كتب صلاح سلام في صحيفة “اللواء”:
“وأخيراً… أطلّ الرئيس سعد الحريري عبر شاشات التلفزة، ووضع حداً لحملات التأويل والإشاعات حول ظروف استقالته المدوية، كما أعاد فتح الأبواب مجدداً أمام تسوية حقيقية ومشرّفة، تنأى بالبلد عن نيران البراكين المتفجّرة في البلد.
بدا الحريري، كعادته، حريصاً على مصالح لبنان واللبنانيين، المقيمين والمنتشرين، سواء في الخليج أم في أوروبا، ولكنه متمسّك، أكثر من أي وقت مضى، بالحفاظ على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب، وخاصة السعودية والدول الخليجية، وتفهّم ما تشكو منه من تدخل إيراني في شؤونها الداخلية، واعتماد «حزب الله» كذراع عسكرية وأمنية، في المخططات والعمليات التي تستهدف الأمن القومي الخليجي، والتي وصلت إلى حدّ سقوط أحد الصواريخ في محيط مطار الملك خالد في الرياض.
ولكن الحرص الحريري وحده لا يكفي، لإخراج البلد من الأزمة الوطنية التي يتخبّط فيها، والتي هي نتاج الإخلال بتوازنات السلطة، وعدم تقدير التضحيات والتنازلات التي قدمها الحريري للوصول إلى التسوية المتداعية حالياً، ثم العمل على إنجاحها، فيما كان شركاؤه في التسوية وفي الحكومة، يبسطون هيمنتهم على مفاصل القرار، ويكدّسون المغانم الشخصية، والمكاسب الحزبية والفئوية، على حساب قضم التوازنات الدستورية والوطنية، وتراجع شعبية الحريري لدى جمهوره.
الرئيس الحريري أكد قرب عودته خلال أيام إلى بيروت، لتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، والبحث معه في الدوافع والأسباب لإعلان استقالته.
ولكن هل الخروج من النفق الحالي يتوقف على عودة رئيس الحكومة المستقيل… أم أن الأزمة المتفاقمة تحتاج إلى رؤية لبنانية واضحة وحاسمة، تقوم على وقف تدخل أي طرف لبناني، وخاصة «حزب الله»، في شؤون الدول العربية، انطلاقاً من بنود إعلان بعبدا، الذي وقع عليه الحزب، وكل الأطراف السياسية، ولكن سرعان ما تمّ التنصّل منه، لأن ما ورد فيه من مبادئ والتزامات، يتناقض مع الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، ودور «حزب الله» فيها؟”