IMLebanon

“المحكمة الدولية”.. هل تُنصف الشهداء وتُحاكم المجرمين؟

رفضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمكلفة بالتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، في جلسة الأربعاء طلبا لتبرئة أحد المتهمين الأربعة من تهمة الضلوع في عملية الاغتيال.

وقال القاضي ديفيد ري رئيس هيئة القضاة أن المحكمة “وجدت أن الادعاء قدّم ما يكفي من الأدلة التي يمكن أن تستند إليها في إدانة” حسين عنيسي. وتدارك القاضي أن المحكمة “لا يزال بإمكانها تبرئة عنيسي في نهاية المحاكمة” في حال لم يتمكن الادعاء من إثبات التهم “بشكل قاطع”.

وكان الادعاء قد أنهى مرافعته الشهر الماضي ضد عنيسي وثلاثة آخرين يشتبه بانتمائهم إلى حزب الله اللبناني، ويحاكمون جميعا غيابيا في هولندا.

وقبل بدء مرافعات الدفاع، قال محامو عنيسي إنه يجب إسقاط التهم الخمس الموجهة ضده لأن الادعاء لم يقدّم أدلة كافية.

ووافق القضاة على أن معظم الأدلة المقدّمة ضد عنيسي، والتي يستند معظمها إلى تسجيلات من شبكات الهواتف النقالة وشرائح الهواتف المستخدمة في الهجوم، هي ظرفية. إلا أن القاضية جانيت نوزوورثي قالت “عدد المصادفات كبير لدرجة أن المحكمة لديها أدلة كافية يمكن الاستناد إليها لإدانة عنيسي بالضلوع في الهجوم على الحريري”.

ويواجه حسين عنيسي (44 عاما) خمس تهم أبرزها تسجيل شريط فيديو مزوّر نقل إلى مكتب قناة “الجزيرة” القطرية في بيروت يتبنّى اغتيال الحريري باسم تنظيم إسلامي وهمي.

وكشفت تحقيقات لجنة التحقيق الدولية أن الحريري قتل بتفجير شاحنة من نوع “ميتسوبيتشي – كانتر” يقودها انتحاري لم تُحدد هويته، وشكّلت هذه العملية التي اعتبرها مجلس الأمن الدولي “إرهابية” منعرجا كبيرا في تاريخ لبنان، من تداعياتها انتهاء الوصاية السورية على لبنان بخروج الجيش السوري في ربيع العام 2005، وانقسام لبنان إلى معسكريين سياسيين الأول 8 آذار ويقوده حزب الله والثاني 14 آذار ويقوده تيار المستقبل الذي يتزعمه نجل رئيس الوزراء الراحل سعد الحريري.

اعتبرت المحكمة الخاصة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أن الأدلة التي قدّمها الادعاء كافية لإدانة حسين عنيسي أحد عناصر حزب الله، والذي يحاكم مع 3 آخرين غيابيا، حيث يرفض الحزب تسليمهم.

ويقول سياسيون لبنانيون لصحيفة “العرب” اللندنية إن القوى المدافعة عن سيادة لبنان ممثلة في القوى التي انضوت تحت غطاء 14 آذار لم تستطع مراكمة الإنجازات في هذا الصدد لعوامل عدة لعل من بينها سيطرة الحسابات السياسية، ما أدى في النهاية إلى انفراط عقدها، وتحول لبنان بشكل تدريجي إلى الوصاية الإيرانية عبر ذراعها حزب الله المتهم باغتيال الحريري.

وهناك اليوم محاولات لإعادة تصويب مسار الأمور والعودة إلى الثوابت التي بني عليها التحالف، وذلك بدعم من قوى إقليمية بيد أن ذلك لا يبدو سهلا.

ويبقى الأمر الذي يعوّل عليه اللبنانيون لإعادة الاعتبار للحريري الأب حاليا هي المحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتياله. وبلغت المحكمة أشواطا متقدمة في التحقيق وهي اليوم في مرحلتها النهائية المخصصة للاستماع للدفاع عن المتهمين، والتي ستعقبها مرحلة التداول بين قضاة الغرفة الأولى للمحكمة تمهيدا للنطق بالحكم. ووفق خبراء لا يمكن تحديد موعد النطق بالحكم، ولكن على الأرجح أن ذلك سيتم قبل نهاية العام الحالي، ما لم تطرأ مستجدّات جديدة.

وأصدرت المحكمة الخاصة بلبنان خمس مذكّرات توقيف منذ العام 2011 بحق عناصر في حزب الله الشيعي اللبناني، الذي رفض التهم، كما رفض بشكل قاطع تسليم المتهمين.

والمتهمان الاثنان الرئيسيان هما مصطفى بدرالدين الذي كان يلقبه المحققون بـ”العقل المفكر”، قتل في سوريا، وسليم عياش الذي قدم على أنه الشخص الذي قاد الفريق الذي نفذ عملية الاغتيال. وبدأت المحكمة عملها في الأول من مارس 2009 في لاهاي وهي أول محكمة جنائية دولية تتيح محاكمة المتهمين غيابيا.