IMLebanon

حياة الأكشاك المخالفة (بقلم بسّام أبو زيد)

كتب بسّام أبو زيد:

لا يستطيع لبنان بكل المقاييس والاحوال أن يخرج في هذه المرحلة من دائرة “حزب الله”، كحزب يشكل القاعدة الخلفية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي القاعدة الأهم منذ الثمانينات، إذ إن القواعد الخلفية الأخرى الشبيهة به والموجودة في سوريا والعراق واليمن والبحرين وغيرها من دول الخليج لا تزال طرية العود وهي بحاجة بالتالي لـ”حزب الله” الذراع الإيرانية القوية.

ولكن الذي تغير في هذه المرحلة أن الضغط على الجمهورية الاسلامية الايرانية و”حزب الله” إلى ازدياد، ويمكن القول إن استهداف “حزب الله” يبدو وكأن لديه أجندة منفصلة عن استهداف الايرانيين مباشرة، ويدخل في هذه الأجندة ممارسة المزيد من الضغط على لبنان واللبنانيين. وتجد الدولة اللبنانية نفسها في هذا المجال محرجة ومربكة وعاجزة عن اتخاذ قرار، ما سيؤدي إلى دفع الثمن في العلاقات مع المجتمع الدولي من كل النواحي ولا سيما السياسية والاقتصادية.

لقد حاولت الدولة اللبنانية أن تقنع المجتمع الدولي بالفصل بينها وبين الحزب وبأن هذا الحزب هو شريحة أساسية من المجتمع اللبناني. ساير المجتمع الدولي وحتى الأميركيين الدولة اللبنانية في هذا المجال وهم يدركون جيدا حجم التأييد الشعبي والسياسي لـ”حزب الله” في لبنان، ولكن هذه المسايرة يبدو أنها سقطت أو على طريق السقوط بعدما لاحظ المجتمع الدولي أنه بدل نزوح الحزب نحو الدولة، فإن الدولة تنزح نحو الحزب وبشكل لم يسبق له مثيل.

هذا الواقع لم يوقع فقط الدولة بالمزيد من الارباك، بل وقع به الكثير من الفرقاء السياسيين، وفي مقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري والمتحالفون معه، باعتبار أن هناك من حملهم من العرب والعالم مسؤولية ما وصلت وستصل إليه الأمور في المواجهة المفتوحة مع “حزب الله”، وهي مواجهة ستكون ساحتها لبنان والقطاعات اللبنانية المختلفة ولا سيما القطاع الاقتصادي، علما ان المجتمع الدولي يدرك استحالة ضلوع أي طرف لبناني في هذه المواجهة ولأسباب متعددة، أولها رفض أي نزاع داخلي سيؤدي إلى سقوط كل البلد ومؤسساته.

هذه النتيجة قد تكون حاضرة أيضا في سياق المواجهة الراهنة، والمطلوب من أجل عدم الوصول إليها في كل الحالات هو قيام حوار صادق وجدي بين “حزب الله” وبقية مكونات الوطن تقال الأمور فيه بصراحة وشفافية، وأولها أن هذا البلد الصغير ليس من مهامه مواجهة العالم وتحصيل حقوق العرب والمسلمين، فيحق لأبنائه ولأي طائفة انتموا أن يعيشوا حياة كريمة لا ترتبط بأكشاك مخالفة وارتكابات فرضها واقع اجتماعي لا في الضاحية ولا في غيرها.