IMLebanon

معركة المستقبل في طرابلس: تطويق انتفاضة كبّارة والتضييق على المنافسين

كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:

في غضون أيام، زار أحمد الحريري طرابلس مرتين، ولأجل هدفين، أولهما، حلّ الأزمة مع آل كبارة، وثانيهما، محاولة شدّ عصب الشارع الطرابلسي. لم تظهر بعد أي نتائج إيجابية لهاتين الزيارتين.

عاد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، أمس، إلى طرابلس، بعد آخر زيارةٍ قام بها لعاصمة الشمال… نهاية الأسبوع الماضي. البلبلة التي سبّبها ترشح كريم كبارة نجل الوزير محمد كبّارة إلى الانتخابات النيابية، استدعت من تيار المستقبل «الاستنفار» في محاولةٍ من قيادته لتطويق «الانتفاضة الكبّارية».

في الأيام الأخيرة، بات التيار الأزرق هو عنوان الحدث الانتخابي في دائرة طرابلس ــ المنية ــ الضنية. لا يكاد يلتقط أنفاسه، حتى تواجهه مصيبة من نوعٍ آخر، تتمحور حول سببٍ واحد: الصراع على الصوت التفضيلي بين محمد كبّارة وسمير الجسر، خاصة أنّ تيار المستقبل يتبنّى رسمياً الجسر، ومن المفترض أن تؤول أصوات ماكينة آل الصفدي إليه. أزعج ذلك «أبو العبد»، فقرّر «فرض» ترشيح نجله على قيادة «المستقبل». قبل ذلك، كان وزير العمل يُرسل إشارات سلبية إلى فريقه السياسي. أخبر رئيس الحكومة سعد الحريري مراراً أنّه لم يعد يرغب في الترشح، فلم يؤخذ برأيه. وحتى بعد ترشيح نجله كريم، لا يزال مسؤولون في «المستقبل» يُصرون على أنّه «لا مُرشح على لائحتنا سوى محمد كبارة»، ويتعاملون مع ترشيح الابن بوصفه مُجرّد مناورة.

الإشارة الثانية، تمثلت بتوقف الوزير كبارة عن المُشاركة في النشاطات الشعبية والسياسية التي يُنظمها تيار المستقبل في الشمال. حتى أنّه لم يُشارك أمس في الاجتماع الذي حصل في مكتبه، وضمّ أحمد الحريري وكريم كبارة. حُجة «المستقبل» أنّ كبارة «مُرتبط بجلسة مجلس الوزراء، وهو موجود في بيروت منذ ليل الثلاثاء الماضي».

كلام أحمد الحريري بعد اللقاء مع كريم، يؤكد أنّه حضر لامتصاص حالة الغضب، والتي بدأ أنصار كبارة يُعبرون عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قال الحريري إنّ «أبو العبد كبارة هو بالنسبة إلينا البوابة الخاصة لهذه المدينة… وكلّ من يُحاول إشاعة أنّ العلاقة معه ثانوية، واهم في سعيه إلى محاولة أن يضرب لبنة صلبة».

وفي موازاة أزمة كبارة، يُحاول أحمد الحريري إعادة لمّ الشمل في الشارع الطرابلسي، «وهو يتصل شخصياً ببعض المفاتيح ويُخبرهم أنّه سيذهب لتناول الطعام معهم»، بحسب أحد هؤلاء، من دون إغفال دور الأجهزة الأمنية «المُستنفرة خدمةً لتيار المستقبل. يُحاولون التضييق على المفاتيح الانتخابية لمختلف القوى السياسية، وتحديداً تيار العزم والوزير السابق أشرف ريفي».

اللائحة الانتخابية لتيار المستقبل، من المتوقع أن تضم، قاسم عبد العزيز وسامي أحمد فتفت في الضنية، كاظم الخير في المنية «رغم النقمة الكبيرة على تيار المستقبل»، وفي طرابلس: محمد كبارة، سمير الجسر، ديما الجمالي، جورج بكاسيني (المقعد الماروني)، نعمة محفوض (المقعد الأرثوذوكسي). ولم يُحسم بعد ما إذا كان سيُعتمد ترشيح شادي نشابة، الذي يواجه معارضة مستقبلية، مع ارتفاع أسهم فهد المقدّم وصالح المقدّم ووليد الصوالحي. أما عن المقعد العلوي، فليلى شحود هي الأكثر ترجيحاً.

وينتظر أشرف ريفي لائحة تيار المستقبل، ليحاول «قنص» عددٍ من المُرشحين من دربها. ففتح، مثلاً، خطوطاً مع أنطوان حبيب (عن المقعد الأرثوذوكسي)، مُحاولاً استمالته لضمه إلى لائحته، بعد أن فضّل تيار المستقبل النقابي نعمة محفوض عليه. أما عن المقعد الماروني، فالمرشح هو حليم زعني. ريفي موجود حالياً في الولايات المتحدة الأميركية مُحرضاً على المقاومة اللبنانية، في وقت يجد صعوبة في إنهاء تشكيلته الانتخابية. المحسومون هم ريفي ومحمد غمراوي ووليد قمر الدين وعبد المنعم علم الدين وبدر عيد (المقعد العلوي). عن المقعد السنّي الخامس، «طلبنا من نظام مغيط تقديم ترشّحه، إذا لم نجد مُرشحاً خامساً، علماً أننا نريده أن يدير الماكينة الانتخابية في القلمون». في المنية لم يُختر أحد بعد، وفي الضنية، ثمة مقعد واحد محسوم سيكون لراغب رعد.

على جبهة فيصل كرامي، فقد «أنهينا اليوم (أمس) الاتفاق مع جمعية المشاريع مُمثلة بطه ناجي، لتُصبح اللائحة تضم حتى الآن: كرامي، جهاد الصمد (المقعد السني في الضنية)، ورفلي دياب (يمثل تيار المردة للمقعد الأرثوذكسي في طرابلس)»، كما يقول كرامي، مُضيفاً: «نُحاول حلّ العقد الواحدة تلو الأخرى». عرض كرامي الترشح على عربي خليل عكاوي، ولكنّه رفض. ثمّ انتقل بمفاوضاته مع الدكتور الجامعي أيمن العُمر، ابن التبانة، «وهناك كلام جدّي معه من دون الحسم». باستثناء ذلك، لا تظهر أسماء جدّية أخرى. حتى عن المقعد الماروني، لم يُتخذ بعد القرار «بدعم حنا الشاطر، أو ترك المقعد شاغراً بسبب عدم الرغبة في ترشيح منافس للوزير السابق جان عبيد، الذي كان يكنّ له الرئيس عمر كرامي محبّة خاصة». أما في المنية، «فالقصة قصة أرقام. هناك حسابات يجب أن نقوم بها». وفيما يبرز رأي يُعبّر عنه تيار المردة، بأنّه لا يجب أن يكون هناك مُرشح ثانٍ إلى جانب جهاد الصمد، لا يستبعد كرامي ترشيح اثنين في الضنية «ولكن كنا ننتظر إقفال باب الترشيحات، والمفاوضات مع الحلفاء على اللائحة».