IMLebanon

المحافظة تتغذّى “من هالك لمالك…”: كهرباء النبطية الأسوأ في لبنان

كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:

عشرات المحال والمؤسسات، في محافظة النبطية، أقفلت أبوابها ـــ أو في طريقها إلى الإقفال ــــ بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء والسعة المنخفضة التي تصل بها. الانقطاع الدائم يترافق، في فصل الصيف خصوصاً، مع أزمة مياه. إذ أن الكهرباء الضعيفة (120 فولت بدلاً من 220 فولت) غير قادرة على تشغيل محطتي ضخ المياه الرئيسيتين اللتين تغذيان المدينة والبلدات المجاورة، رغم أنهما تنعمان بخط تغذية يؤمن لهما الكهرباء 24/24.

تزويد النبطية بالكهرباء يجري «من هالك لمالك…». تتغذّى المحافظة بشكل رئيسي من معمل الزهراني، ولكن ليس مباشرة. إذ أن المحوّل الرئيسي يغذي صيدا وصور، وتحصل النبطية على حصتها عبر معمل صور!

في جلسة مساءلة الحكومة في مجلس النواب في شباط الماضي، سأل نائب المنطقة ياسين جابر وزير الطاقة سيزار أبي خليل عن أزمة الكهرباء في القضاء، فأوضح الأخير أن النبطية تتغذّى من محطة تحويل رئيسية تضم محولين بسعة 80 ميغاواط لكل منهما عبر خط هوائي مزدوج 66 كيلوفولت، مباشرة من معمل الزهراني. وحدد المشكلة الأساسية في عدم قدرة المحول الأساسي 66\220 كيلوفولت الموجود في الزهراني على تلبية محطات المصيلح وصيدا والنبطية. ما اضطر مؤسسة كهرباء لبنان إلى تغذية محطة النبطية عبر محول 66\220 كيلوفولت في محطة صور.

في اتصال مع «الأخبار»، لفت جابر إلى أن المخرج الهوائي الحالي أنشئ قبل أكثر من 50 عاماً، فيما المدينة والبلدات تتوسع عمرانياً واقتصادياً بشكل كبير (حي كفر جوز التابع لبلدية النبطية يضمّ حوالى 5 آلاف شقة)، «فيما الحلول التي وُعدنا بها لن تتحقق قبل عام 2019!».

«حتى لو زوّدونا بالكهرباء من معمل الزهراني مباشرة، فإن خط النقل إلى النبطية لا يحتمل. النبطية لن تستفيد بالشكل الكافي» بحسب رئيس بلدية المدينة أحمد كحيل. ويجزم الأخير بأن البنية التحتية الكهربائية في المحافظة «من بين الأسوأ في لبنان، والمطلوب في شكل ملحّ تغيير خط النقل واستحداث مخرج هوائي جديد بسعة أكبر بين الزهراني والنبطية، ينقل التغذية كما هي من المعمل بدلاً من أن تخسر نصف طاقتها على الطريق».

المحطة المتفجرة

تتغذى بلدات القضاء بالكهرباء من 16 مخرجاً، ويستمدّ معظمها التيار من محطة النبطية التي تتغذى من معمل صور. المحطة الواقعة عند دوار كفر رمان أنشئت قبل عقود. ورغم تضاعف عدد المستهلكين الواقعين في نطاقها، من سكان ومؤسسات، بقيت على حالها في البنية الإنشائية والمنظومة التشغيلية. الاستهلاك الذي يفوق قدرة المحطة أدى إلى تكرار الأعطال وانفجار الكابلات الجوفية تحت الأرض وبالتالي الانقطاع شبه الدائم للكهرباء. كجزء من تطوير الشبكة، استحدثت مؤسسة الكهرباء مخارج جديدة لتحسين التغذية ورفع سعتها الواصلة نحو البلدات. بدءاً من مطلع عام 2016، أنجز جزء من الخطة الموضوعة منذ سنوات (كابلات تحت الأرض). كما زوّدت مستشفيات المنطقة ومحطات المياه ومقرات القوى الأمنية وبعض المؤسسات الرسمية بخط تغذية 24/24. لكن مصادر في مؤسسة الكهرباء لفتت إلى أن بعض المسؤولين في دائرة النبطية أو في الإدارة العامة أعطوا موافقات استثنائية لبعض أصحاب المؤسسات الضخمة والمجمعات السكنية والمطاعم للتغذية بالكهرباء من الشبكات العامة بدلاً من إنشاء محطة خاصة بهم بكلفة ملايين الليرات، الأمر الذي يضاعف الضغط على القدرة الاستيعابية للمحطة ويعرضها للانفجار.

يذكر أن وزارة الموارد المائية والكهربائية لحظت الحاجة لإنشاء محطة جديدة في النبطية. وفي عام 2010، صدر مرسوم عن الرئيس السابق ميشال سليمان باعتبار الأشغال العائدة لمشروع إنشاء محطة تحويل رئيسية في النبطية من المنافع العامة. واستملكت مؤسسة الكهرباء قطعة أرض بمساحة خمسة آلاف متر مربع لإنشاء محطة تحويل رئيسية على توتر 220 كيلوفولت بسعة 140 ميغاواط. مصدر في الوزارة لفت إلى أن خطة الكهرباء التي أقرها مجلس الوزراء في أيلول الفائت شملت إنشاء محطة تحويل واستحداث خطوط نقل جديدة للنبطية، يتم البحث حالياً عن مصادر لتمويلها.

كهرباء البلدية

«لدينا قطع فوق القطع. الوزارة تحصي ساعات انقطاع التيار ما بين 250 و350 ساعة، ونحن نحصيها بحوالي 425 ساعة. وصل القطع الى 21 ساعة. فيما المعدل العام 15 ساعة في اليوم»، يقول رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل. وبما أن انتظار الدولة لا يفيد، دخلت البلدية في قطاع إنتاج الكهرباء وورثت دور أصحاب المولدات في نطاقها العقاري. 29 مولداً تنتج 10 ميغاواط و36 عامل صيانة وجابياً وغرفة تحكم تشغل المولدات وتسجل نسبة الاستهلاك وترصد محاولات التعديات على الشبكة. منذ انطلاق المشروع حتى الآن، غطت البلدية بشبكتها المستحدثة حوالى 90 في المئة من أحياء المدينة. مع بداية فصل الشتاء، سعّرت البلدية 70 الف ليرة عن كل خمسة أمبير. بعض المواطنين وجد التسعيرة الحالية مرتفعة، بينما كانت 50 ألفاً عند انطلاق المشروع. فيما كحيل يؤكد أن التكلفة الحالية باحتساب سعر المازوت وساعات القطع تبلغ 68 ألفاً.