IMLebanon

الحرب المقبلة وورطة “حزب الله”

كتبت صحيفة “الحياة”:

منذ الحرب الأخيرة التي خاضها “حزب الله” في مواجهة إسرائيل، تغيرت بيئة الحرب كثيراً ولم يعد ممكناً القياس على نتائج الحروب السابقة لتقدير مسارات الحرب المقبلة، والتغير المقصود حصل على مستويات مفصلية: التكتيكات والأساليب ونوعية المقاتلين، ومستوى الدافع والمحركات. وهو تغير لا بد أن قيادات الحزب قد تنبهت له، ولهذا تتجنب الحرب مع إسرائيل بكل السبل وتتمنى لو تنام وتصحو على زمن لا توجد فيه إسرائيل ولا احتمالات حروب معها، خصوصاً أن الحزب وجد البديل الذي يضمن استمرار اشتغاله كطرف مقاوم ما دام هناك معارضون “صهيو أميركيون” في سوريا والعراق.

في إحدى خطبه، عن حماسة بيئة “حزب الله” للمشاركة في الحرب السورية، تباهى حسن نصرالله بأن الحزب كان يعاني أثناء التحشيد في الحروب مع إسرائيل، لكنه لم يجد معاناة تذكر في التحشيد للحرب السورية، كان المقاتلون يجيئون تطوعاً وبأعداد تفوق قدرة الحزب على استيعابهم، وما تباهى به أصبح نقطة ضعف خطيرة في أدوات الحزب وسياقات تحشيده، وقد اشتغلت ماكينته الإعلامية بكامل طاقتها لتصدير صورة نمطية عن العدو الجديد وإدخالها عنوة في وجدان وعقول بيئته، والحزب منذ 2008 أي منذ عقد وهو يخترع أعداء آخرين ليست إسرائيل من ضمنهم، ما يعني أن الجيل المؤهل للقتال وحمل السلاح لا يعتبر إسرائيل عدوة له، أو هي عدو افتراضي وربما قد يكون المقصود بها شخصية أسطورية من التاريخ وليست تلك الأرض التي تقع جنوب بلدة مارون الرأس.

لم يذهب “حزب الله” إلى سوريا في دورة تدريبية للتدرب على أنماط قتالية استعداداً لمواجهة إسرائيل كما يحاول قادة الحزب إيهامنا به، بل ذهب ليقيم في حرب حقيقية من رصاص وصواريخ ولن يعود منها أحد قادراً على محاربة إسرائيل أو حتى راغباً بها، لأن سوريا صارت “قدسهم” الحقيقية، والعبث الجغرافي الذي مارسه حسن نصرالله على مدار سنوات في رسم خرائط طرق القدس جعل المقاتلين يتيهون في منعرجاتها وعند مفارقها.

وعلى مدار الحرب السورية، اعتاد مقاتلو الحزب حرب الرفاهية التي تكون فيها الانتصارات مؤكدة وسهلة، حرب تعمل فيها خطوط الإمداد برشاقة، وغطاء جوي من النوع الذي لا يترك للمحاربين على الأرض من مهام سوى الدخول للإجهاز على الجرحى أو قتل من نفدت ذخيرته. هي شكل من أشكال حروب “الفوتوشوب” على رغم أن تطبيقاتها حقيقية.