IMLebanon

عوامل متشابكة تهدد بتأجيل المؤتمرات الدولية

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: لم ينه تحديد موعد انعقاد المؤتمر الدولي الخاص بدعم الاقتصاد اللبناني والذي يعرف بـ”سيدر 1” أو “باريس 4”، الشكوك في إمكانية تأجيله لاعتبارات عدة بعضها مرتبط بالوضع الداخلي اللبناني وبعضها الآخر له علاقة بالمشهدين الإقليمي والدولي.

وكان وزير المالية اللبناني علي حسن خليل قد أعلن في مؤتمر صحافي بداية الأسبوع أن المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد اللبناني تقرر يوم 6 أبريل المقبل.

وسيسبق هذا المؤتمر بشهر مؤتمر آخر برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري في بيروت تحت مسمى “الاستثمار في البنى التحتية في لبنان”، في محاولة لتحفيز المستثمرين على دعم البنية التحتية المتهالكة في هذا البلد من خلال تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وقال رئيس الوزراء سعد الحريري الأربعاء “نحن متحمسون لمؤتمر ‘سيدر’ الذي سيعقد في باريس في شهر أبريل المقبل، وقد أعدت الحكومة سلسلة مشاريع إنمائية تعتزم طرحها أمام المؤتمر، وتشمل مجالات الكهرباء والمياه والاتصالات والطرقات والنقل الجماعي والمطار، وغيرها من المشاريع التي تفيد البلد وتؤمن فرص عمل للشباب وتحدث نموا في الاقتصاد”.

وترى أوساط سياسية أن حماسة اللبنانيين لمؤتمر “سيدر” وغيره من المؤتمرات الدولية التي خصصت لدعم لبنان اقتصاديا وعسكريا  كمؤتمر “روما” المعني بدعم الجيش والأجهزة الأمنية ومؤتمر “بروكسل” المهتم بتخفيف عبء اللاجئين عن لبنان، وجميعها مقررة في النصف الأول من العام الحالي، قد تكون مبالغا فيها لجهة أن الأجواء الحالية تبدو سلبية لعقدها في مواعيدها المفترضة.

وتشير هذه الأوساط إلى وجود جملة من المؤشرات التي توحي بفرضية التأجيل خاصة بالنسبة لمؤتمر “سيدر1” ومنها التسريبات التي تتحدث عن تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان المقررة في مارس إلى أبريل، وأيضا غياب الموفد الفرنسي المكلف بالتحضير لاستحقاق “سيدر” بيار دوكان، عن  المؤتمر الصحافي الاثنين، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن باريس لم تعد مستعجلة لانعقاده.

وقام دوكان قبل أيام بجولة خليجية قادته إلى كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر، ووفق التسريبات فإن المسؤولين في الرياض خاصة لم يبدوا أي حماسة للمشاركة في هذا الاستحقاق، واعتبرت مصادر لبنانية أن موقفهم طبيعي لجهة عدم التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس، التي كان جدد العهد معها في التسوية الرئاسية الثانية التي تراجع بموجبها سعد الحريري عن استقالته من منصب رئاسة الوزراء في ديسمبر الماضي.

وكان الحريري أعلن في 4 نوفمبر عن استقالته بسبب ما اعتبره محاولات إيران فرض الوصاية على لبنان، وتدخلات حزب الله في المنطقة. ولئن استجاب الحزب جزئيا لمبدأ الناي بالنفس عبر وقف تهجماته الإعلامية على المملكة العربية السعودية، بيد أنه لا يزال موجودا في الساحات المشتعلة بالمنطقة.

ورغم عودة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والسعودية من خلال تعيين سفيرين، بيد أن الحرارة لم تعد حتى الساعة إلى خط بيروت الرياض.

وكشف ممثل مكتب رئاسة مجلس الوزراء مستشار الرئيس الحريري نديم المنلا مؤخرا أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيقوم بجولة خليجية قريبا تحضيرا لمؤتمرات الدعم الدولي للبنان، ويرجح أن تبدأ الجولة بالسعودية التي يعول لبنان على أن يكون لها دور أساسي في مؤتمر باريس على وجه الخصوص.

ويقول مراقبون إن إمكانية تأجيل استحقاق “سيدر1” كما باقي الاستحقاقات الدولية للبنان، لا ترتبط فقط بعدم حماسة الدول الخليجية لتقديم الدعم، فهناك أيضا الموقف الأميركي الذي يبدو عاتبا على القيادة اللبنانية لجهة تصلبها حيال تسوية النزاع الحدودي مع إسرائيل، وقد تتخذ من هذه المؤتمرات ورقة ضغط إضافية على بيروت.

وعاد نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد مجددا إلى بيروت حيث التقى الأربعاء بعدد من المسؤولين من بينهم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، وقائد الجيش جوزيف عون، وغادر بعدها لبنان دون أن يدلي بأي تصريحات، ما يؤكد أن الأزمة تراوح مكانها.

وقال مصدر كبير في الحكومة اللبنانية إن جعبة ساترفيلد خلت من أي خطط جديدة وإن المحادثات لا تزال تدور حول خط هوف. وأوضح مصدر في وزارة الخارجية أنه ناقش مسألة المنطقة محل النزاع وكيفية حفاظ لبنان على حقوقه وعدم تأثر عمليات الاستكشاف والتنقيب. وشدّد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، في وقت لاحق الأربعاء، على أنّ معادلة إسرائيل حول النفط والحدود “مرفوضة قطعا”، مؤكدا أنها “لن تمر”.

وتصاعد التوتر بين إسرائيل ولبنان منذ توقيع الحكومة اللبنانية على اتفاق مع تحالف لشركات عالمية يضم توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية للتنقيب وإنتاج النفط والغاز في منطقتين بالبحر المتوسط إحداهما منطقة “الامتياز 9” تقول إسرائيل إنها تضم مياها تابعة لها، فيما تنفي بيروت ذلك وتعتبرها ضمن مياهها الإقليمية.

وفي محاولة لإيجاد تسوية لهذه المعضلة كلفت الإدارة الأميركية ساترفيلد بمهمة الوساطة بين الطرفين، عارضة خطة سبق وأن طرحها الدبلوماسي الأميركي فريدريك هوف عام 2012 وتتضمن حصول لبنان على نحو ثلثي مساحة المنطقة المتنازع عليها والتي تعرف بـ”البلوك 9” ومنح نحو الثلث لإسرائيل.

ودخل الخميس الماضي وزير الخارجية ريكس تيلرسون على الخط حينما ناقش في بيروت هذه المسألة مع كل من رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، بيد أن الموقف اللبناني كان غير متجاوب، وتم ترك الموضوع بعهدة ساترفيلد الذي بقي الجمعة في لبنان لإقناع المسؤولين اللبنانيين بجدوى خط هوف قبل أن يذهب إلى إسرائيل ومن ثم يعود إلى بيروت مجددا، حاملا معه وجهة النظر الإسرائيلية.

ويرى مراقبون أن عدم التوصل إلى تسوية في هذا الملف، قد يضطر واشنطن إلى استخدام أوراق ضغط على لبنان وبينها المؤتمرات الدولية المخصصة لدعمه.

ويقول مراقبون إن هناك عوامل أخرى وهي داخلية محضة قد تؤثر سلبا على مؤتمر باريس من بينها عدم التزام لبنان باتخاذ إصلاحات اقتصادية جدية، حيث إلى اليوم الإصلاح الوحيد الذي أعلن عنه هو تخفيض ميزانيات الدوائر الحكومية بنسبة 20 في المئة، هذا فضلا عن المخاوف من عدم التوصل إلى إقرار ميزانية العام 2018 قبل موعد المؤتمر.

وشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد على ضرورة الإسراع في إقرار مجلس الوزراء لموازنة 2018 وإرسالها بالسرعة اللازمة إلى المجلس، محذرا من أنه إذا لم تصل الموازنة قبل 5 مارس فإن هناك شبه استحالة لإقرارها، كما أن المؤتمرات الدولية ستتأثر بالموضوع.