IMLebanon

ثلاثة مؤتمرات دولية لدعم لبنان

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

انطلقت عملياً الاستعدادات للمؤتمرات الدولية الثلاثة المرتقَب عقدها في الأشهر الأولى من العام المقبل في باريس وروما وبروكسل، لدعم لبنان اقتصادياً وأمنياً وسياسياً ومحاولة إعداد الأرضية اللازمة لعودة اللاجئين السوريين، ما سيرفع عن كاهله أعباء كبيرة أنهكته على مر السنوات السبع الماضية.

وقد بدأت الاجتماعات ما بين المسؤولين الأوروبيين ونظرائهم اللبنانيين للبحث في تفاصيل هذه المؤتمرات، وإن كان لم يتم بعد تحديد مواعيد نهائية لها. فالتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يوم أمس (الأربعاء)، المسؤول الفرنسي بيار دوغسنيه الذي بحث أيضاً مع فريق عمل الرئاسة اللبنانية الأولى الاستعدادات لمؤتمر «باريس 4»، الذي كان قد سبق لوزير الخارجية الفرنسي أن أعلن عن انعقاده في شهر مارس (آذار) المقبل، مشيراً إلى أنه سيكون مختصاً بالاستثمارات لدعم اقتصاد لبنان وبنيته التحتية. كذلك تابع وزير الدفاع يعقوب الصراف مع سفير إيطاليا لدى لبنان ماسيمو ماروتي، يوم أمس، التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية في روما، الذي سيحمل عنوان «روما 2».

وبالإضافة لمؤتمري «باريس 4» و«روما 2»، يُعقد مؤتمر في بروكسل، الأرجح في شهر أبريل (نيسان) المقبل لبحث أزمة اللاجئين السوريين. وتترقب فرنسا، بحسب وزير خارجيتها، أن يشكل هذا المؤتمر «فرصة لإظهار التطور في طريق العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم، وبطريقة تحفظ كراماتهم».

وقالت مصادر رئاسة الجمهورية إن التحضيرات لمؤتمر «باريس 4» بدأت منذ فترة، لافتة إلى أن مسؤولاً فرنسياً من فريق عمل الرئيس الفرنسي، التقى، يوم أمس، الرئيس عون وفريق عمله لبحث الاستعدادات والتحضيرات للمؤتمر الذي سيكون مختصاً بالاستثمارات ودعم لبنان اقتصادياً. وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يتم التداول بالقسم الأول من شهر مارس تاريخاً لانعقاد هذا المؤتمر، لكن حتى الساعة لا شيء نهائي. وأضافت: «أما فيما يتعلق بمؤتمر (روما 2) لدعم الجيش، فالإيطاليون يتولون حالياً الموضوع، والتواصل مع باقي الدول لتحديد موعده، فيما يتم العمل في بروكسل مع الأمم المتحدة وبالتنسيق مع مجموعة الدعم الدولية للبنان والاتحاد الأوروبي للتحضير للمؤتمر»، الذي قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إنّه سيُعقد في شهر أبريل المقبل. وأوضحت مصادر الرئاسة الأولى أن لبنان سيُعد مذكرة يقدمها للمؤتمر تتضمن وجهة نظر لبنان لكيفية حل أزمة اللاجئين.

وكانت المؤتمرات الأولى الداعمة لاستقرار لبنان السياسي والأمني والاقتصادي بعد الأزمة الأخيرة السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد، عُقدت في الثامن من الشهر الحالي في باريس، بحيث اجتمعت مجموعة الدعم الدولية للبنان برئاسة الأمم المتحدة وفرنسا وبحضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتم إصدار بيان تم التشديد فيه على «ضرورة حماية لبنان من الأزمات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط»، وتمت دعوة جميع الدول والمنظمات الإقليمية إلى العمل من أجل حفظ الاستقرار والأمن السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والماليين في لبنان. كما توجهت المجموعة للأطراف اللبنانية وحثّتهم على «تنفيذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية وعدم التدخّل فيها».

ويبدو واضحاً أن المجتمع الدولي يربط مساعداته للبنان بتمسك حكومته سواء الحالية أو تلك التي ستُشكل بعد الانتخابات النيابية، بسياسة «النأي بالنفس» التي أعاد كل الفرقاء تأكيد التزامهم بها هذا الشهر من خلال قرار حكومي أنهى الأزمة السياسية التي فجّرتها استقالة الحريري الذي عاد وتراجع عنها. وفي هذا السياق، أكد الدكتور سامي نادر، مدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية» أن المؤتمرات الدولية المرتقبة لدعم لبنان، مشروطة ليس فقط بـ«النأي بالنفس» إنما أيضاً بالإصلاحات، خصوصاً مؤتمر «باريس 4»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بيان مجموعة الدعم الدولية شدد على الشفافية والإصلاحات، وليس خافياً على أحد أن قسماً كبيراً من المساعدات التي أقرها (باريس 3) لم تُقدم لعدم السير بالإصلاحات التي كانت مطلوبة». واستبعد نادر عقد «باريس 4» قبل الانتخابات النيابية في مايو (أيار) المقبل، وتشكيل حكومة جديدة «باعتبار أن المساعدات الاقتصادية المرتقبة ستكون مرتبطة ببرنامج اقتصادي ورؤية تفتقدها هذه الحكومة». وأضاف: «إلا إذا كان الهدف الأساسي من المؤتمر إعطاء جرعة دعم للرئيس الحريري قبل الانتخابات، على أن يتم تفعيل موضوع الاستثمارات في وقت لاحق».

وأشار نادر إلى أن «كل الجهد الدبلوماسي المبذول لدعم لبنان يهدف إلى تأمين شبكة أمان دولية لمواكبة النأي بالنفس»، لافتا إلى أن «مؤتمر (روما 2) لدعم الجيش، هدفه الأساسي تدعيم خيار النأي بالنفس، خصوصاً أن المجتمع الدولي بات يتفهم تماماً وضعية لبنان وجيشه وأنّه يقوم بدوره بالحد الأدنى نظراً للظروف التي يرزح تحتها».