IMLebanon

عمالقة التكنولوجيا متواطئون مع المتطرفين لأجل المال

قرر موقع بث ملفات الفيديو يوتيوب المملوك لشركة خدمات الإنترنت الأميركية العملاقة غوغل اللجوء إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المحتوى المحظور مثل التحريض على العنف والكراهية والتطرف، في أعقاب تزايد الضغوط السياسية والانتقادات التي تواجهها مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى دورها في نشر العنف والتطرف.

وقالت سوزان ويسكي -الرئيسة التنفيذية لموقع يوتيوب- إنه تقرر زيادة عدد الأشخاص المسؤولين عن فحص محتوى الموقع إلى 10 آلاف شخص خلال العام المقبل، ضمن مجموعة من الإجراءات الرامية إلى الحد من المحتوى المحظور.

كما سيستغل الموقع بشكل أكبر خبرة غوغل في الذكاء الاصطناعي حيث أن ذلك يساعد الأشخاص المسؤولين عن مراجعة المحتوى، في إزالة خمسة أمثال تقريبا عدد ملفات الفيديو التي تنتهك قواعد الموقع.

كان موقع يوتيوب قد حذف حوالي 150 ألف ملف فيديو منذ يونيو الماضي، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في اكتشاف 98 بالمئة من هذه الملفات التي تحتوي على رسائل عنف.

في الوقت نفسه تتيح الإجراءات الجديدة لموقع يوتيوب حذف المحتوى المحظور بوتيرة أسرع، إذ تم حذف حوالي 70 بالمئة من الملفات خلال 8 ساعات من وضعها، في حين تم حذف حوالي 35 بالمئة منها خلال أول ساعتين.

ردود فعل شركات التكنولوجيا التي تأتي على شاكلة “عفوا سنصلح الأمر” محبطة ومخادعة، وفق مراقبين

كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي استطاعت منذ يونيو الماضي مراجعة عدد هائل من الملفات، يعادل ما يمكن أن ينجزه 180 ألف شخص يعملون لمدة 40 ساعة أسبوعيا. كان موقع يوتيوب قد تعرض لضغوط من جانب المعلنين خلال العام الحالي بسبب ظهور إعلاناتهم مع فيديوهات تحرض على العنف والتطرف.

وفي شهر مارس الماضي، كشفت صحيفة “تايمز أوف لندن” البريطانية أن يوتيوب دفع من عائدات الإعلانات لمتطرفين إسلاميين من أجل نشر خطابات كراهية، مما أدى إلى مقاطعة كبار المعلنين له، أما المقاطعة الثانية فبدأت هذا الشهر بعد أن اكتشفت علامات تجارية كبرى أن إعلاناتها تُنشر بجوار محتوى يخص المتحرشين بالأطفال (بيدوفيليا).

وكانت شركة فيسبوك أعلنت بدورها، الشهر الماضي، إزالة 99 بالمئة من المحتوى الخاص بالمنظمات الإرهابية قبل أن يتم الإبلاغ عنه من قبل المستخدمين. تقول شيريل ساندبيرغ -مديرة العمليات في فيسبوك- إنها تشعر بالاشمئزاز والإحباط لأن نظام فيسبوك سمح بهذا المحتوى سابقا.

وقالت مونيكا بيكرت التي تدير السياسات العالمية في فيسبوك “نحن نشعر بالتشجيع إزاء هذه الأرقام ولكننا نعرف أن علينا العمل بشكل أكبر، من أجل تحسين تلك التكنولوجيا”، وأضافت أن الشركة لن تفصح عن كم المحتوى الإرهابي والمشاركات والصور ومقاطع الفيديو التي تتم إزالتها بشكل يومي من الموقع.

وهذه الخطوة تأتي بعد الضغوط الشديدة التي تتعرض لها مواقع التواصل الاجتماعي العملاقة من قبل الحكومات في مختلف مناطق العالم، بسبب استخدام المتطرفين لها لنشر أفكارهم.

 

ودعا المسؤولون الأوروبيون شركات التكنولوجيا إلى تحمل المزيد من المسؤولية بشأن المحتوى الذي ينشر على شبكاتهم وتوفير المزيد من المعلومات للسلطات التي يمكن أن تساعدهم.

الحقيقة أنه عندما نُشر كتاب جوناثان تابلين “تحرك سريعًا وغيّر الأشياء” الذي يتعامل مع التخوّف من انتشار التكنولوجيا بشكل كبير، لأول مرة في المملكة المتحدة عام 2017، أزال الناشرون عنوان الكتاب الفرعي “كيف احتكرت فيسبوك وغوغل وأمازون الثقافة وقوضت الديمقراطية”، لأنهم لم يجدوا أنه مدعوم بالأدلة.

في الطبعة الورقية القادمة للكتاب التي ستُنشر بداية العام المقبل، ستتم إضافة العنوان الفرعي مرة أخرى، يقول تابلين “لقد حدثت تغيرات كبيرة جدًا في 6 أشهر فقط، قبل ذلك كان الناس نائمين نوعًا ما”.

وفي عام 2017، لم يكن يمر يوم دون حدوث فضيحة تسلط الضوء على شركات التكنولوجيا سواء تعلقت الفضيحة بالتحرش الجنسي أو بالجرائم التي كانت تُبث مباشرة أو بعمليات النفوذ الروسي أو بدعايات الإرهاب، بحسب تقرير صحيفة الغارديان البريطانية يوم 23 ديسمبر الجاري.

ويُنقل عن تابلين قوله إن ردود فعل شركات التكنولوجيا التي تأتي على شاكلة “عفوًا سنصلح الأمر” محبطة ومخادعة. يقول أوم مالك -أحد أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية- “الشركات الكبرى مهووسة بالنمو حتى أنها كانت تفتقر للمسؤولية الاجتماعية، والآن يبدو أن عواقب أفعالهم بدأت تسبب لهم المشاكل”.

وقد لعب انتخاب دونالد ترامب المفاجئ دورًا محفزًا في الفحص الدقيق للمنصات التي شكلت الجزء الأكبر من استخدام الإنترنت، ورغم ذلك تطلب الأمر عدة أشهر لاكتشاف فداحة تغول دورها. ربما كانت أكبر دعوات “المواجهة الحاسمة” في واشنطن، فقد استدعى الكونغرس ممثلين من فيسبوك وتويتر وغوغل للإدلاء بشهاداتهم في العمليات الروسية المتعددة للتأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2016، واعترفت الشركات الثلاث بأن المؤسسات الروسية اشترت إعلانات على مواقعهم في محاولة لدفع التصويت نحو وجهة ما.

في قضية فيسبوك، أرسلت حسابات وهمية رسائل مسببة للخلاف في الولايات المتأرجحة، كما عثرت غوغل على نشاط مماثل من خلال أدوات البحث المدفوعة ويوتيوب، أما على تويتر فقد نشرت الروبوتات والحسابات الوهمية أخبارًا زائفة مؤيدة لدونالد ترامب، ويبدو أن أمرًا مماثلاً حدث عند التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

يقول نعوم كوهين -مؤلف كتاب “صعود وادي السيليكون كقوة سياسية وكرة هدم اجتماعية”- “أظهرت الانتخابات الرهانات المطروحة أمامنا، في الماضي كان يجب أن تقول بأن الهواتف الذكية غبية حتى تتمكن من انتقاد وادي السيليكون، أما الآن فيمكنك أن تقول فقط بأنه يتعارض مع الديمقراطية”، لم يكن هذا المثال الوحيد لشركات التكنولوجيا التي تحقق أرباحًا وتنشر محتوى بغيضًا ثم تتصرف بكل دهشة عندما ينكشف الأمر.

من جانب آخر، يثير التأثير العميق والمتنامي لشركات مثل فيسبوك وأمازون وغوغل وآبل مخاوف من أن تصبح هذه الشركات عملاقة، مما يهدد الإبداع الذي يُعرف به وادي السيليكون، يمكنك فقط أن تنظر إلى شركة “سناب” لترى ما يحدث عندما تواجه شركة تكنولوجيا عملاقة مثل فيسبوك: في البداية تقدم عرضًا لشرائك -هذه الاستراتيجية نجحت مع اِنستغرام وواتساب- وعندما تفشل في ذلك تتجاهلك تمامًا وتحاول إقصاءك.