم 33,000 ناخب وهي عدديًا في المرتبة الثانية مذهبياً بعد الكتلة السُنيّة في القضاء، وذلك بهدف تعزيز موقعها التفاوضي عشيّة تركيب اللوائح الإنتخابيّة. وهي تُحاول التحالف مع «تيّار المُستقبل»، خاصة وأنّ عدد الناخبين السنّة في القضاء يبلغ 49,000 ناخب كانوا صوّتوا بنسبة 86 % إلى جانب لائحة قوى «14 آذار» مُتقيّدين بتعليمات «المُستقبل» آنذاك. وأضافت الأوساط نفسها أنّ الخيار البديل عن التحالف مع «المُستقبل» سيكون التحالف مع «حزب الله»، علماً أنّ الكتلة الشيعية الناخبة في هذه الدائرة وعددها صار يبلغ نحو 27,000 ناخب كانت منحت لائحة «8 آذار» في إنتخابات العام 2009 ما نسبته 94,3 % من الأصوات، و3,1 % فقط لا غير للائحة «14 آذار». ولا تُمانع «الكتلة الشعبيّة» تكرار «سيناريو» العام 2009، وضمّ مرشّح عن «التيار الوطني الحُرّ» لكن بشرط أن يعترف بحجم شعبيّة «الكتلة» في زحلة وبحقوقها على مُستوى الترشيح. واللافت – بحسب الأوساط نفسها أنّ ثقة «الكتلة الشعبيّة» بنفسها كبيرة، إلى درجة أنّها وفي حال فشلها في الدخول في تحالف يُعطيها حقّها بحسب تقديراتها لقوّتها الذاتية، فإنّها ستلجأ إلى تشكيل لائحة بنفسها، تجذب إليها فئة المُستقلّين الذين أشارت بعض التقديرات إلى تنامي حُضورهم في المدينة، من دون أن تُغلق الباب حتى عن ضم مُستبعدين عن اللوائح مثل حزب «الكتائب» بشرط إبعاد النائب الحالي إيلي ماروني بسبب وجود خلافات شخصيّة بين الطرفين، وإستبداله بمرشّح «كتائبي» جديد.

من جهة أخرى، أشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ حزب «القوات اللبنانيّة» يتجه إلى التخلّص من «الحمولة الزائدة» التي أرغمته بأسماء مُرشّحين في السابق، من دون أن تُكسبه مجموع أصوات يُذكر، بحيث ستخوض «القوات» المعركة من دون «التيّار الوطني الحُرّ»، ومن دون «الكتائب» الذي يتقاسم الجزء الأكبر من مُحازبيه مع «القوّات». كما أنّ رئيس «القوات» الدُكتور سمير جعجع قرّر تغيير النوّاب القوّاتييّن الثلاثة في زحلة، علمًا أنّ بعضهم قرّر العزوف تلقائيًا عن المعركة. وأضافت الأوساط أنّه بهدف منع الخُصوم من إستغلال نغمة «سعي الأحزاب لإقفال البيوتات السياسيّة في زحلة»، ستقوم «القوّات» بترشيح شخصيّات من هذه «البيوتات» بالتحديد ضمن لائحتها، حُسم منهم حتى تاريخه إسم الطبيب ميشال فتوش، إبن شقيق النائب نقولا فتّوش. وتعتبر «القوّات» أنّ تحالف كل من «التيار الوطني الحُرّ» و«حزب الله» لا يُشكّل خطراً عليها، لأنّ عينها ليست على المقعد الشيعي بل على المقاعد المسيحيّة، علمًا أنّ لائحة «14 آذار» كانت نالت في العام 2009 تأييد 56 % من موارنة قضاء زحلة وعددهم حالياً 27,000 ناخب، و50 % من الناخبين الروم الكاثوليك فيه وعددهم حالياً 16,000 ناخب. كما تستفيد «القوات» من دعم كبير من جانب طائفة السريان بشقّيها الأرثوذكسي وعددهم 5500 ناخب والكاثوليكي وعددهم 2150 ناخبًا. لكنّ «القوّات» تُخطّط بدورها للتحالف مع «تيّار المُستقبل» في القضاء، بينما لا يزال موقف الأخير غير محسوم حتى الساعة. ومن بين الأسماء قيد الدرس «قواتياً» الوزير السابق سليم ورده رجل الأعمال إبراهيم الصقر.

وبالنسبة إلى «التيار الوطني الحُرّ» الذي يحرص على إبقاء نائبه السابق سليم عون في طليعة المرشحين، فهو يسعى ـ بحسب الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها لضمّ أسماء قويّة إلى تحالفه المرتقب مع «حزب الله» في القضاء، على غرار وزير العدل سليم جريصاتي ورجل الأعمال ميشال ضاهر.

وفي ما خصّ النائب نُقولا فتّوش فهو يُخطط بدوره لتشكيل لائحة مُستقلّة في حال فشلت مُحاولة إعادة تحالفه مع «الوطني الحُرّ»، علماً أنّه يُبدي إستعداده للتحالف مع من سيتحالف معه. ومن بين القوى التي تطمح إلى ما تعتبره منع الإستيلاء على مقعدها، حزب «الطاشناق» الذي يرغب بالدخول في أي تحالف يرفع حُظوظه بإستعادة المقعد الأرمني في «عروس البقاع»، علماً أنّ عدد الناخبين الأرمن في قضاء زحلة يبلغ 8600 «أرثوذكس» و2350 «كاثوليك»، وبالتالي إنّ عدد المُقترعين الأرمن لا يكفي لتأمين المقعد ما لم يتمّ دعمه من قبل ناخبين من مذاهب وربما من طوائف أخرى.

وختمت الأوساط السياسيّة كلامها بالتأكيد أنّ معركة دائرة زحلة الإنتخابيّة هي من المعارك الصعبة، بسبب تنوّعها الطائفي والمذهبي والسياسي، مُعتبرة أنّ طبيعة التحالفات التي ستتم فيها ستقطع نصف الطريق نحو حسم النتيجة. ورأت أنّ «الكتلة الشعبيّة» قوّة لا يُستهان بها في المدينة، لكنّ عدم دُخولها في تحالف قوي يعني حُكماً عدم التمكّن من السيطرة على مقاعد القضاء، ولوّ أنها ستتمكّن من حجز حصّة لها في الحصيلة النهائية للإنتخابات، كما هي حال أغلبيّة باقي القوى والشخصيّات!