IMLebanon

عون “فجّرها” بوجه السعودية و”العين” على… التداعيات

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:… هل فجّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «قنبلة» في العلاقات مع المملكة العربية السعودية التي اتّهمها بالقيام بـ «عمل عدائي» ضدّ لبنان و«احتجاز» رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري و«أخْذه» رهينة؟ واستطراداً هل دخلتْ العلاقات بين بيروت والرياض مرحلة «حرْق المَراكب»؟… هل اندفاعة الحُكْم في لبنان نحو «استفزاز» المملكة من خلال إطلاق مسار تدويل الأزمة التي عبّرتْ عنها استقالة رئيس الوزراء وحرْفها عن جوهرها السياسي واختزالها بعنوان «عودة الحريري» مع إشاراتِ تحريضٍ على السعودية هو في سياق محاولة «نصْب أفخاخ» أمام هذه العودة التي باتت بمثابة «تحصيل حاصل» ومُتوقَّعة «بين لحظة وأخرى»؟… هل هذا المنحى التصاعُدي الذي تَلاقى فيه كلام رئيس الجمهورية مع حركة وزير الخارجية جبران باسيل في اتجاه 7 دول أوروبية يدخل في إطارٍ «ما بَعد محلي» يتّصل بالرغبة في استباق رجوع رئيس الحكومة عبر إرساء «قواعد اشتباك» مبكّرة لمرحلة «النزاع السياسي» التي أطلقتْها الاستقالة والتي رسم الحريري ركائزها التي تقوم على معالجة البُعد الاقليمي لسلاح «حزب الله» وأدواره في العالم العربي ولا سيما في اليمن واستئناف الحوار الداخلي حول البُعد اللبناني لهذا السلاح وتكريس «النأي بالنفس» عن لعبة المَحاور؟

… 3 أسئلة «ما فوق العادة» دهمتْ المَشهد اللبناني مع المواقف التصعيدية غير المسبوقة التي أطلقها الرئيس عون أمس خلال استقبالاته وفوداً إعلامية والتي وصف فيها ما حصل منذ استقالة الحريري من السعودية بأنه «اعتداء على لبنان وسيادته وكرامته وعلى العلاقات اللبنانية – السعودية»، واصفاً رئيس الحكومة المستقيل بأنه «موقوف ورهينة… ما يخالف اتفاقية فيينا وشرعة حقوق الانسان»، ومتحدثاً عن أنّ «وضع عائلته مماثل لوضعه ونحن لم نطالب بعودتها في السابق لكنّنا تأكّدنا أنّها محتجزة أيضاً ويتمّ تفتيشها عند الدخول والخروج».

وما جعل «أول كلام» رسمي من عون بهذا السقف منذ إعلان الرئيس الحريري استقالته في 4 نوفمبر الجاري من الرياض يكتسب أبعاداً فائقة الأهمية أنه تزامَن مع هجوم «ناري» شنّه الرئيس الإيراني حسن روحاني على السعودية على خلفية قضية الاستقالة، كما الملف اليمني، الذي يشكّل أحد ركائز «بروتوكول العودة» الذي حدّد الحريري عناوينه الرئيسية في إطلالته التلفزيونية.

وعبّرت أوساط مطّلعة في بيروت عن قلقٍ كبيرٍ من انكشاف أزمة الاستقالة على «انفجار» في العلاقة السعودية – الإيرانية بالتزامن مع ملامح تماهٍ لبناني رسمي مع طهران أقلّه من زاوية مقاربة ملف الاستقالة، لافتة الى أنه لا يمكن فصْل الحملة الشعواء التي شنّها روحاني على المملكة عن محاولة تنفيذ «إنزال» ديبلوماسي وسياسي ما وراء خطوط «المعركة» التي ستُفتح في لبنان بعد العودة الحتمية للحريري على قاعدة المضمون السياسي للاستقالة كما لإطلالته الإعلامية، ومعتبرة ان طهران وجّهت بهذا المعنى رسالة مزدوجة برسم الرياض وحلفائها في لبنان، وحاولتْ تأكيد واقع «الأمر لي» في لبنان بعد «قلْب الطاولة» الذي شكّلته الاستقالة وظهور الحريري كمَن يُمسك بمفاتيح المرحلة المقبلة.

وأبدتْ الأوساط نفسها خشية من أن يقفل «سوء التقدير» الرسمي في لبنان لمَخاطر الانزلاق الى «قطع الخيْط» في العلاقة مع الرياض أيّ بابٍ لإمكان «تدوير الزوايا» داخلياً، معربة عن الخوف من أن يفضي فتْح «اشتباك» ديبلوماسي مع المملكة في هذا التوقيت والظهور في موقع التموْضع في «الخندق الإيراني» في المواجهة مع السعودية الى ارتدادات خطيرة على البلاد ولا سيما ان أزمة الاستقالة جاءت أساساً على وهج «العصْف» في العلاقات بين الرياض وطهران بعدما «طفح كيْل» الأولى من لعب «حزب الله» في أمنها القومي انطلاقاً من دوره في اليمن والذي تُوّج بإطلاق صاروخ بالستي في اتجاه العاصمة السعودية.

ورغم عزْل بعض الدوائر في بيروت مواقف الرئيس عون عن أي بُعد إيراني، غامزة في سياق آخر الى ارتباطها في أحد جوانبها بالتجاذب بين رأس الدولة ورأس الكنيسة المارونية على خلفية زيارة الأخير التاريخية للرياض وصولاً الى إعلانه منها تأييده «أسباب استقالة» الحريري وإطلاقه مواقف بالغة الإيجابية تجاه المملكة ودعمها للبنان، إلا ان الأوساط السياسية نفسها ترى ان كلام عون ينسجم مع أداء وزير الخارجية جبران باسيل الذي التقى أمس في لندن نظيره البريطاني بوريس جونسون (قبل أن يتوجه الى ايطاليا) من ضمن «الحملة الديبلوماسية» التي أطلقها وأوحتْ بأنها في سياق الضغط على المملكة في شأن الحريري، بما يُضمر محاولة لتصوير عودة الأخير على أنها «انتصار» على السعودية التي أعطى إعلامها إشارات امتعاض كبير من «انخراط رئيس الجمهورية بالحملة التحريضية على السعودية إلى جانب ميليشيا حزب الله»، بما يبدو «ردّاً مباشراً من رأس العهد الجديد على دعوات الحريري بالالتزام ببند النأي بالنفس، كذلك فتح عون أبواب لبنان أمام الخيارات كافة».

وكان بارزاً أن الحريري أطلق موقفيْن في سياق احتواء كلام عون، الأول مباشر جاء على شكل «تغريدة» هي الثانية له في يومين قال فيها: «بدي كرر وأكد أنا بألف الف خير وأنا راجع ان شاء الله على لبنان الحبيب مثل ما وعدتكم، وحا تشوفوا». والموقف الثاني جاء على لسان النائب في كتلته عقاب صقر الذي أطل ونقل باسم الحريري ان الأخير «يثمّن عالياً تعاطُف الرئيس عون وغيرته وكل ما يقوم به، ويؤكد له وللرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط أنه ليس محتجزاً في المملكة ولا عائلته، وان السعودية لا تكنّ أي عدائية تجاه لبنان وانها لا تحمل له إلا كل الخير على ما دأبت عليه تاريخياً».

وتَرافق ذلك مع كلامٍ نقله المدير التنفيذي للأخبار والبرامج السياسية في تلفزيون «المستقبل» الإعلامي نديم قطيش وأكد فيه ان الرئيس الحريري اتصل بوزير الخارجية اللبناني وطلب منه سحب التداول بموضوع عائلته الذي حضر في مواقف باسيل بعد لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيث أعلن أن «لبنان سيقرر الخطوة التالية إذا لم يعد رئيس الوزراء وعائلته إلى بيروت»، في إشارة ضمنية الى اتجاه للجوء الى مجلس الأمن الدولي.

ومساء أمس، زار وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الرياض، حيث اجتمع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبحث معه الملف اللبناني، على أن يلتقي الحريري اليوم الخميس، حسب ما أفاد مصدر قريب منه لوكالة «فرانس برس».

وفي السياق، قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية كريستوف كاستانير، أمس، إن الرئيس ماكرون «يتمنى» أن يتمكن الحريري من أن «يؤكد» من لبنان «رغبته في الاستقالة إذا كان ذلك خياره»، وذلك بعدما جدَّد خلال استقباله باسيل، مساء أول من أمس، «التعبير عن أمله في أن يتمكن سعد الحريري من العودة إلى لبنان، كما أعلن، لإسباغ الطابع الرسمي على استقالته».

ولاحقاً، أعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان، أن ماكرون دعا الحريري وأسرته إلى فرنسا، فيما كشفت مصادر في الاليزيه أن «الحريري وأسرته سيصلون إلى فرنسا في الأيام المقبلة».

وفيما يشي مجمل ما شهدتْه الساعات الأخيرة بأن ما ينتظر لبنان بعد انتهاء مرحلة انتظار عودة رئيس الحكومة سيكون مخاضاً صعباً مفتوحاً على شتى الاحتمالات وربما يستمر حتى الانتخابات النيابية المقبلة في مايو 2018، تدعو مصادر سياسية الى رصد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، المقرر الأحد المقبل، بناء على طلب من السعودية، للبحث في «ما تقوم به إيران من انتهاكات في المنطقة العربية والتي تقوّض الأمن والسلم فيها وفي العالم بأسره».

وإذ أعطى الرئيس عون إشارة الى ان لبنان «في المبدأ سيلبي الدعوة الى الاجتماع»، يجري ترقُّب الموقف الذي سيتّخذه وسط خشية من أن يكون التصعيد الرسمي غير المسبوق تجاه المملكة سيترك تداعيات إضافية أو يجرّ الى «انزلاقات» جديدة، بما يفضي الى تفجير العلاقة بالكامل مع المملكة كما مع الدول العربية، وسط اعتبار كثيرين ان هذا اليوم هو «أحد الامتحان الكبير» أو «الانفجار الكبير» كما وصفه الوزير مروان حمادة.