IMLebanon

برج بابل “مُستقبلي”!؟

كتب فؤاد ابو زيد في صحيفة “الديار”:

مما لا شك فيه ان تيار المستقبل، على صعيد القيادات والمسؤولين. والنواب والوزراء، يعاني من مشكلة تشبه الى حد بعيد مشكلة انعدام الوزن، او حالة «برج بابلية» حيث كل شخص يتكلم لغة، ويأخذ موقفاً يتعارض مع موقف زميل له قاله قبل فترة قصيرة، وفي اليوم ذاته، وهذه الحالة التي بدأت مع مشكلة استقالة رئيس التيار سعد الحريري من رئاسة الحكومة، وما حصل معه في السعودية وفرنسا وفي بيروت والتريث والعودة عنها، لم تصل بعد الى نهايتها، على الرغم من ترؤس الرئيس الحريري لاجتماعات كتلته النيابية والمكتب السياسي للتيار، وهذا الامر، فوق انه يثير بلبلة بين جمهور المستقبل، والحياة السياسية بسبب عدم وضوح الرؤية وعدم الثبات على موقف واحد محدد، ان كان من حيث تحالفات الحريري في السياسة او في الانتخابات، ومعرفة من هو الحليف ومن هو الخصم، ليبنى على الشيء مقتضاه.

وبما ان تيار المستقبل يملك اكبر كتلة نيابية، واوسع تمثيل حكومي بعد كتلتي التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، يفترض ان يكون تأثيره في الحياة السياسية والوطنية، كبيراً وفاعلاً، بشرط ان يكون يملك خطة حكم ومواقف وتحالفات واضحة وصريحة، وليس كماهو الواقع اليوم، حيث «الملق فالت» و«الغناء صولو»، وليس ضمن كورس منضبط بقيادة مايسترو ماهر.

منذ نشوء الخلاف بين فريق من تيار المستقبل، وبين حلفاء الامس من احزاب وشخصيات قوى 14 اذار، على اثر مقال نشرته احدى الصحف اللبنانية، اتهمت فيه الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات بتحريض القيادة السعودية على رئيس الحكومة سعد الحريري، والذي سارع فريق مقرب من الحريري الى تبنيه ونشره، وبناء خطة عليه لعزل حزب القوات ومحاولة اقالة وزراء القوات من الحكومة، ومن ثم تم التراجع عن الخطة، وتحولت الاتهامات الى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، والوزير السابق اللواء اشرف ريفي، والنائب السابق فارس سعيد، وتحريك من يملك «ريموت كونترول» هذه الخطة الى العودة مجدداً لالصاق التهمة بجعجع والرئيس سعد الحريري، احياناً يهدد ببق البحصة، ليعود ويبلعها ولكنه في الحالتين، لا يتدخل يوقف الحملة على رفاق الامس، ليعلن مؤخراً للنائبة ستريدا جعجع، ان لا بحصة هناك ولا من يحزنون، ويعود الوزير غطاس خوري ليعلن امس في حديث اذاعي، ان الكلام عن «حلف خماسي» هو «كلام جرايد» وان التحالف مع القوات ممكن انتخابياً وان هناك تهدئة تسمح لاحقاً بحل الخلاف مع القوات.

الجديد في موضوع الخلاف بين سعد الحريري من جهة، وبين سمير جعجع وسامي الجميل من جهة ثانية، هو ما نشرته جريدة الديار، ما مفاده ان جعجع والجميل فوجئا بان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يملك تقارير وملفات متكاملة عن سعد الحريري لا علم لهما بها، واذا عدنا الى ما نشر سابقاً بأن سفير دولة الامارات في لبنان، كشف لسعد الحريري عن الجهد الكبير الذي بذله جعجع لدى المسؤولين في دولة الامارات وفي المملكة السعودية دفاعاً عن الحريري وعن عودته الى لبنان، يمكن ربط ما قاله السفير الاماراتي بما كشفته جريدة «الديار» وبالتالي فانه من الواضح ان هناك من استغل استقالة الحريري وحجزه في السعودية، لتوجيه ضربة قاضية لقوى 14 اذار، وفك تحالفها، بفك تحالف المستقبل مع الكتائب والقوات والشخصيات المسيحية المنضوية في قوى 14 اذار على ابواب انتخابات نيابية مفصلية، لمنع حصول احزاب وقوى 14 اذار من الحصول على اكثرية نيابية مرة اخرى.

حان الوقت لكشف الحقائق عما سبق استقالة الحريري، وعما لحق بها، والوحيد المطالب بكشفها هو سعد الحريري نفسه، فإما ان يكشفها، وإما ان يصمت ويلزم جماعته بالصمت.