IMLebanon

عن العهر الإعلامي… والسياسي! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

يبدو أن لبنان مقبل على معركة حريات جديدة. في خلال أيام قليلة يتحرك القضاء في اتجاه الإعلامي الزميل مرسيل غانم بذريعة ما قاله ضيفان صحافيان سعوديان في حلقة من برنامج “كلام الناس”. هكذا تحرّكت عناصر من الضابطة العدلية لـ”معرفة كامل هوية” أشهر إعلامي سياسي لبنان! بعدها بساعات يتم توقيف أحمد الأيوبي خلافاً للقانون، وذلك بسبب مقالة كتبها ودعوى رُفعت بحقه.

وإذا كان توقيف الأيوبي مخالفاً للقوانين، وتمّ بهدف “تربيته” كما يُقال بالعامية، وذلك تحت شعار استجدائه يوم جمعة وإبقائه موقوفاً حتى الاثنين بذريعة أن المدعي العام غائب عن السمع، وهو أسلوب أقرب إلى الأساليب الاستخباراتية منه إلى الأساليب القضائية، فإن ما جرى مع الزميل مرسيل غانم يشكل مادة أكثر خطورة، لأنها تحصل مع أحد أكبر إعلاميي لبنان، والمقصود منها حتماً إرسال رسالة إلى جميع الإعلاميين والصحافيين وأصحاب الرأي في لبنان.

وما كان موضع تساؤل مع المقدمة النارية لمرسيل غانم في حلقته الأخيرة، تأكد بما لا يقبل أي شك مع بيانات وزير العدل الخطرة، وحديثه عن “العهر الإعلامي”، وفي هذا الإطار يُطرح أكثر من سؤال على معالي الوزير ومن وراءه:

ـ هل يجوز الحديث عن “العهر الإعلامي” حين يكون الموضوع يتعلق بالإعلامي الزميل مرسيل غانم وأهم وأقدم برنامج حواري سياسي في لبنان؟

ـ لماذا يكون الحديث عن “العهر الإعلامي” حين يتعلق الأمر بالـLBCI والزميل غانم، ويتناسى معالي الوزير كل ارتكابات إعلام الممانعة، مثل “المنار” الـOTV و”الأخبار” وغيرها من الذين يسيئون منذ زمن ويومياً إلى علاقات لبنان مع الدول الصديقة، وفي طليعتها الدول العربية والمملكة العربية السعودية؟ وأين كان معاليه منذ ولادة الحكومة حتى اليوم؟

ـ وماذا عن أبواق الإعلام الممانع وشخصياته التي تتحفنا يومياً بسيل من الشتائم والاتهامات بحق مراجع كبرى في البلد؟ وهل نسينا حملة “إرحل” التي خاضتها جريدة الممانعة الأولى “الأخبار” بوجه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان؟

ـ وماذا عن الإساءات الهائلة والمتكررة التي يتفوّه بها مسؤولو “حزب الله” بشكل شبه يومي ومنذ سنوات، بحق المملكة العربية السعودية؟

بطبيعة الحال لا يمكن أن نقبل كلبنانيين بأي إساءة لرموزنا الوطنية، ولا لموقع رئاسة الجمهورية الذي يمثل جميع اللبنانيين، ولكن التعاطي بمعيارين ومكيالين في موضوع الحرية حوّل الموضوع إلى إطار تصفية حسابات بواجهة قضائية وبمضمون سياسي بحت. وإلا كيف يمكن فهم التحرك القضائي الدائم في اتجاه واحد؟ وكيف يمكن للنيابة العامة والقضاء التغاضي عن كل ارتكابات إعلام الممانعة وشخصياته؟

هل نذكر كيف عجز القضاء والضابطة العدلية عن توقيف المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيّد، وكيف تم “اقتحام” مطار بيروت بعراضة شبه عسكرية من “حزب الله” لمرافقة السيّد ومنع توقيفه؟ إنه مثال بسيط من مئات الأمثلة التي تُظهر عجز القضاء وحتى السلطة السياسية حين يتعلق الأمر بجماعة 8 آذار… فعن أي “عهر” يتحدث وزير العدل؟!

إن أبسط قواعد العدالة هي أن تكون بالتساوي بين جميع المواطنين، وبتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء. وفي موضوع الحرية تصبح المحاذير أكبر، فإما تطبيق القانون بصراحة على الجميع ومن دون استثناء، وإما الحرية للجميع وفي إطارها الواسع من دون استثناء، وخصوصاً يكون يكون في السلطة من يتقن فن الاستنسابية في تطبيق القوانين. وكم يجدر بأركان العهد الحالي أن يتذكروا جيداً أيام حكم النظام الأمني السوري- اللبناني المشترك، وكيف كانت تتم ملاحقتهم إعلامياً، علّ أركان العهد يتعظون فلا يكررون الأخطاء القديمة إياها، لأن اللبنانيين لا يرغبون على الإطلاق باستعادة تلك الأيام البائسة!