IMLebanon

كل صوت له اهميته في معركة زحلة الانتخابية

كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:

في ختام انتخابات العام 2009 النيابيّة، قيل الكثير عن أنّ نتيجة قضاء زحلة آنذاك، منحت الأغلبيّة النيابيّة لقوى «14 آذار» بدلاً من قوى «8 آذار» بعد فوز الأولى بكامل المقاعد. واليوم، لا تقلّ معركة زحلة أهمّية عن الماضي، حتى بعد انفراط التحالفات السياسيّة العريضة وبعد تفرّق قوى 8 و14 آذار السابقة، وذلك كونها تجمع تحت سقف واحد مجموعة منوّعة من القوى السياسيّة والطائفية اللبنانيّة. فدائرة زحلة الانتخابيّة تضم سبعة مقاعد موزّعة على الكاثوليك (مقعدان) وعلى كل من الموارنة والروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس والشيعة والسنة (مقعد لكل منهم). فكيف هي صُورة التحالفات والتموضعات على بُعد نحو ثلاثة أشهر من الموعد المُفترض للانتخابات؟

بحسب أوساط سياسيّة زحليّة المعركة في عروس البقاع التي تضمّ 172555 ناخبًا، ستكون قويّة ومُوزّعة بين أربع لوائح يظنّ المسؤولون عن كل منها أنّهم قادرون على جذب أغلبيّة أصوات المُقترعين. وأضافت أنّ التحالف الوحيد الذي حُسم أمره حتى الساعة هو بين «الثُنائي الشيعي» من جهة، والوزير السابق نقولا فتوش من جهة أخرى، بينما كل التحالفات الأخرى مفتوحة على كل الخيارات المُمكنة. ولفتت إلى أنّه على الرغم من أنّ عدد الناخبين الشيعة يبلغ 27537 ناخبًا، أي ما نسبته 16%، إلا أنّ هذه الكتلة مُؤثّرة في نتيجة أي انتخابات كونها تصبّ ككتلة واحدة في مصلحة الأسماء التي يختارها «حزب الله»، وهو ما ظهر في انتخابات العام 2009، عندما صوّت 94,3% من الناخبين الشيعة لمصلحة لائحة «8 آذار». وبالتالي بإمكان الكتلة الشيعيّة تحديد هويّة المرشّح الذي ترغب به، وهي تطمح للتمثّل بأكثر من نائب عبر التحالفات المُنتظرة.

وقد وضع اختيار «الثنائي الشيعي» التحالف مع النائب فتوش، رئيسة «الكتلة الشعبيّة ميريام سكاف، خارج التحالف مع مُمثّلي الناخبين الشيعة ـ كما كانت تأمل في مرحلة سابقة، علمًا أنّ تحالفها مع باقي القوى الفاعلة في زحلة دونه عقبات كثيرة ـ بحسب ما رأت الأوساط السياسية الزحليّة. وأوضحت هذه الأوساط أنّ تحالف سكاف مع «القوّات» دونه خلافات كبيرة على الحصص، وتحالفها مع حزب «الكتائب اللبنانيّة» دونه خلافات شخصيّة بين مرشّح «الكتائب» النائب إيلي ماروني وآل سكاف على خلفيّة قضيّة مقتل نصري ماروني (شقيق النائب) وسليم عاصي في العام 2008. أمّا التحالف بين سكاف و«التيّار الوطني الحُرّ» فهو مرتبط بالخيار النهائي الذي سيعتمده «التيار البرتقالي» الذي كان يُمثّل جزءًا من تحالف قوى «8 آذار» في انتخابات العام 2009، وهو يطرح اليوم على طاولة البحث عدّة خيارات أخرى، من بينها التحالف مع «تيّار المُستقبل» على سبيل المثال لا الحصر.

يُذكر أنّه على الرغم من أنّ عدد الناخبين الكاثوليك يبلغ 32295 ناخباً، وعدد الناخبين الموارنة يبلغ 27000 ناخب أي ما نسبته 15,68%، فإنّ زحلة ممثّلة بنائبين كاثوليكيّين وبنائب واحد ماروني، وهي معروفة باسم «عاصمة الكثلكة» في لبنان، حيث تطمح أكثر من شخصيّة كاثوليكيّة، ومن بينها السيدة ميريام سكاف، لتزعّم الطائفة من الناحية السياسيّة. وأضافت الأوساط السياسيّة الزحليّة أنّ التنوّع الطائفي والمذهبي في زحلة يبرز أيضًا من خلال وجود 16470 ناخبًا (9,54 %) من الروم الأرثوذكس.

وبالنسبة إلى الكتلة الإسلاميّة الثانية المؤثّرة في دائرة زحلة الانتخابيّة ذات الأغلبيّة العدديّة المسيحيّة، أي الكتلة السنّية فيبلغ عددها 48867 ناخبًا، أي ما نسبته 28,32% من الأصوات. وبحسب الأوساط السياسيّة الزحليّة، إنّ «تيّار المُستقبل» الذي صوّت 86% من السنّة في زحلة لمصلحته في العام 2009، قادر على تأمين «الحاصل الانتخابي» للمرشّح السنّي الذي يختاره بسُهولة، وعلى توفير الدعم من فائض الأصوات التي يملكها لأي «حليف»، علمًا أنّ هذا «الحاصل» مُقدّر بنحو 15000 صوت في حال بلغت نسبة الاقتراع نحو 60% كما حصل في العام 2009.

ويدرس «التيّار الوطني الحُرّ» واقعه في زحلة بدقة بحسب الأوساط السياسيّة نفسها، حيث أنّ انضمامه المنطقي من الناحية السياسيّة يجب أن يكون إلى اللائحة المدعومة من «حزب الله» والنائب فتوش، وانضمامه المصلحي الانتخابي المحض يُمكن أن يكون إلى جانب «تيّار المُستقبل» ومن سيتحالف معه هذا الأخير، لكن هذا الخيار سيضعه في مُواجهة مُباشرة مع «الثنائي الشيعي» في الدائرة البقاعيّة. وكان مرشّح «التيّار» قد حلّ أوّلاً في انتخابات العام 2009 على مُستوى اللائحة الخاسرة حيث نال النائب السابق سليم عون 41277 صوتاً، في مُقابل نيل الأوّل على اللائحة المُقابلة النائب إيلي ماروني 49504 أصوات. لكنّ هذه الأرقام لم تعد تعني شيئًا بعد خلط أوراق التحالفات بشكل كبير، أضافت الأوساط.

ومن بين القوى السياسيّة التي تنظر إلى معركة زحلة من منظار بالغ الأهميّة، حزب «القوّات اللبنانيّة» الذي يتمتّع بنفوذ واسع في المدينة، بخاصة لدى الموارنة وبنسبة أقل لدى باقي المذاهب المسيحيّة في المدينة. وتنتظر «القوّات» التي دعمت في العام 2009 لائحة «14 آذار» لينضم منها بعد الفوز ثلاثة نوّاب إلى كتلتها النيابيّة، تموضعات باقي القوى السياسيّة لتبني على الشيء مُقتضاه. وأوضحت المصادر السياسيّة الزحليّة أنّ القوّات حريصة على الفوز وحدها بما لا يقلّ عن مقعدين في زحلة، وإلا تكون قد سجّلت تراجعاً كبيراً في هذه الدائرة الانتخابيّة، وخيارات تحالفاتها مفتوحة من «الكتائب» إلى «المُستقبل» ومع غيرهما أيضاً.

ومن بين اللاعبين المُؤثّرين في مجريات معركة دائرة زحلة الانتخابيّة، حزب «الطاشناق» حيث يبلغ عدد الأرمن الأرثوذكس 8604 ناخبين، أي ما نسبته 4,99%، لكن الحزب الأرمني الأقوى لا يستطيع الفوز بالمقعد الأرمني وحده، حيث أنّه غير قادر على تأمين «الحاصل الانتخابي»، ما يستوجب انخراطه في تحالف سياسي مع إحدى القوى الأساسيّة في المدينة أو أكثر. كما يبرز من جهة أخرى الحُضور السرياني في المدينة البقاعيّة مع 5491 ناخبا، أي ما نسبته 3,18% من إجمالي الناخبين. ولفتت الأوساط السياسيّة الزحليّة إلى أنّه إضافة إلى الأحزاب والعائلات نجحت عدّة شخصيّات في فرض نفسها.

وختمت الأوساط كلامها بتوقّع أن تكون دائرة زحلة أكثر دائرة تتوزّع فيها أصوات الناخبين على اللوائح، لتنال كل لائحة متنافسة نائباً واحداً أو نائبين على أبعد تقدير. وأضافت أنه إذا كان قانون النسبيّة قد رفع من قيمة أصوات الناخبين عُمومًا، فإنّه في معركة زحلة الانتخابيّة، كل صوت له أهميّته!