IMLebanon

السنيورة: حكومة ميقاتي واقعة تحت تأثير “الحزب”

أشار الرئيس فؤاد السنيورة في حوار أجراه معه “التلفزيون العربي”، أن المبادرة الفرنسية “جاءت بعدما تقدم الرئيس ايمانويل ماكرون بمبادرته الاصلية في العام 2020 اثر جريمة تفجير مرفأ بيروت، والتي كان يفترض أن يصار الى الالتزام بها. ولكن جرى بعد ذلك مخالفتها وتألفت الحكومة على غير القواعد التي قال بها الرئيس ماكرون آنذاك، أي أن تضم مستقلين غير حزبيين من أصحاب الكفاءة الذين يستطيعون أن يؤلفوا فريقا واحدا منسجما، والحقيقة أنها لم تكن كذلك. لقد تألفت الحكومة بكونها أفضل الممكن، ولكن أقل بكثير من المطلوب”.

وقال: “الآن، وعقب اللقاء الذي جرى بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جرى وضع النقاط على الحروف للتأكيد على ما يحتاجه لبنان من إصلاح لتستقيم السياسات المتبعة من أجل معالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وبمثابة محاولة جيدة لتوضيح النقاط التي على لبنان الالتزام بها، والتي تخدم مصلحته ومصلحة اللبنانيين. ولكن أعتقد أن تنفيذ هذه البنود الآن صعب جدا بسبب تسلط حزب الله ومن ورائه إيران، على الدولة اللبنانية. لذلك، فقد حاول الرئيس ماكرون وولي العهد القول إن هذه الأمور هي التي ينبغي الالتزام بها، وإلى أن يلتزم بها لبنان سيعملان على مساعدته من الناحية الإنسانية من خلال تحسين الأوضاع المعيشية بانتظار إجراء الانتخابات وعبر التغيير الديمقراطي في لبنان، أكان من خلال الانتخابات النيابية وكذلك الرئاسية”.

وعن إمكانية نزع سلاح “حزب الله”، قال الرئيس السنيورة: “المؤسف أن لبنان أصبح بشكل او بآخر ساحة للصراعات الإقليمية والدولية مما يؤثر على كل الأمور فيه ومنها تأليف الحكومات. وهذا الامر شهدناه بأم العين عند تأليف حكومة تمام سلام التي لم تتألف في العام 2014 إلا بعد أن جاءت الموافقة من طهران، كذلك الامر مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. لذلك، ما جاء في البيان السعودي – الفرنسي المشترك بداية صحيح انما غير قابل للتنفيذ الآن بكامله نتيجة الإمساك والقبض على الدولة اللبنانية من قبل حزب الله ولمصلحة الجمهورية الاسلامية الإيرانية”.

وإذا كانت الحكومة اللبنانية ستقدم مبادرة حسن نية تجاه الخليج العربي، كخطوة ترحيل المعارضين البحرينيين، قال: “الدستور اللبناني ينص على أن لبنان عربي الهوية والانتماء. ومصلحة لبنان تقضي بأن يكون على علاقة صحيحة مع جميع الدول العربية والخليجية وخاصة مع المملكة العربية السعودية ومصر، إنما الاختلال الذي لحق علاقته مع الدول الخليجية في السنوات الماضية، وتحديدا في سياسة لبنان الخارجية، أدى إلى نتائج سلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والمالية”.

وعما إذا كان يعتبر حكومة الرئيس ميقاتي هي حكومة “حزب الله”، قال: “لا أستطيع أن أقول عنها حكومة حزب الله ولكنها واقعة تحت تأثيره بشكل كبير، فكما نرى هناك موقف متخذ من حزب الله وحركة أمل بعدم رضاهما عن انعقاد مجلس الوزراء ما لم يجر التقيد بما يريدانه في ما خص عمل المحقق العدلي، وهذا أمر غير مقبول”.

أضاف: “موقفنا واضح بخصوص المحقق العدلي، فقد طالبنا كرؤساء حكومات سابقين في اليوم الثاني لوقوع انفجار المرفأ، بلجنة تحقيق دولية او عربية حماية للسلم الأهلي ومعرفة الحقيقة، وهذا الامر لم يتحقق وتم تعيين المحقق العدلي. كذلك طالبنا بكل وضوح وصراحة بأن يكون للقضاء استقلالية تامة في اجراء التحقيقات. وعلينا أن نوضح بأن القاضي يعمل تحت سقف الدستور والقوانين ولا يتصرف على هواه، والدستور واضح بأنه بالنسبة للوزراء ورؤساء الحكومات إذا كان هناك من إهمال وظيفي فينبغي على القاضي أن يحيل الامر إلى المحكمة الخاصة لمحاكمة الوزراء والرؤساء. أما إذا كانت الجريمة عادية، فعندها يحاكمون أمام المحاكم العادية. إذا، على القاضي العدلي أن يعمل تحت سقف الدستور وباستقلالية كاملة. ونحن لا نساير في موقفنا”.

وتابع: “في المقابل، حزب الله وحركة أمل يريدان أن يقبعا القاضي أو تنحيته، ونحن ضد هذا الأمر. نريد أن يبقى القاضي، ولكن ليس كسلطة مناقضة لأحكام الدستور. لقد اعتمد نظرية القصد الاحتمالي التي لا يشاركه فيها الكثيرون، ويريد أن يحاكم الوزراء والرؤساء على هذا الأساس. عليه تطبيق ذلك على الجميع لا التمييز بين مجموعة وأخرى، فلا يجوز له أن يصر على محاكمة الرؤساء والوزراء، ويترك محاكمة العسكريين والقضاة ليحاكموا على أساس مختلف. كما لا يجوز أن يغض النظر عن إهمال رئيس الجمهورية الذي قال إنني علمت بوجود تلك الكميات من مادة الأمونيوم في 20 تموز، أي قبل 15 يوما من الانفجار، وهو الشخص العسكري الذي يعلم تمام العلم بأنها مواد تستعمل في التفجير، ولا يمكن انزالها على الأرض اللبنانية بدون موافقة مسبقة من مجلس الوزراء. كما وأن الوقت الفاصل بين ما علم به رئيس الجمهورية بوجود هذه الكميات وحصول التفجير كان خمسة عشر يوما، وهي مدة كافية لتفكيك قنبلة نووية”.

وعن موضوع ترشح الرئيس سعد الحريري للانتخابات المقبلة، قال: “ليس لدي معلومات موثوقة عن هذا الموضوع وعن نيته، فنحن ننتظر عودته إلى لبنان للتشاور معه حول موقفه، وعندها يبنى على الشيء مقتضاه”.

وعن المساعي لإعادة إحياء فريق 14 آذار لخوض الانتخابات المقبلة، قال: “المشكلة الحقيقية الان سببها الاختلال في الأوضاع الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الداخلي الصف الاستقلالي الحريص على الدستور وعلى احترام وثيقة الوفاق الوطني وعلى العدالة مشرذم، وهو كان يمثل في الماضي فريق 14 آذار. ما أقوله ليس محاولة لاستعادة فريق 14 آذار انما هناك حاجة لوجود انتظام في العمل السياسي الوطني وبشكل سليم. لذلك، يجب العودة إلى وجود فريقين أساسيين على الساحة السياسية اللبنانية. وهذا أمر من ضمن القواعد التي تعمل عليها الأنظمة الديمقراطية في العالم، فريق يقول ان همه الاساس الحفاظ على المقاومة وحماية لبنان من إسرائيل، وفريق آخر حريص على استقلال لبنان وسيادته وعلى علاقته الصحيحة مع اشقائه ومع أصدقائه في العالم، وعلى احترام قواعد الشرعية الدولية كما الدولة اللبنانية وسلطتها الكاملة، مع حرصه على وطنية لبنان وعلى عدائه لإسرائيل. لقد حاربنا ووقفنا إلى جانب المقاومة عندما كانت بندقيتها موجهة نحو إسرائيل، ولكن عندما تحولت وأصبحت موجهة إلى صدور اللبنانيين، عندها غيرنا موقفنا، انما عداؤنا لإسرائيل ثابت، وحرصنا على سيادة واستقلال لبنان أيضا ثابت”.

وعن زيارة النائب وائل أبو فاعور وملحم رياشي إلى المملكة العربية السعودية، وعلامات الاستفهام حول علاقة المملكة مع تيار “المستقبل”، قال الرئيس السنيورة: “لقد سمعت مثل هذا الكلام، ولكننا في انتظار سعد الحريري لنعرف منه موقفه. وأعتقد أن الموقف بالنسبة لتيار المستقبل، وكذلك للقاعدة التي ينتمي إليها التيار، تؤمن إيمانا راسخا بالحفاظ على علاقة صحيحة وجيدة بين لبنان والدول العربية، ولا سيما دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية”.

وعما يتردد عن جبهة سياسية في لبنان، قال: “في هذه الأيام التي هي على قدر كبير من الخطورة والأهمية، الحاجة كبيرة إلى تضافر الجهود بين ذوي الأفكار المتناسقة، ولا سيما أولئك المؤمنين باتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، وباستعادة وجود الدولة وسلطتها الكاملة على أراضيها، والمؤمنة بعلاقات لبنان الصحيحة مع الدول العربية، والملتزمة أيضا بقرارات الشرعية الدولية، وباستقلالية القضاء، وبالعودة إلى احترام الدستور، وأيضا مؤمنة باحترام الجدارة والكفاءة في تولي المسؤوليات في الدولة. ينبغي على كل الذين يؤمنون بهذه القواعد والمبادىء التحالف ديمقراطيا وسلميا ليكونوا مثالا او نموذجا للتقدم على طريق مستقبل لبنان”.

أضاف: “حزب الله مسؤول عما جرى ويجري والعلاقة معه يجب أن تكون مبنية على التواصل، وأن يصار إلى احترام ما يتم الاتفاق عليه. إذ ما نشكو منه، أننا خضنا مع حزب الله جلسات وجولات طويلة من الحوار نكث بها جميعا، وهذه الأمور يجب أن نتصارح بشأنها”.

وتابع: “علينا القيام بالإصلاح مهما كلفنا الامر، وعلى المسؤولين في الدولة المبادرة لإيجاد الحلول الحقيقية لمآزقنا، وعلى اللبنانيين أن يدركوا أن لا مجال للخروج من الانهيارات الكبرى من دون الإصلاح، ولا يمكن أن معالجة الأمور إلا بإرادة قوية وبمبادرات حقيقية للاصلاح. أعتقد أن هناك كثيرين لا يهمهم الإصلاح وهذا الأمر عايشته كوزير للمالية وكرئيس للحكومة وكنائب وكرئيس كتلة، حيث كان هناك استعصاء مزمن بسبب العلاقة الزبائنية التي تحرص الاحزاب السياسية على أن تسيطر من خلاله على الدولة والمواطنين. هذا الأمر جزء من المشكلة، انما المشكلة الكبرى ان لبنان أصبح ساحة للقوى الإقليمية والدولية، وبالتالي نحن عرضة للتأثر بكل الصدمات التي تأتينا من الخارج وهذا الاختلال في السياسة والتوازنات الخارجية، هي من ضمن الأمور التي من الواجب التنبه لها والتصدي لها ومعالجتها”.

وعما إذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتحمل مسؤولية الوضع الذي وصلت إليه البلاد، قال: “من الظلم حصر المسؤولية به وحده، فالمشكلة تشمل عدة أطراف: الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة التي لم تمارس الإصلاح ورفضت معظم مشاريعه. المسؤولية على الحاكم أن الدستور أعطاه حصانة كبيرة ودائمة ليمتلك القدرة على رفض طلبات الحكومات المتعاقبة بالمزيد من الانفاق، وهو هنا تساهل كثيرا مع الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة. كذلك تقع المسؤولية على المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي يشترك في عضويته نواب الحاكم ومدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد الوطني. وهناك المصارف أيضا التي لم تدرك بأنه وجب عليها ألا توظف معظم أموالها وتودعها في مصرف لبنان، فالودائع التي كان يستعملها مصرف لبنان للاقراض هي ودائع الناس، ولم يكن جائزا له استعمالها لإقراض الدولة اللبنانية”.

أضاف: “أيضا المشكلة تقع على بعض المودعين الذين استفادوا من الفوائد العالية، وهي الفوائد التي أشرت بارتفاعها الكبير الى أن هناك أمرا غير سليم اقتصاديا وماليا، ابتداء من العام 2011، ولا سيما من خلال الهندسات المالية. إذا هذه المشكلة ليس لها طرف واحد بل أربعة اشتركوا في ارتكاب الجريمة ويجب أن يحاسبوا فعليا: الدولة بداية بقسميها التنفيذي والتشريعي اللذان امتنعا وتلكآ عن القيام بالإصلاحات اللازمة، وحاكم مصرف لبنان كحاكمية مصرف لبنان وليس فقط الحاكم وحده بل في مسؤولية المجلس المركزي لمصرف لبنان، والذي يشترك في عضويته مدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد ونواب الحاكم. وهؤلاء جميعهم كانوا مسؤولين عن التلكؤ وعدم الصراحة وعدم الشجاعة في قول ما ينبغي قوله. التصرف الصائب الذي كان ينبغي القيام به لم يقوموا به، وبعد ذلك تأتي المصارف والمسؤولون فيها والمودعون”.

وختم: “الحلول الآن هي بأن يصوب لبنان بوصلته الاقتصادية والمالية والقضائية والإدارية، وكذلك السياسية، من اجل معالجة المشكلات. لم يعد بإمكان لبنان أن يعالج مشكلاته بالمراهم ولا بالحلول المجتزأة فالحاجة ماسة للقيام بالإصلاحات التي كلما أسرعنا بها رغم صعوبتها ومرارتها وأوجاعها، تبقى أقل بكثير من الأهوال التي تنتظرنا إذا استمررنا في التقاعس عن القيام بها”.