IMLebanon

“المرسوم المأزوم” أَشْعلها بين عون وبري

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

بعد نحو 24 ساعة على الكلام الذي حَسَم من خلاله الرئيس عون علَناً انه ليس في وارد التراجُع عن المرسوم داعياً “المعترضين للذهاب الى القضاء (…) وسنة الأقدمية التي مُنحت لا ترتّب أعباء مالية على الدولة كي يوقّع وزير المال المرسوم ذي الصلة”، ومعتبراً أنه “يمكن لكل طائفة غير مستوفية حقوقها كاملة، والبعض (دافش حاله) أكثر، الاعتراض في مجلس الوزراء ومجلس النواب، فالاعتراض في الصحف غير مفهوم”، اكتملتْ بالردّ العالي السقف لبري الوجوه المتعدّدة، السياسية والدستورية، لهذه الأزمة المستجدّة كما بُعدها المرتبط بـ “المعركة الخفية” حول التوازنات و”ترويكا” التواقيع (المسيحية – السنية – الشيعية) التي يسعى رئيس البرلمان (ومعه “حزب الله”) إلى تكريسها على مستوى السلطة التنفيذية بما يحفظ للمكوّن الشيعي “شراكةً” في القرار الرسمي تُعتبر أحد “المَلاعب الخلفية” للصراع، بوجهه الداخلي، المستعر في لبنان منذ العام 2005.

وفي هذا السياق ورغم أن بري لم يعلنها “أزمة نظام”، فإنه في موازاة تبريره ضرورة توقيع وزير المال للمرسوم بأن “العبء المالي قائم وقادم، ومَن قال لك يا فخامة الرئيس عكْس ذلك فهو مدّع للمعرفة بعيداً عنها”، أضفى على ملف “المرسوم المأزوم” طابعاً ميثاقياً بقوله “لفتني في كلام (الرئيس عون) ان المرسوم يوقّعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحدهما، إذن رحمة الله على الطائف، وعلى الدستور، والعرف، ومجلس الوزراء، والوزراء. وتُقبل التعازي في باحة ساحة المادة 54 من الدستور”، وهو ما اعتُبر إشارة إضافية الى ان رئيس البرلمان لا يقارب هذا الموضوع إلا من زاوية رفْض أي مساس بحقوق المكوّن الشيعي ولو كانت عُرفية، هو (أي بري) المسكون بهاجس ثنائية مارونية – سنية في الحُكم كان حذّر من استعادتها قبيل التسوية التي أفضت الى انتخاب عون رئيساً نهاية اكتوبر 2016.

ولعلّ هذا الهاجس بالتحديد هو الذي جعل بري يشمل رئيس الحكومة سعد الحريري بـ “غضبته” حيال مسار ملف المرسوم في امتداد لـ “حساسية” متراكمة على خلفية ما اعتبره سابقاً “انحيازاً” منه بجانب رئيس الجمهورية، وسط توجيهه بردّه أمس على عون رسالة برسم الحريري، بقوله رداً على سؤال حول “هل يمكن ان تتأثر علاقتك بالرئيس الحريري جراء هذا الموضوع؟”، اسألوه.

وتوقفت دوائر سياسية عند تأكيد بري في ردّه الذي وُزِّع مكتوباً على الصحافيين الذين تم استدعاؤهم الى مقره حين سئل هل تقبل بالذهاب الى القضاء: “عندما تصبح وزارة العدلية غير منتمية (الى حزب) أذهب. الضعيف يذهب الى القضاء”، لافتة إلى أن هذا الموقف يحمل إشارة بالغة الاهمية حول ان “الردّ العملي آت” سياسياً ودستورياً، ومعتبرة أن رئيس البرلمان سبق أن قدّم «عيّنة» من تعاطيه مع أي “تَجاوُز” لمرجعيته الطائفية وتحديداً حين أوقف عبر وزير المال المخصصات السرية لقوى الأمن الداخلي، وهو ما قد يتكرّر على نطاق أوسع في ضوء التوقيع الوازن لوزارة المال ودورها المحوري في كل ما يتصل بمالية الدولة ودورتها.

وأشارت الدوائر نفسها إلى أن الصيغة التي خاطب فيها بري رئيس الجمهورية منطلقاً من انه “رغم ان الاعتراض في الصحف غير ممنوع قانوناً إلا انه فعلاً بين الاصدقاء ممجوج وغير مستحبّ” وكلامه عن “ان اقتراح القانون (عاد) وهرّب في ليل بمرسوم أمرد” وعن “أن المخفي أعظم”، تعكس أن الأزمة بينهما مفتوحة وسط علامات استفهام حول مدى قدرة “حزب الله” على اجتراح مَخرج يوائم بين “الأهمية الاستراتيجية” لعون بالنسبة إليه وبين مكانة بري كـ “خط الدفاع الأول” عن حقوق المكوّن الشيعي و”حامل راية الشرعية” (شيعياً).