IMLebanon

اهتمام دولي بتثبيت الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تحولت الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل إلى مركز الاهتمام الدولي، في مؤشر على رغبة دولية في حماية الاستقرار على الحدود الجنوبية، وتثبيت القرار الدولي 1701. في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين «حزب الله» اللبناني من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، على خلفية عقوبات أميركية ضد الحزب، واستهداف إسرائيلي متكرر لمناطق سورية تعتبر حيوية بالنسبة للحزب.

وتزامن هذا الاهتمام في ظل إجراءات إسرائيلية استثنائية، تمثلت في الإعلان عن توجه إسرائيلي لبناء جدار فاصل على حدودها الشمالية مع لبنان، وزيارات متكررة لمسؤولين دوليين إلى منطقة الجنوب، كان أبرزها زيارة وفد عسكري أميركي إلى الجنوب الشهر الماضي، وكان آخرها أمس قيام فريق من مراقبي الأمم المتحدة بتفقد الخط الأزرق في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، مستقلا مروحية تابعة لليونيفيل والتي نفذت طلعات استكشافية على علو منخفض فوق هذا الخط، انطلاقا من محور تلة العباد وحتى تخوم مزارع شبعا مرورا بالوزاني الغجر والعباسية، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وتقود المؤشرات على هذا الحراك الدولي باتجاه الجنوب، إلى رغبة دولية بتثبيت الاستقرار في الجنوب، بعد تمديد مهمة اليونيفيل في شهر أغسطس (آب) الماضي، وتعزيز الجيش اللبناني لقواته المنتشرة في الجنوب.

ويرى سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور عبد الله بو حبيب أن الإدارة الأميركية «لا تريد تغيير الوضع الراهن في الجنوب كونها ترتاح إلى الاستقرار الذي تثبت في المنطقة منذ 11 عاماً»، مشيراً إلى أن بعض الأصوات الأميركية المنادية بتغيير قواعد الاشتباك في مهمة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب «لا تستطيع القيام بذلك»، مستنداً إلى أن الأوروبيين «غير مستعدين إلى تغيير قواعد الاشتباك التي ستضعهم بمواجهة مع حزب الله»، بالنظر إلى أن القسم الأكبر من قوات حفظ السلام هي من الجنسيات الفرنسية والإيطالية والإسبانية.

ويقول بو حبيب لـ«الشرق الأوسط» إن الأوروبيين «ينسحبون من المهمة في حال فرض عليهم الاشتباك مع حزب الله»، مؤكداً أن القرار 1701 «أعطى نوعاً من السلام والاستقرار للأهالي والجيش اللبناني واليونيفيل على حد سواء»، معرباً عن أمنيته أن يبقى الستاتيكو الراهن قائماً، مضيفاً: «الوضع الراهن مستمر منذ 11 عاماً حتى تأتي قوة تخلط الأوراق بتفكيك اليونيفيل»، مستبعداً في الوقت نفسه أي صراع بين إسرائيل وحزب الله «اللذين لا يريدان أي صراع في لبنان».

لكن التقدير بالهدوء، يخالفه الوزير الأسبق والباحث السياسي كريم بقرادوني، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه تجربته السياسية تفيد بأنه «كلما زاد الاهتمام المفاجئ، ارتفع منسوب التوقعات بوجود مشكلة»، مضيفاً أن «هناك خشية من أن يحدث أي شيء في الجنوب».

ويستند بقرادوني في تقديره إلى أن «الوضع الإقليمي غير مستقر، بالنظر إلى أن منطقة الجولان لا تزال متحركة في التجاذبات الدولية، ولا يبدو أن هناك أفقاً لنهاية الأزمة السورية، كما أن محاربي الإرهاب يختلفون بوجهات النظر على ضوء اختلاف النظرتين الأميركية والروسية للحل، فضلاً عن عدم حسم مشكلة الأكراد التي تهم تركيا وإيران وسوريا والعراق». ويضيف: «الضبابية الإقليمية هي أكبر من الخطوط الواضحة لأي تسوية في المنطقة».

وفي ظل انخراط حزب الله في الحرب السورية، والتهديدات الدولية بضربه، يقول: «لن أكون مرتاحاً إذا بدأت إسرائيل ببناء جدار فاصل»، معتبراً أن هذا الجدار «دفاعي لتقويض حركة الحزب باتجاه إسرائيل، بعدما هدد الحزب بنقل أي حرب مقبلة إلى داخل أراضي إسرائيل في منطق توازن الصراع»، ما يعني أن «هناك خوفا من حرب دفع إسرائيل لبنائه وحماية نفسها من انتقال الحرب إلى أراضيها».

والجدار الذي كشف عنه رئيس البرلمان نبيه بري الأربعاء الماضي، يمتد في القطاع الغربي من نقطة قبالة رأس الناقورة حتى نقطة قبالة علما الشعب، ويمتد في القطاع الشرقي من نقطة قبالة عديسة حتى نقطة قبالة كفركلا.

ويقول رئيس مركز «الشرق الأوسط» للدراسات الدكتور هشام جابر إن الجدارين فرضتهما الجغرافيا حين «ينشآن في مناطق لا تتمتع بمدى جغرافي يسمح لإسرائيل بمراقبة الحدود اللبنانية، وهي المناطق التي يتواجد فيها الخط الأزرق على الحدود مباشرة، وليس داخل الأراضي اللبنانية»، في إشارة إلى أن الخط الأزرق هو خط وقف العمليات العسكرية داخل الأراضي اللبنانية، ووافقت عليه إسرائيل في العام 2000 بعدما أخذت بعين الاعتبار النقاط التكتيكية العسكرية التي تسمح لها بالمراقبة داخل الأراضي اللبنانية.

ويؤكد جابر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحراك الدولي في الجنوب يسعى للتأكد من ثبات الـ1701 مشيراً إلى أن إسرائيل أثارت موضوع انتشار حزب الله في جنوب لبنان قبل 3 أشهر، وطالبت بتعديل مهام قواعد الاشتباك لتصبح اليونيفيل عسكريا قادرة على منع الحزب من نشر أسلحته، وهو ما رفضته دول أوروبية تشارك عسكرياً ضمن البعثة الدولية. ويضيف: «المجتمع الدولي يريد التأكد من هدوء الجبهة وألا تحصل تحركات ظاهرة من قبل حزب الله»، مشدداً على أن الجيش ملتزم بالقرار 1701 وينسق مع قوات اليونيفيل وهي تنسق مع المجتمع المحلي بالجنوب. كما يستبعد أي حرب في لبنان «طالما أن إسرائيل تستهدف قوافل حزب الله في سوريا».