IMLebanon

“حزب الله” يتخوف من اختراقات انتخابية في معاقله التقليدية

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:

تعكس تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأخيرة بشأن أهمية المعركة الانتخابية في دائرة بعلبك – الهرمل بالبقاع الشمالي حجم القلق الذي يسيطر على الحزب من حدوث اختراقات، لما لذلك من دلالات سياسية وشعبية قد تنسف الصورة التي لطالما سعى الحزب أن يرسمها لنفسه.

وبدأ حزب الله منذ أسابيع حملة انتخابية في البقاع الشمالي، بعد أن تمكّن مبكرا من نسج تحالف مع حركة أمل الشيعية على خلاف باقي القوى التي لم تحسم أمرها بعد في ظل تعقيدات القانون الانتخابي الجديد، والتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي والتي أثّرت على التحالفات السابقة.

ويقدّر عدد الناخبين في البقاع الشمالي بنحو 308 آلاف و997 شخصا، ويشكّل الشيعة نحو 74 في المئة منهم، فيما النسبة الباقية تأتي تقريبا مناصفة بين السنّة والمسيحيين (الموارنة والكاثوليك).

وتكتسي المنطقة أهمية كبرى بالنسبة إلى حزب الله فرغم كونها بعيدة عن مركز القرار بالنسبة إليه أي الضاحية الجنوبية ببيروت، بيد أنه لطالما اعتبرت معقلا رئيسيا للحزب، وخزانا بشريّا لا ينضب من المقاتلين الذين يتم تجييرهم لصالح مشاريع إيران في المنطقة.

وخلال السبع السنوات من الحرب السورية لقي المئات من شباب البقاع حتفهم خلال قتالهم لفائدة نظام الرئيس بشار الأسد وطهران، الأمر الذي ولد شعورا متناميا بالامتعاض والتململ في المنطقة.

ويتعزّز هذا الشعور مع فشل ذريع لنواب الحزب، على مدار السنوات الماضية في الوفاء بتعهداتهم لجهة تحسين الوضع الإنمائي داخل المنطقة التي تعاني حالة من التهميش واستشراء البطالة، الأمر الذي أدّى إلى تحوّل البقاع الشمالي إلى مرتع للعناصر الإجرامية.

ولطالما حرص حزب الله على إنكار حالة الاحتقان السائدة في المنطقة والتعتيم عليها، بيد أنه اليوم يواجه تحديّا جديّا في أن تفضح الانتخابات النيابية حقيقة ما يجري.

وأكثر ما يثير مخاوف الحزب هو مقاطعة أبناء الطائفة الشيعية في دائرة الهرمل – بعلبك الاستحقاق، الأمر الذي سيجعل اللوائح المقابلة قادرة على تحقيق اختراق، خاصة في ظل قانون الانتخابات الجديد القائم على النسبية زائد الصوت التفضيلي، والذي يختلف عن سابقه (قانون 1960) في كون الناخب لا يصوّت فقط على التوجه السياسي بل أيضا للشخص المرشح.

وحثّ نصرالله في كلمة له ألقاها عبر الشاشة خلال لقاء لأعضاء الحزب في دائرة بعلبك – الهرمل، ليل الخميس الجمعة “على ضرورة المشاركة بكثافة في الاستحقاق الانتخابي”، وقال “في حال رأينا أنّ هناك وهنا في الإقبال على الانتخابات في بعلبك -الهرمل فسأذهب بنفسي شخصيّا لأتجوّل في قراها ومدنها وأحيائها للسعي إلى إنجاح اللائحة مهما كانت الأثمان ولو تعرّضت للخطر”.

وشدد “لن أسمح ولن نسمح أن يمثّل حلفاء النصرة وداعش أهالي بعلبك – الهرمل، وأهالي بعلبك – الهرمل لن يسمحوا لمن سلّح النصرة وداعش أن يمثّلوا المنطقة”، في إشارة إلى بعض اللوائح المستقلة.

ويرى مراقبون أن إطلالة نصرالله وتصريحاته تعكس حالة من الارتباك الشديد، وقلقا لم يكن موجودا من قبل من حصول اختراقات من اللوائح المقابلة رغم أنها لم تكتمل بعد. ويقول هؤلاء إن نصرالله في خطابه بدا وكأنه يستجدي البقاعيين للتصويت للائحته، وهذا أمر ليس معهودا ويعكس إدراكه لتراجع شعبية الحزب الكبيرة، والتي عمل على إنكارها على مدار السنوات الماضية.

ويعلم نصرالله أن هناك عدم رضا واضح على إعادة ترشيح أسماء أثبتت فشلها، ومن هنا جاء تركيزه على دغدغة مشاعر البقاعيين عبر شخصه.

وتطرّق نصرالله إلى تجربته في المنطقة موضحا “عشت في بعلبك الهرمل بين عامي 1979 و1986 وكنت مسؤول منطقة حينها وكنت أزور وأتجول في شوارع كل المدن والمناطق في البقاع”.

وسأل “كيف كان وضع هذه المناطق قبل 1982؟ وكيف أصبح بعد 1982 و1992 إلى يومنا هذا؟” مؤكدا أن “هناك الكثير من الإنجازات”.

وقال “السؤال الصحيح ليس ماذا قدّم حزب الله للمنطقة، السؤال الصحيح هو ماذا قدّم هؤلاء المرشحون في اللوائح الأخرى من الذين يقتاتون على مائدة السفارات؟”، في تلميح على ما يبدو لتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية الذي يخشى الحزب من قدرتهما على إحداث المفاجأة في حال اجتمعا معا.

وبالنظر إلى خواء حصيلة الحزب من المشاريع التنموية في المنطقة، عمد نصرالله في كلمته اللافتة على التركيز على أهمية الجانب الأمني، وقال في هذا السياق “خلال حرب يوليو 2006، لولا وزراء المقاومة وحلفاؤها لما تنازل الفرنسيون عن المطالب بسحب سلاح المقاومة”.

وتابع “الإسرائيلي تنازل والحكومة كانت تصرّ على نزع السلاح، لولا وجود وزرائنا وحلفائنا ودولة الرئيس الأستاذ نبيه بري والرئيس إميل لحود حينها لما حصل ما حصل لحماية المقاومة”.

ويقول سياسيون إن تولّي نصرالله بنفسه قيادة معركة الهرمل – بعلبك تأتي لمخاوف من أن تحدث مفاجأة غير سارة، في المقابل لا يبدو أنّ القوى المقابلة وعلى رأسهم تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، على قدر التحدي لجهة استمرار التباعد بينهما وفشلهما حتى اللحظة في التوصل إلى توافق لتشكيل لائحة مشتركة هناك.