IMLebanon

الازمة تعيد احياء المؤتمر التأسيسي

كتب هشام يحيى في صحيفة “الديار”:

لا تزال ازمة مرسوم إعطاء سنة أقدمية لضباط الجيش من دورة عام 1994 بخلفياتها الميثاقية والدستورية والسياسية تتفاعل سيما أن المتابعين لهذه القضية يؤكدون بان الأمور لا تزال مفتوحة على كل احتمالات التصعيد والتأزم، باعتبار أن توقيع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص على هذا المرسوم من دون توقيع وزير المالية يشكل خرقا للديمقراطية التوافقية التي تعتبر من أبرز سماة تطبيق دستور الطائف، خصوصا أن الالتزام بمبدأ هذه الديموقراطية التوافقية منذ اتفاق الدوحة بعد احداث 7 آيار 2008 كان ولا يزال صمام أمان الحفاظ على الأمن والاستقرار وعلى النظام السياسي في لبنان وآلية الحكم فيه  الذي لا يحتمل تهميشاً أو اقصاء أو اضعافاً أو استبعاداً لأي مكون من المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد.

وبحسب مصادر وزارية بارزة أن ما قدم لغاية اليوم من آراء وأفكار للخروج من الأزمة الراهنة ليست سوى قفز في المجهول، خصوصا أن ما طرح وقدم في هذا المجال، هو في حقيقة الأمر يشكل نسفا لاتفاق الطائف في ظل مرحلة خطيرة يمر بها لبنان والجوار المحيط وكل المنطقة، وهي مرحلة لا تحتمل ظروفها الصعبة والبالغة الدقة والحساسية كل هذه الرفاهية السياسية التي تستنبط  كل هذه الآراء والأفكار الجهنمية تحت عنوان أن هذه الرئاسة أو تلك تملك وحدها هذه الصلاحية من هنا أو هناك، في حين أن المطلوب بكل بساطة من جميع الكتل السياسية الالتزام بالدستور والقانون والتحلي بالمسؤولية الوطنية من خلال حزم أمرهم في تقديم الخطوات الناجعة التي تؤكد على التوافق الداخلي سيما أن الجميع يدرك بأن لبنان قوي ليس بالتحالفات الثنائية ولا بالقرارات الأحادية بل فقط بديمقراطيته التوافقية التي تحمي وتعزز أمنه واستقراره وسلمه الأهلي.

المصادر أشارت الى أن هذه التوافقية هي كانت ولا تزال ركيزة التسوية التي أنهت الفراغ الرئاسي في السياق الذي أوصل إلى انتخاب الرئيس القوي الذي لديه الحيثية الميثاقية والتمثيلية في حين أن هناك من كان يحاول الخروج عن هذه التوافقية من خلال السعي إلى انهاء الفراغ الرئاسي عبر انتخاب أي رئيس من دون ان يكون لهذا الرئيس الحيثية الميثاقية والشعبية. وعليه، أن هذه التوافقية  التي أنتجت تسوية انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية وأوصلت الرئيس سعد الحريري ليكون رئيسا لحكومة لبنان كان ولا يزال الثنائي الشيعي الممثل بحركة أمل وحزب الله البنيان الأساسي بتركيبتها، كما أن هذه التوافقية  التي طوقت ازمة استقالة الرئيس الحريري وأنجزت تسوية النأي بالنفس كذلك الثنائي الشيعي كانا المحور الأساسي في صياغتها، وبالتالي أزمة المرسوم وما تلاها  من حلول ومعالجات  أقل ما يقال فيها بأنها فوقية وغير دستورية وغير ميثاقية لهذه الأزمة، وتشكل في مكان ما انقلاب على هذه التوافقية، وبالتالي انقلاب على شراكة الثنائي الشيعي  في كل هذه التسويات التي حفظت وحمت البلاد في أصعب الظروف خصوصا على صعيد التصدي للتهديد الإسرائيلي ومحاربة الإرهاب التكفيري.

وتؤكد المصادر  في هذا السياق، بأن الوضع الهش في لبنان لا يحتمل أي مغامرة أو مقامرة أو السير بعكس التيار الذي تبحر باتجاهه القوى الدولية والإقليمية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية والتي لا تزال حريصة على أمن واستقرار لبنان ومنع انفجاره وانزلاقه نحو الفتنة والفوضى بكل فصولها التدميرية والدموية… وبإجماع من الدبلوماسيين المعنيين بالوضع اللبناني وتداخلاته وتعقيداته الداخلية والإقليمية والدولية، فإن المظلة الدولية – الإقليمية الحامية للبنان لا تزال متمسكة باتفاق الطائف الذي لا بديل عنه في المدى المنظور، إلا أن الخروج عن الروحية التوافقية التي يقوم عليها اتفاق الطائف وبالتالي أن الذهاب عشية مرحلة ما قبل الانتخابات التي ستحدد نتائجها معالم المرحلة المقبلة، نحو سياسة الاستئثار ومنطق الأحادية والثنائية، فأن هذا الأمر سيقود عاجلا أما آجلا إلى نسف الطائف والذهاب في البلاد نحو إعادة احياء مخاض المؤتمر التأسيسي الذي ينبثق عنه دستور لبناني جديد يراعي التوازنات السياسية والميثاقية التي يقوم عليها لبنان، وإعادة احيا المؤتمر التأسيسي عاد ليشكل محورا أساسيا في مباحثات الكواليس السياسية بعد أزمة مرسوم الأقدمية، ومن دون أدنى شك ان موضوع المؤتمر التأسيسي سيكون طيفه حاضرا بقوة في حسابات ومعارك الانتخابات النيابية على اطلاقها.