IMLebanon

زيارة العلولا… حل معضلة تحالفات الحريري!

يجد “تيار المستقبل” وزعيمه رئيس الحكومة سعد الحريري صعوبة في بلورة تحالفات انتخابية نتيجة لعدة عوامل بعضها مرتبط بالداخل، في علاقة بمطبات القانون الانتخابي الجديد وما خلفته أزمة استقالة الحريري من فتور مع بعض الحلفاء التقليديين، والبعض الآخر بالإقليم.

وتقول أوساط دبلوماسية لصحيفة “العرب” اللندنية إن الزيارة التي بدأها الاثنين موفد الديوان الملكي السعودي المكلف بالملف اللبناني نزار العلولا إلى بيروت قد تحمل معها مفتاح حل معضلة التحالفات بالنسبة للحريري الذي بدا مترددا بين التحالف مع التيار الوطني الحر القريب من حزب الله وبين العودة ورص الصفوف مع قوى من داخل تكتل 14 آذار المنهار أو المغامرة والسير منفردا في معظم الدوائر خاصة وأن القانون الانتخابي القائم على النسبية مع الصوت التفضيلي يجعل من خيار التحالف سلاحا ذا حدين.

وأطل الحريري الأحد من داخل قاعة للتدريس رفقة عدد من التلاميذ الذين لم يفوتوا الفرصة لطرح كل ما يتبادر في أذهانهم البريئة من أسئلة لا يجرؤ ربما الكبار على طرحها ومنها ما يتعلق بحظوظ تيار المستقبل في الانتخابات النيابية المقبلة ليجيبهم بتلقائية أنه من المرجح أن تتراجع حصة المستقبل بالنظر إلى تعقيدات القانون الجديد بيد أنه سيحرص على التقليل من الخسارة.

وفي سؤال عن طبيعة العلاقة بينه والمملكة العربية سعودية ولماذا لم يقم بزيارة الرياض منذ أزمة استقالته أجاب الحريري أن “الفرصة” لم تسنح لذلك.

ويبدو أن هذه الفرصة باتت متاحة حيث قدم الموفد السعودي نزار العلولا خلال لقاء جمعه بالحريري في وقت لاحق، بالسراي الحكومي دعوة إليه لزيارة المملكة.

واقتصر لقاء العلولا مع الحريري على تبادل التحيات والكلام الموجز ولم يدم أكثر من عشر دقائق وفق مصادر لبنانية. وذكرت المصادر أن العلولا اختار ان يكون اللقاء مع سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، مطولا تبعه دعوة عشاء أقيمت على شرفه.

وقال الحريري عقب الاجتماع مع العلولا “السعودية هدفها الأساسي أن يكون لبنان سيد نفسه، وهي حريصة على استقلال لبنان الكامل، وسنرى كيف سنتعاون معها في شأن المؤتمرات الدولية المقبلة”.

وترجح مصادر مطلعة أن تتم زيارة الحريري للرياض الأربعاء المقبل أي بالتزامن مع انتهاء جولة المبعوث السعودي.

وكان العلولا قد التقى في بداية جولته في لبنان والتي رافقه فيها الوزير المفوض في الديوان الملكي وليد البخاري، إلى جانب الحريري وجعجع الرئيس ميشال عون، فيما اعتذر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن اللقاء لانشغالاته، وفق ما أكدته مصادر مطلعة.

وربما ستتم برمجة لقاء بين الجانبين خلال اليومين المتبقين من زيارة الموفد السعودي.

ونقل الموفد السعودي خلال لقائه بعون الذي لم يدم سوى دقائق معدودة رسالة شفهيّة من الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد فيها دعم سيادة لبنان واستقراره ومتانة العلاقات اللبنانية- السعودية.

أما الرئيس عون فأكد لضيفه رغبة لبنان في إقامة أفضل العلاقات مع السعودية منوها بوقوف المملكة إلى جانب لبنان.

ويعتبر مراقبون أن زيارة الموفد السعودي في هذا التوقيت بالذات تحمل أكثر من دلالة لجهة أن لبنان على موعد مع انتخابات نيابية حاسمة، وأيضا مع مؤتمرات دولية مخصصة لدعمه، ويعوّل البلد على أن تكون للدول الخليجية مساهمة كبيرة في نجاحها وخاصة مؤتمر “سيدر” لدعم اقتصاده المتدهور والذي ستحتضنه العاصمة الفرنسية باريس في مارس المقبل.

وتؤكد هذه الزيارة وتوقيتها على اهتمام سعودي بإعادة الحرارة إلى خط بيروت الرياض، كما أن دعوة الحريري لزيارة المملكة هي مؤشر على رغبة سعودية في طي صفحة الملابسات التي رافقت أزمة استقالة الأخير التي أعلنها من الرياض في نوفمبر الماضي قبل أن يتراجع عنها في ديسمبر بعد اتفاق جديد يقوم على النأي بلبنان عن صراعات المنطقة والذي لم يطبق إلا جزئيا وترجم ذلك في كف حزب الله لسانه عن التهجم على المملكة.

وخلال لقائه مع مجموعة من الطلبة رد الحريري على سؤال بشأن السبب الذي دعاه إلى تقديم استقالته من الرياض وليس بيروت قائلا “أردت أن يكون المشهد أكثر دراماتيكية”، مشبها الوضع الذي كان عليه بأنه عبارة عن “ملعب غولف، الجميع يصرخ فيه” فكان عليه حينها أن يتخذ موقفا وينسحب.

وشدد الحريري على أن الوضع الآن مغاير حيث إن الأداء الحكومي اختلف وأصبح هناك تجانس وعمل كفريق موحد. وبالتأكيد فإن الحريري سيحرص على إيصال هذه الصورة إلى الرياض. ويتوقع أن يركز المبعوث السعودي خلال جولته المهمة على مسألة التحالفات الانتخابية وبالتأكيد سيحرص على إعادة ترميم العلاقة بين المستقبل والقوات التي تضررت بفعل أزمة الاستقالة.

وتواجه القوات نفس الصعوبات بالنسبة للتحالفات الانتخابية ولم تعلن حتى الآن أي موقف واضح بشأنها، ورأى البعض أن رئيسها سمير جعجع يراهن على دور الموفد السعودي لتحقيق اختراق في هذا الملف وإحداث دفعة في العلاقات المستقبلية القواتية ما قد يفتح الباب لدخولهما في تحالف في أكثر من دائرة.

وجدير بالذكر أن التواصل بين القوات والمستقبل قد شهد زخما خلال الأيام الأخيرة بعد فترة برود، وزيارة نزار العلولا سيكون لها تأثيرها على هذا المستوى، فالسعودية لن يكون من صالحها البقاء على الحياد في ما يتعلق بالاستحقاق النيابي لأن ذلك سيعني تكريس الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي في هذا البلد.

وأبدت دوائر سياسية لبنانية مخاوف من أن تنجح الثنائية الشيعية الممثلة في حزب الله وحركة أمل في الحصول على الأغلبية في المجلس النيابي المقبل، وتعزز ذلك القوة التنظيمية التي أظهرها الطرفان اللذان نجاحا في تجاوز مطب التحالفات على خلاف باقي القوى السياسية في لبنان.

وتمنى النائب محمد الصفدي في تغريدة عبر حسابه على تويتر أن “تُسفر زيارة الموفد السعودي نزار العلولا إلى بيروت عن أفضل النتائج وتؤدي إلى غسل القلوب من أي سوء تفاهم سبق وأن حصل في الأشهر الماضية”.