IMLebanon

سعد الحريري والخيارات الكبرى (بقلم طوني أبي نجم)

كتب طوني أبي نجم:

نجح “حزب الله” إعلاميا في حرف أنظار قسم من الرأي العام عن المضمون الصارخ والعميق والواقعي لبيان استقالة الرئيس سعد الحريري، لكن الحزب لم ولن ينجح في حرف الواقع السياسي المستجد بعد زلزال الاستقالة عن سقوط التسوية في لبنان والذهاب نحو مواجهة سياسية وإعلامية لا هوادة فيها.

ليس مهما بالشكل كيف استقال سعد الحريري، بقدر ما تحمل استقالته من المملكة العربية السعودية من رمزية قرار المواجهة. وإذا كان الحريري غرق في الأعوام الماضية، وتحديدا منذ انتخابات الـ2008 وما بعدها، في سياسيات المساومة والمهادنة التي انطلقت من مرحلة “السين- سين” التي فرضتها عليه القيادة السعودية وتجاوب معها مرغما، بما شملت من زيارة قسرية إلى دمشق ولقاء جمعه مع بشار الأسد، فإن من البديهي، لا بل من الأسهل بأشواط أن يعود الحريري إلى سربه السيادي حيث مكانه الطبيعي.

بالفعل حدّد سعد رفيق الحريري خياراته الكبرى بعد مرحلة من الانهزام الذي كاد معه يودي بلبنان إلى حضن المحور الإيراني- السوري بالكامل. التزم مع السعودية، حضنه وامتداده الطبيعي، في مواجهة محور الشر الإيراني- السوري. لا بل أكد الحريري بزيارته إلى الإمارات العربية المتحدة ولقائه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، أنه بما يمثل في لبنان يقف إلى جانب المحور العربي- الخليجي الأساسي المتمثل بالسعودية والإمارات والبحرين.

إنه زمن الخيارات الكبرى. لم يعد من مكان للخيارات الرمادية. سقطت أنصاف الحلول ومياعة ما يُسمى بـ”التسويات” التي تأتي على حساب المبادئ.

سعد الحريري وقف ليل الجمعة- السبت 3-4 تشرين الثاني أمام مفترق طرق خطر: بين الحفاظ على استقرار هش مبني على الاستسلام والخضوع لشروط “حزب الله” وإيران وإخراج لبنان من الحضن العربي، وبين بناء دولة فعلية سيّدة وحرّة لا تقبل بوجود دويلة داخلها وتكون منسجمة مع محيطه العربي. كان على الحريري أن يسلك الخيار الثاني والانسجام مع تاريخه، والعودة إلى الالتقاء مع القوى السيادية لاستكمال “الثورة” ضد الهيمنة الإيرانية على لبنان بعدما كانت نجحت “انتفاضة الاستقلال” في طرد جيش الاحتلال السوري.

هل يعود سعد الحريري إلى لبنان؟ أغلب الظن أنه إما يعود ليشارك في قيادة المواجهة السياسية الشاملة بوجه “حزب الله” وإما لن يعود…