IMLebanon

قانون الانتخابات ضيّع الجميع! (بقلم رولا حداد)

الثابت الوحيد في هذه الانتخابات أن كل الأفرقاء، باستثناء الثنائي الشيعي، ضائعون في خياراتهم، لناحية أي تحالفات يعتمدون. ولذلك فإن الأحزاب والتيارات والشخصيات تتهيّب إعلان لوائحها وقراراتها في انتظار إجراء حسابات دقيقة في قانون أذهل الجميع من دون استثناء لناحية تفاصيله التي يقفون أمامها عاجزين عن أي توقعات أو ترجيحات.

وفي هذا السياق تبدو توقعات العاملين في الإحصاءات مضحكة- مبكية، إذ إنها لا تستند على أي واقع فعلي، ليس نتيجة أرقام كل طرف وحجمه، بل نتيجة أن توزيع المقاعد في هذا القانون يتم بشكل أفقي، ما يجعل من سابع المستحيلات معرفة من سيفوز من كل لائحة بعد احتساب الحاصل الانتخابي، وبغض النظر في أحيان كثيرة عن حجم الأصوات التفضيلية لكل مرشح. فعلى سبيل المثال، ولفهم الصورة ليس أكثر، قد يفوز مرشح أرمني في دائرة البقاع الأوسط بعدد أصوات تفضيلية أقل بكثير من مرشح أرمني آخر حاز على نسبة أعلى من الأصوات التفضيلية على لائحة ثانية، لأن التوزيع الأفقي للمقاعد فرض توزيعاً معيناً للمقاعد، ومنطق هذا التوزيع لا يزال خارج أي قدرة على الاحتساب لدى مختلف الأفرقاء!

هكذا تبدو الصورة ضبابية، وفي حين يكفل الحاصل الانتخابي لأي لائحة عدد المقاعد التي ستنالها، إلا أن أحداً لا يستطيع التكهّن بمن سيكون سعداء الحظ من هذه اللائحة للوصول إلى الندوة البرلمانية بغض النظر عن الأصوات التفضيلية، التي وإن كان دورها مهماً إلا أنه لن يكون حاسماً في تحديد الفائزين من كل لائحة.

وفي حين لا تدرك الشريحة الكبرى من اللبنانيين تفاصيل هذا القانون وكيفية احتساب الرابحين، إلا أن المعنيين أدركوا هذه الوقائع والتفاصيل متأخرين ما جعلهم في ورطة لا يُحسدون عليها. وهذه الحقيقة تحديداً دون سواها هي ما يُعرقل عملية تأليف اللوائح وإعلان التحالفات في معظم الدوائر الانتخابية، وليس أي اعتبارات أخرى، لا سيادية ولا سياسية ولا مبدئية، لأن الأكثرية الساحقة من الأطراف جعلت أولويتها المطلقة في هذه الانتخابات زيادة عدد مقاعدها في مجلس النواب، بغض النظر عن أي مبادئ أو ثوابت.

هكذا تتضح الصورة بأن الصورة لم تتضح بعد لدى كل الأحزاب والتيارات السياسية والشخصيات، وهي لا تبدو أنها ستتضح قريباً، وستبقى المفاوضات قائمة حول احتمالات التحالف بين الجميع حتى يوم 26 آذار، حين يصبح الجميع مرغمين بتقديم لوائحهم إلى وزارة الداخلية لا حول لهم ولا قوة، لتبدأ بعدها المعارك الطاحنة بين أعضاء اللائحة الواحدة لأن فوز مرشح من اللائحة قد يعني خسارة مرشح آخر، ما سيجعل هذه المعركة الانتخابية الأكثر فرادة من نوعها في تاريخ الانتخابات النيابية في لبنان بحسب قانون سيكون على الأرجح قانوناً لمرة واحدة لن تتكرر!