IMLebanon

“أوجيرو”… الحلّ عند نادر الحريري!

كتبت صحيفة “الأخبار”: تتكثف الاتصالات السياسية بهدف الضغط على وزير الاتصالات جمال الجراح للتراجع عن قراره منح شركات خاصة تلزيم مشروع الألياف الضوئية، حيث ترى غالبية الأطراف السياسية والقانونية أنه مخالف للدستور. وتشير مصادر معنية إلى أن موقف نادر الحريري يمثل العقدة الرئيسية التي تحول دون إيجاد مخرج للقضية يتيح الحفاظ على المال العام وعدم انتقاله إلى جيوب مالكي بعض الشركات

لم تُقفِل مُحاولات رئيس الحكومة سعد الحريري لملمة ملف هيئة «أوجيرو» الباب في وجه العاصفة التي افتعلها وزير الاتصالات جمال الجراح. فالصدام الذي تسبّب فيه الوزير مع المدير العام للهيئة عماد كريدية، لم يعد محصوراً داخل تيار المستقبل. فغالبية القوى السياسية دخلت على الخط، وتُجري مشاورات مكثفة، بهدف الضغط على الجراح للتراجع عن قراره منح شركات خاصة حق استخدام أملاك الدولة، لإيصال خدمة الإنترنت والاتصالات عبر الألياف الضوئية إلى المنازل والمكاتب، بشكل يكسبها ربحاً بملايين الدولارات مقابل نسبة بسيطة للدولة.

وترى هذه الأطراف، إضافة إلى جهات قانونية، أن قرارات الجراح غير قانونية. وأظهرت مداولات لجنة الاعلام والاتصالات يوم الثلاثاء الفائت وجود معارضة واسعة لتحويل بنية الدولة التحتية لخدمة أصحاب شركات خاصة. كذلك فإن الملف كان بنداً رئيسياً على طاولة الرئيس نبيه بري في لقاء الاربعاء في عين التينة، حين أكّد رئيس المجلس أن ما قام به الجراح مخالف للدستور. ورأى بري أنه إذا كانت هناك من ضرورة لإدخال شركات خاصة على قطاع «الألياف الضوئية»، فإن الحل الوحيد هو في إجراء مناقصة عمومية، وليُمنح حق استخدام شبكة الدولة للشركة التي تعرض الحصول على أقل نسبة من الأرباح، لضمان أكبر قدر من الأرباح للخزينة العامة. وأكّد بري أن الأولوية تبقى للحفاظ على هيئة «أوجيرو»، كونها مؤسسة عامة.

وتجدر الإشارة إلى أن الجراح منح شركة «جي دي أس» (القرار رقم 365/1 تاريخ 11/5/2017)، وشركة «وايفز» (القرار رقم 395/1 تاريخ 13/6/2017)، حق استخدام البنية التحتية التي تملكها الدولة، من أجل تمديد «الألياف الضوئية» وتشغيلها لإيصال خدمة الانترنت السريع إلى المنازل والمكاتب والمؤسسات. وأعطى الجراح في قراريه «جي دي اس» حق الحصول على 80 في المئة من العائدات (مقابل 20 في المئة فقط للدولة)، ولـ«وايفز» 60 في المئة من العائدات، في مقابل 40 في المئة فقط للدولة.

وتؤكّد مصادر سياسية أن «الجراح استند في قراريه إلى مرسومين صادرين عن مجلس الوزراء منذ أكثر من 10 سنوات، رغم وجود مراسيم تنزع هذا الحق من الشركات الخاصة، فور تمكّن الدولة من تمديد شبكاتها». وبالفعل، تضيف المصادر، لزّمت «أوجيرو» إنجاز البنية التحتية اللازمة لهذه الشبكات، وبدأت تمديد الألياف الضوئية، وأوصلتها إلى عدد من المؤسسات العامة (كوزارة الدفاع)، وإلى عدد من القرى والبلدات في كافة المناطق، كما بدأت إيصالها إلى شركات خاصة في بيروت، وخاصة في منطقتي الحمرا والأشرفية. وحاول الجراح، في قرار أصدره يوم 25 تشرين الاول الماضي، عرقلة عمل «أوجيرو»، عبر قرار فسخ عقود التشغيل والصيانة بينها وبين الدولة، ما تسبب في اندلاع أزمة داخل تيار المستقبل، كون مدير الهيئة محسوباً أيضاً على التيار.

وتؤكد مصادر سياسية رفيعة المستوى أن المشاورات الجارية توحي بإمكان التوصل إلى مخرج يؤدي إلى إلغاء الجراح قرارَي منح «جي دي أس» و«وايفز»، وأن العقدة الرئيسية التي تحول دون ذلك تتمثّل في موقف مدير مكتب رئيس الحكومة، نادر الحريري، «الراعي الرسمي» لـ«جي دي أس» وكريدية معاً.

ولفتت المصادر إلى الاتهام الذي وجهه النائب سامر سعادة في لجنة الاتصالات إلى نادر الحريري والوزير جبران باسيل بأنهما يقفان خلف «جي دي أس» و«وايفز»، تفاعل في الأوساط السياسية، وكان حاضراً في المشاورات الدائرة بشأن قرارات الجراح.

الكلام السياسي يصدر في موازاة العملية القضائية، التي تجري في مجلس شورى الدولة الذي ينظر في الدعاوى التي تقدّمت بها النقابة العامة لموظفي وعمال المواصلات السلكية واللاسلكية، والاتحاد العمالي العام، لإبطال قرارت الجراح. وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية معنية بقطاع الاتصالات أنه في حال تبيّن أن مجلس شورى الدولة يتعرّض لضغوط لتغطية قرارات وزير الاتصالات، فإن خيارات أخرى «ستُطرح على بساط البحث، ومن بينها التحرّك في الشارع لوقف تنفيذ قرارات الجراح». ولفتت إلى أن قوى ساسية عديدة ستدعم أي خيارات تتخذها النقابات العمالية لحماية «أوجيرو» ومنع تحويلها إلى مؤسسة عاطلة من العمل تأميناً لمصالح مالكي الشركات الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن النقابة والاتحاد العمالي العام تقدّما، بواسطة وكيلهما المحامي علي كمال عباس، للمرة الثانية، بطلب وقف تنفيذ قرار وزير الاتصالات المتعلق بالترخيص لشركة غلوبال داتا سرفيسز «جي دي اس» بتمديد ألياف بصرية في المسالك الهاتفية المحلية، وذلك بعد ظهور معطيات لها أثر كبير على هذه القضية.

هذه المرّة، يستند طلب وقف التنفيذ إلى قرار قضائي صادر عن مجلس شورى الدولة، في الدعوى المقامة من النقابة والاتحاد أيضاً، لإبطال قرار الجراح الخاص بشركة «وايفز». فالتفاوت في نسبة العائدات التي سيحصل عليها كل من «جي دي أس» و«وايفز» أثار فضول القاضية المعنية في مجلس شورى الدولة، الرئيسية ميراي عماطوري، فطلبت من وزارة الاتصالات الإجابة عن مجموعة من الأسئلة هي:

ــ تبرير فرق نسبة المبالغ التي ستتقاضاها الدولة بموجب القرار رقم 365/1 تاريخ 11/5/2017، والقرار رقم 395/1 تاريخ 13/6/2017، عن الخدمة ذاتها المقدمة من شركة غلوبال داتا سرفيس وشركة وايفز.

ــ تحديد ماهية فواتير الهاتف الشهرية التي تصدرها وتستوفيها وزارة الاتصالات ــ هيئة أوجيرو، أم هي فواتير تصدرها وتستوفيها الشركة المرخص لها من مشتركيها الخاصين؟

ــ تحديد النطاق الجغرافي للترخيص لكل من الشركتين المذكورتين.

ــ الإفادة عن صحّة ما أدلت به الجهة المستدعية لناحية قيام هيئة أوجيرو بتمديد الألياف البصرية في منطقتي الحمرا والأشرفية، وإبراز المستندات التي تبين كلفة هذا المشروع.

ــ الإفادة عن سبب عدم تكليف هيئة أوجيرو بمدّ الألياف البصرية موضوع القرار المطعون فيه، أو إثبات عدم الأهلية التقنية لمستخدمي هيئة أوجيرو بتمديد الألياف البصرية وعدم قدرة أوجيرو المادية للقيام بذلك.

ــ إبراز صورة عن المرسوم الذي يحدّد تعرفة استعمال الـ«Subduct»، ورسم الربط الشهري على الـ«Transmission»».

ومنحت القاضية مهلة ثلاثة أسابيع لوزارة الاتصالات للإجابة عن هذه الأسئلة، لكن اللافت أن المهلة انقضت من دون أن تجيب الدولة عن الأسئلة، ما ترك انطباعاً بأن الاسئلة المطروحة تحتمل وجود شبهات كبيرة حول التراخيص الممنوحة، ما دفع بالنقابة والاتحاد إلى طلب وقف تنفيذ قرار منح «جي دي أس» حق استخدام الملك العام، إلى حين صدرور الحكم النهائي عن مجلس الشورى.