IMLebanon

هل تدخل إيران وإسرائيل في مواجهة مباشرة؟

كتب محمد أمين في صحيفة “القبس” الكويتية:

أُصيب كثير من الإسرائيليين بالصدمة لرؤية طائرة مقاتلة من سلاحها الجوي الذي لا يقهر متناثرة في جبال الجليل، وهيمنت على التغطيات الاعلامية في ذلك اليوم. ولكن السؤال الأكثر أهمية هو: لماذا نجح السوريون للمرة الأولى منذ عام 1982 في إسقاط طائرة إسرائيلية؟

من الناحية الواقعية، فإن فقدان طائرة واحدة أكثر من مئة غارة جوية إسرائيلية على أهداف داخل سوريا على مدى السنوات السبع الماضية، يعتبر سجلاً ممتازاً بكل المعايير.

وعلى الرغم من وقوع عدد من عمليات الاختراق للمجال الجوي الإسرائيلي منذ عام 2006 من قبل طائرات من دون طيار إيرانية، نفّذها «حزب الله» أو «حماس». وبطبيعة الحال، لا بد ان ضباطا إيرانيين قد اشرفوا على تلك العمليات عن كثب، ولكن الطائرة الاخيرة، كانت المرة الأولى، على حد علمنا، التي كانت فيها الطائرة من دون طيار تسُيّر مباشرة من قبل الإيرانيين. وليس من خلال وكلاء. وهذه السابقة لا تتعلق فقط بالطائرات من دون طيار.

لقد ظلت إسرائيل وإيران في حالة حرب منذ بداية الثمانينات، عندما تم تأسيس «حزب الله» كميليشيا تقاتل الوجود العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان، تحت اشراف ايران. ومنذ ذلك الحين، واصلت إيران حملتها ضد إسرائيل من خلال وكلاء مثل «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» ونظام الأسد في سوريا.

حالة حرب

وأما اسرائيل، فكثيرا ما شنّت حملاتها ضد إيران على شكل عمليات استخبارات سرية ــــ وفقا لمصادر إعلامية أجنبية ـــــ وباستخدام وكلاء من جماعات المعارضة لنظام الملالي في طهران. ولكن لم يحدث ابداً أن خاض البلدان مواجهة عسكرية مباشرة.

ولا توجد الآن حالة حرب رسميا مع ايران، كما هي الحال في القانون بين إسرائيل وبعض الدول العربية منذ عام 1948. فقط في عام 2011 تم سن القانون الذي يحظر التجارة مع «الدول المعادية» والذي شمل إيران.

وهذا التحوّل المفاجئ في الاستراتيجية الإيرانية الراسخة، والذي تضمّن قيام قوة من الحرس الثوري للمرة الأولى باختراق المجال الجوي الإسرائيلي، ما زال يحيّر كثيراً من المسؤولين الإسرائيليين. فقد صرّح قائد القوات الجوية الاسرائيلية، الجنرال تومير بار، بأنه ليست لديه حتى اللحظة، أي فكرة عن المهمة التي كانت الطائرة الايرانية من دون طيار تريد تنفيذها.

واضاف «ربما كانت عملية جمع معلومات استخباراتية والهجوم، ربما كانوا حاولوا اختبار قدراتنا ودرجة اليقظة لدفاعاتنا. ومن المهم جدا بالنسبة الينا أن نفهم ما ذا كان الهدف من المهمة، ولكن لا أستطيع الكشف عن ذلك في هذه المرحلة».

ومن غير المرجح ان تكون مهمة الطائرة الايرانية، هجومية، حيث لم يتم العثور على اسلحة او متفجّرات بين شظاياها. وربما تكون عملية الاستطلاع أكثر منطقية، ولكن إذا كانت هذه هي الحال، فلماذا لم يستخدم «فيلق القدس» أحد وكلائه لتنفيذ المهمة، كما كان يفعل في الماضي؟

محاولة استدراج

ويرجّح بعض المحللين الإسرائيليين النظرية القائلة إن الغارة كانت محاولة ناجحة «لاستدراج الطائرات الإسرائيلية إلى فخ الصواريخ». ولكن إذا كان الإيرانيون يستخدمون الطائرات من دون طيار لإغراء إسرائيل في هجوم مضاد، لماذا التضحية بطائرة «شاهد 141»؟ فهذه الطائرة تمثّل أحدث طراز من صناعة الطيران الإيرانية، وهي استنساخ لطائرة التجسّس الأميركية RQ- 170 التي سقطت في أيدي الإيرانيين عام 2011. وكان يمكن تحقيق نفس الهدف باستخدام طائرة من دون طيار أقدم وأقل كلفة.

أحد التفسيرات التي قدمها معارضون إيرانيون في المنفى، استنادا إلى مصادر تابعة للقوات الجوية للحرس الثوري، أن الخطة كانت الحصول على لقطات من القواعد الإسرائيلية لاستخدامها في احتفالات الذكرى التاسعة والثلاثين للثورة الإسلامية، باعتبارها اثباتاً على قدرات إيران الاستراتيجية وتفوقها على العدو الصهيوني، وكان من شأن ذلك أن يحول الانتباه عن الاضطرابات الداخلية في إيران.

فشل ذريع

وإذا كانت هذه هي الحالة، فإن المهمة فشلت بشكل ذريع، فقد أسقطت الطائرة من دون طيار لحظة دخولها المجال الجوي الإسرائيلي. وفي احتفالات الذكرى السنوية للاحتفالات، لم يأت أحد على ذكر إسرائيل وهيمن موضوع الوحدة الوطنية على الفعاليات.

لقد كانت إيران وإسرائيل حليفتين استراتيجيتين قبل الثورة الايرانية عام 79، وهما دولتان غير عربيتين في الشرق الأوسط تشتركان في التنافس والعداء في كثير من الأحيان مع الأنظمة العربية السنية. وبالنسبة الى آية الله روح الله الخميني، فإن الحرب التي لا تنتهي مع إسرائيل، تمثّل حجر الزاوية للثورة الإسلامية، ولكن بعد 39 عاما من اندلاع هذه الثورة، ومع فتور الحماسة الثورية في إيران، قد يشعر خلفاء الخميني بأنهم أكثر حاجة إلى مواجهة أكثر مباشرة من أجل الإبقاء على جذوة الثورة.