IMLebanon

النظام يضيّق في الغوطة وأنقرة تحقق “اختراقاً” في عفرين

فيما سيطرت القوات التركية على أكبر بلدات عفرين، وأعلنت أيار موعداً لإنهاء عملية «غصن الزيتون» العسكرية، من دون أن تكشف إن كانت هذه العملية ستمتد إلى منبج، تواصل القوات النظامية السورية تضييق الخناق على فصائل المعارضة في غوطة دمشق الشرقية حيث فتحت ممراً إنسانياً جديداً لإخراج المدنيين، فيما أجبر القصف العنيف الأمم المتحدة على إرجاء إدخال قافلة مساعدات إنسانية إلى المنطقة. ووسط إصرار دمشق على إنهاء وجود الفصائل في آخر معاقلها قرب العاصمة، جدّدت فرنسا دعوتها روسيا وإيران إلى استخدام نفوذهما على دمشق لضمان احترامها قرار الأمم المتحدة الداعي لوقف النار لمدة 30 يوماً.

وفي ظل ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين إلى 900 قتيل منذ بدء الحملة العسكرية في شباط الماضي في الغوطة، ظهرت في وقت متقدم من مساء الأربعاء- الخميس، عوارض اختناق وضيق تنفس على أكثر من ستين مدنياً في بلدتي حمورية وسقبا بعد قصف استهدفهما. وعالج أطباء في أحد المرافق الطبية 29 مصاباً على الأقل ظهرت عليهم عوارض مشابهة لتنشق غاز الكلور، وفق الجمعية الطبية السورية- الأميركية (سامز) التي تدعم مستشفيات عدة في المنطقة المحاصرة. في هذا الصدد، جدّد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان التهديد بأن فرنسا ستردّ إذا ثبت استخدام أسلحة كيماوية أدت إلى سقوط قتلى في سورية.

من جانبها، حققت القوات التركية وفصائل المعارضة الداعمة لها تقدماً في شمال غربي البلاد، إثر سيطرتها أمس على بلدة جنديرس الاستراتيجية في عفرين. وتُعد جنديرس أكبر بلدة تمكنت القوات التركية وحلفاؤها من السيطرة عليها منذ شنها، في 20 كانون الثاني الماضي، عملية «غصن الزيتون» التي تقول إنها تستهدف المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة بـ «الإرهابيين». ومع سيطرتها على جنديرس، باتت القوات التركية والفصائل الموالية لها تسيطر على البلدات الخمس الرئيسة في المنطقة. كما أصبحت حالياً على بعد عشرة كيلومترات من مدينة عفرين، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». تزامنت هذه التطورات الميدانية مع إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن العملية العسكرية في المنطقة ستنتهي خلال أيار المقبل، من دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل إن كانت القوات التركية ستتوجه بعد ذلك إلى منبج، كما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدد في وقت سابق.

على خط موازٍ، تسعى دمشق عبر الهجوم البري والجوي على الغوطة الشرقية، إلى فصل مناطق سيطرة «جيش الإسلام» عن تلك الواقعة تحت نفوذ «فيلق الرحمن»، بهدف إضعاف المقاتلين وتمهيداً لشنّ هجمات منفصلة ضد الطرفين، كما أفاد «المرصد». وأوضح قائد عسكري في تحالف يدعم النظام أن قواته «توشك على شطر الغوطة إلى قسمين، إذ تلتئم قواته المتقدمة من الشرق مع القوات المنتشرة عند مشارف الغوطة من الغرب»، مشيراً إلى أن القطاع المتبقي من الأراضي التي تفصل القوات المتقدمة من الشرق والغرب لا يمكن استخدامه فعلاً لأنه يقع بالكامل في مرمى نيران قوات النظام، «ما يجعل من المستحيل على مقاتلي المعارضة العبور بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من الجيب». وشدد على أن هذا يعني «بالعِلم العسكري» أن المنطقة تم تقسيمها.

غير أن الناطق باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان نفى هذه التطورات، فيما أكد أبو أحمد الدوماني، وهو مقاتل في «جيش الإسلام» على إحدى جبهات القتال، أن «لا شيء ثابتاً، والمعارك دائرة فيما لا تمكن معرفة ماذا سيجري».

إلى ذلك، أرجأت الأمم المتحدة أمس إدخال قافلة مساعدات إنسانية تحمل مواد غذائية وإمدادات طبية إلى الغوطة الشرقية نتيجة القصف العنيف الذي تشنه قوات النظام بموازاة تصعيد هجومها البري. وذكرت الناطقة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في دمشق ليندا توم: «لم تتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها اليوم من العودة إلى دوما لأن السلطات السورية لم تمنح القافلة إذناً للتحرك لأسباب أمنية».

من جانبه، أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بياناً في شأن تأجيل القافلة، أكد فيه أن «الأمم المتحدة لا تزال تتلقى تقارير عن تصعيد القتال في الغوطة وقصف دمشق». وحضّ الأطراف كافة على السماح الفوري بالدخول الآمن، ومن دون عوائق، لمزيد من القوافل لإيصال الإمدادات الضرورية.

كما أصدر رئيس المجلس المحلي لمدينة دوما «نداء استغاثة» ناشد فيه «الدول الفاعلة والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والضمير العالمي، وضع حد لهذه الجرائم البشعة التي فاقت التصور، إذ يستخدم (النظام) الأسلحة كافة، والكيماوية منها، ضد شعب أعزل ومناطق مكتظة بالسكان»، مطالباً بـ «إدخال مساعدات طبية وإغاثية فوراً».