IMLebanon

الاسواق المالية تمتص استقالة الحريري

كتبت سناء صبرا في صحيفة “الديار”:

مما لا شك فيه ان استقالة الرئىس الحريري المفاجئة احدثت اهتزازاً على مختلف الصعد في لبنان الا ان الحكمة في الاداء المالي والنقدي من قبل مصرف لبنان والمصارف مجتمعة امتصت الصدمة في الاسواق ولا سيما بعد التدابير الاستباقية التي اتخذها المركزي والاحاطة الكبيرة التي قام بها رئىس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون للاوضاع المستجدة على الصعيد السياسي والأمني… ما اراح الاسواق المالية بشكل عام.

وبحسب مصدر مصرفي كبير فان «ما صدر عن مؤسسات التصنيف الدولية في الساعات الماضية شكل صدمة لكن هذا التصنيف كان متوقعاً في ظل ازمة من هذا النوع وفي ظل الضبابية التي تهيمن على الاوضاع العامة في لبنان على المرمى القريب».

وتضيف هذه المصادر: «ان اول رسالة وجهها لبنان الى مؤسسات التصنيف الدولية والصناديق العالمية جاءت عن طريق اقرار الموازنة العامة ما يؤشر الى انتظام الانفاق العام في المستقبل. اما الرسالة الثانية فجاءت عن طريق التدابير الحكيمة لمصرف لبنان وللمصارف عامة حيث تمكنت من اعادة الانتظام الى سوق القطع… بعد ان تراجعت التحويلات بنسبة 50% وثم الى عدم تحويل اي مبالغ من الداخل الى الخارج… مع تأكيد مصرف لبنان على امتلاكه اسلحة تؤهله لان يبقى ممسكاً بالوضع النقدي ولا سيما ان لديه احتياطاً نقدياً بالعملات الاجنبية تجاوز الـ44 مليار دولار، وثانيها التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان والتي تشدد الإجراءات وتضع قيوداً على تداول النقد والعمليات المصرفية اليومية مثل منع تحريك الحسابات المجمّدة قبل فترة استحقاقها، اضافة الى ذلك فالودائع مدولرة بنسبة 67 في المئة تقريباً، وبالتالي يتبقى 33 في المئة من العملة اللبنانية حيث تعمد الشركات والمؤسسات الى استعمالها لتأمين الرواتب والاجور لموظفيها وللاستعمال اليومي بنسبة 15 في المئة، ولم يبقَ سوى 18 في المئة يمكن تحريكها ولكنها لا تشكّل أزمة نقدية».

ويشير المصدر في هذا السباق «الى ان لبنان يمر اليوم بأزمة سياسية وليست نقدية وان الازمة الحالية ليست الاولى من نوعها فقد مر لبنان بأزمات اسوأ بكثير اكسبته «مناعة» كبيرة وبالتالي تمكن من تجاوز كل تلك الأزمات السابقة.

وكانت مؤسسة «فيتش» اعلنت بأن الإستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عرّضت التقدمات السياسية التي حققها لبنان في السنوات الماضية للخطر، ما قد يجدّد الضغوط على الإقتصاد والنظام المالي. وخفّضت «فيتش» تصنيف لبنان من «B-» مع نظرة مستقرة وهو تصنيف يعكس على أي حال ضعف التمويل العام ومخاطر سياسية وأمنية مرتفعة وأداءً إقتصادياً ضعيفاً.

من جهتها، اعتبرت وكالة التصنيف الدولية «موديز» هذا الأسبوع في تحليلها ان اي فراغ سياسي محتمل عقب استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري كعامل ائتماني سلبي. وذكرت الوكالة ان هذه الإستقالة تشكّل تهدديداً جدياً للتوازن السياسي الهش القائم في البلاد منذ انتخاب رئيس جديد للجمهورية في تشرين الأول 2016. بالإضافة إلى ذلك، ذكرت الوكالة أن أي استمرار للأزمة السياسية المستجدة أو بروز أزمة جديدة بعيد إقرار أول موازنة عامة للبلاد من 12 عاماً قد يحدّ من التقدم الحاصل على الصعيد المؤسساتي وينعكس سلباً على الثقة في القطاع المصرفي ويعرّض الإستحقاق الإنتخابي المقرّر في أيار 2018 لخطر التأجيل من جديد.

وبانتظار وضوح الرؤية للمسار السياسي والحكومي الذي سيقود البلاد الى ما بعدا لاستقالة سجل ميزان المدفوعات في لبنان فائضاً قدره 457.2 مليون دولار خلال أيلول 2017، مقابل فائض بلغ 368.3 مليون دولار خلال آب و100.2 مليون دولار في تموز، وعجزا بقيمة 758 مليون دولار خلال حزيران. ويأتي ذلك نتيجة تسجيل صافي الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان فائضاً بقيمة 1.12 مليار دولار بفعل جولات الهندسة المالية التي أطلقها المصرف المركزي، الأمر الذي طغى على إنكماش صافي الموجودات الخارجية لدى المصارف والمؤسسات المالية بقيمة 666 مليون دولار.

أما على صعيد تراكمي فسجّل ميزان المدفوعات عجزاً يقارب الـ190 مليون دولار خلال فترة الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقابل فائض ناهز الـ555 مليون دولار في الفترة عينها من العام المنصرم. ويمكن تعليل هذا العجز بتراجع صافي الموجودات الخارجية لدى المصارف والمؤسّسات المالية بقيمة 3.15 مليار دولار حتى أيلول، ما طغى على الفائض في صافي الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان البالغ 2.95 مليار دولار.

ووفقاً لتقرير المردود العادي للأسواق الناشئة الصادر عن شركة «ميريلينش»، حقّق دين لبنان الخارجي عائداً بلغ 0.22% خلال شهر أيلول 2017 (مقارنة بعائد بلغ 0.16% في شهر آب)، ليصل بذلك العائد التراكمي 6.68% حتى شهر أيلول من العام الحالي ما يضعه في المركز السادس بين تسع دول في منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا شملها التقرير. بالتوازي، بلغ المردود الاضافي على دين لبنان الخارجي 4.75% لغاية شهر ايلول 2017 ما يضع لبنان بالمرتبة السادسة على صعيد المنطقة.

من جهة ثانية، تراجع العجز في الميزان التجاري اللبناني بـ129 مليون دولار على صعيد سنوي ليجاور عتبة الـ10.69 مليار دولار خلال فترة ثمانية اشهر المنتهية في آب 2017 من حوالي 10.82 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المنصرم، وذلك بحسب احصاءات المجلس الاعلى للجمارك. يعود هذا الانخفاض في العجز إلى تراجع فاتورة المستوردات بـ200 مليون دولار على أساس سنوي الى نحو 12.59 مليار دولار، الأمر الذي طغى على انكماش قيمة الصادرات بـ71 مليون دولار إلى حوالي 1.90 مليار دولار.

وأخيراً، تشير الاحصاءات الصادرة عن مصرف لبنان الى انخفاض عدد بطاقات الدفع بنسبة 6.24% خلال الاشهر الثماني الاولى من العام 2017 إلى 2.591.374 من 2.763.712 بطاقة بنهاية العام 2016.

في السياق نفسه، تبيّن ميزانية مصرف لبنان ارتفاعاً في قيمة احتياطات لبنان من الذهب بـ60.68 مليون دولار خلال النصف الاول من شهر تشرين الاول الى 11.97 مليار دولار.