IMLebanon

السعودية تخْتبر “وعد النأي بالنفس”: سننتظر ونرى

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: غداة عودة عَجَلة العمل الحكومي الى الدوران، ارتسمتْ في بيروت ملامح محاولةٍ لاستعجال إنجازِ ملفاتٍ اقتصادية وحياتية «تصبّ في رصيد» التسوية «المُحدَّثة» التي عاد على أساسها رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالتِه، في موازاة ترْك مرتكزاتها السياسية والتي يختزلها «وعد النأي بالنفس» عن صراعات المنطقة والتدخل في شؤون الدول العربية رهْن «فترة السماح» الخارجية التي أعطيت للبنان.

وفيما كانت جلسة مجلس الوزراء (اول من امس)، وما تخلّلها من قطْع لبنان شوطاً مهماً على طريق دخول نادي الدول النفطية ومن تعييناتٍ، تتْرك أصداء إيجابية حيال «المرحلة المُنْتِجة» التي دخلتْها الحكومة بعدما «نجتْ من قطوع» الاستقالة التي جاءت على وهج احتدام المواجهة بين المملكة العربية السعودية وإيران، فإن «امتحان» ترجمة النأي بالنفس عملياً الذي وُضع لبنان وتحديداً رئيس الحكومة أمامه من المجتمع الدولي كما الدول العربية يبدو محكوماً بمجموعة عناصر متداخِلة بينها مآلات مساراتِ الأزمات في المحيط والتي تشهد تطورات متسارعِة سواء في اتجاه النهايات او الفصول الحاسمة، ناهيك عن «ربْط النزاع» المبكّر الذي أَحْدثه «حزب الله» مع «قضية القدس» في ضوء قرار واشنطن بالاعتراف بها عاصمة لاسرائيل ونقْل سفارتها إليها، وهي الخطوة التي تلقّفها المحور الإيراني ليعلن بلسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ان العنوان التالي لـ«المعركة» بعد «داعش» هو اسرائيل على قاعدة «وحدة الميادين» و… البندقية.

ويسود انطباعٌ في بيروت ان الفترة الفاصلة عن السنة الجديدة لن تشهد تطورات من النوع الذي يشكّل «خرقاً فاضحاً» لـ «الستاتيكو» الجديد الذي يبدو أقرب الى «التوازن السلبي»، في حين ستشكّل بدايةَ 2018 صافرة انطلاق التحضيرات للانتخابات النيابية التي أعطى وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم أمس «الضوء الأخضر» الرسمي لها بتوقيعه مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للبنانيين المقيمين في بلدهم والمنتشرين، وأحاله على المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء، على أن تجري العملية الانتخابية في 6 ايار 2018 في كلّ لبنان، وفي 40 دولة مقسّمة بين يومي الأحد في 22 نيسان والجمعة في 27 منه، (استناداً إلى العطل الرسمية فيها).

وكان لافتاً أمس ان التباسات الاستقالة التي أُعلنت من الرياض في 4 تشرين الثاني الماضي حضرتْ مجدداً على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيما كانت السعودية بلسان وزير خارجيّتها عادل الجبير تقول «أول الكلام» حول ملابسات عودة رئيس الحكومة عن استقالته وموقف المملكة من هذا المسار الجديد الذي حاول البعض تصويره على أنه جاء بمعزل عنها او حتى… بوجهها.

والجبير الذي كان يتحدّث الى «فرانس 24»، رسم في معرض كلامه عن العودة عن الاستقالة مجمل اللوحة التي شكّلت الخلفية «غير الخفية» لكل الأزمة منذ ما أعقب انتخاب عون رئيساً وصولاً الى قرار الحكومة اللبنانية بالنأي بالنفس، كاشفاً للمرة الأولى ان الرياض تضع بدورها النسخة الجديدة من التسوية قيد الاختبار الجدي.

وقال رئيس الديبلوماسية السعودية: «لقد دعمْنا سعد الحريري عندما كان رئيساً للوزراء حين شكل اول حكومة تحت رئاسة العماد ميشال عون ودعمْنا برنامجه السياسي، إلا ان كلاً من عون وحزب الله لم يسمحا للحريري بالحكم ولم يعطياه الهامش السياسي، واستخدماه كواجهة لتغيير قانون الانتخاب ومن هنا قرر الحريري الاستقالة لإحداث صدمة ايجابية».

وأوضح أن الحريري عاد الى لبنان (من السعودية عبر باريس ليل 21 – 22 تشرين الثاني) من أجل تقديم الاستقالة بشكل رسمي، ولكن رئيس مجلس النواب نبيه بري وَعَده بأن لبنان سيكون حيادياً بشأن ما يحدث في العالم العربي وبأنه سيُعطى الهامش السياسي للعمل. لذلك، نحن سننتظر ونرى. ونحن دعمْنا ذلك وسنرى.

ونفى الجبير ان تكون عودة الحريري عن استقالته شكّلت إخفاقاً للسعودية، وقال: «نحن نريد لبنان مستقراً ومزدهراً، ولو لم يكن لبنان موجوداً لكان ينبغي ابتكاره واختراعه فهناك أكثر من 17 طائفة يعيشون فيه بتجانس، وهذا نموذج. واذا خسرناه سنخسر كل الأقليات وسنخسر هذه الثروة لثقافتنا».

وكان الرئيس عون تطرّق خلال استقباله نقابة محامي بيروت الى «الأوضاع التي مرّ بها لبنان أخيراً بعد استقالة الحريري من الخارج، وما كان يُحضّر للبنان»، مشيراً الى «ان همّه الاول تركّز في بداية الأزمة على المحافظة على الامن واستقرار السوق المالية والوحدة الوطنية، ما أتاح للبنان إبقاء الوضع تحت السيطرة». واضاف: «بعد ذلك، انتقل اهتمامنا لدعوة المجتمع الدولي الى التدخل، الأمر الذي كانت له نتيجته الايجابية فأبقينا رأسنا مرفوعاً ولم ننحن للضغط من أي جهة أتى».

وفي موازاة ذلك، برز منحى لمعالجةٍ «بلا ضجيج» للتشظيات الداخلية لأزمة استقالة الحريري على صعيد العلاقات بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس الحريري) وحزب «القوات اللبنانية» وذلك على قاعدة تفادي الافتراق بين حليفيْن جَمَعهما منذ العام 2005 «مشروع الدولة» أو الانزلاق الى «مواجهاتٍ جانبية» تخدم بالنتيجة مشروع «حزب الله» ومن خلفه إيران في لبنان.

وأعطى رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع إشارةً الى مسارٍ كان يرمي الى عزْل حزبه، معلناً ان «الكثيرين يحاولون عزلنا وتطويقنا وهو أمر ليس بجديد علينا»، مشيراً إلى أننا «خبرناه، لا بل اعتدناه، من قوى أكبر حجماً وأشدّ بطشاً، والنتيجة عرَفها مَن حاول، ويعرفها مسبقاً من يَحاول وسيعرفها من سيحاول».